عاشوراء بين الجاهلية القديمة و المعاصرة

( محمد المرهون )

يا ترى هل نعيش الآن حالة الجاهلية القديمة ؟

سطّر الخطيب الحسيني الشيخ أمجد الأحمد محاضرته في ليلة الحادي عشر من ليالي عاشوراء العظيمه محاضرته الهادفة و التي تحمل عنواناً مثيراً وهو ( عاشوراء بين الجاهلية القديمة و المعاصرة )

و تصدّرت المجلس الآية المباركة :" أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ "

و إنطلق في حديثه من ثلاثة محاور

-المحور الأول / الجاهلية مرحلة أو حالة؟ ..

و بدأ المحور بسؤال قال فيه :

هل الجاهلية مرحلة إنتهت أو هي صفات إذا توفرت في مجتمع قيل له مجتمع جاهلي ؟

تعددت الاراء في تفسير معنى الجاهلية :..

- لبعض يرى أنها حالة الجهل الذي هو خلاف العلم والمعرفة.

- فريق آخر يرى أنّ الجاهلية هي الجهل بالله وهي مرحلة كانت قبل بعثة النبي الأعظم لأن ذلك المجتمع يجهل المعرفه التوحيدية

- فريق آخر يرى أنّ الجاهلية تعني الطيش و السفه و الغضب و استدلوا بقوله تعالى ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) أي إعرض عن السفهاء..

ويرى الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كتابه( بين الجاهليه والاسلام) .. وجاء فيه أنّ الجاهلية منهج في الحياة مضاد للمنهج الإسلامي. متى ما توفر في المجتمع منهج يتعارض مع القيم الإسلامية يكون المجتمع جاهلي ..

أول من اطلق مفهوم الجاهلية هو القران الكريم واستعمله على الفترة ما قبل بعثة النبي الأعظم هو القرآن الكريم ومن جهة اخرى اطلقه على الممارسات الخاطئة التي لا تنسجم مع حقيقة الاسلام و جاء ذلك في أربعة موارد :

1. " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ " وهذه جاهلية سياسية ..

2. " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ " وهذه جاهلية إجتماعية ..

3. " إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ " وهذه الجاهلية العصبية القبلية..

4. " يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ " وهذه جاهلية عقائدية..

وبهذا يختم الشيخ محوره الأول بعد أن بين أنّ الجاهلية حالة ممكن أن تتكرر في كل مجتمع يتسم بصفات تلك الجاهلية .

# المحور الثاني / مظاهر من الحياة الجاهلية القديمه و المعاصرة..

وقبل الدخول للمحور لفت الشيخ الحضور إلى التركيز جيداً على هذا المحور لما يحمل من دلالات مهمة و تصحيح لمفاهيم يعتقدها البعض انها من الاسلام ..

* مظاهر الجاهلية القديمة

كان المجتمع الجاهلي قبل بعثة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله وسلم يمتاز بالإنحطاط في مختلف جوانب الحياة

في الجانب الديني كانوا يعبدوا الأوثان و الأصنام وقد بينت ذلك الزهراء عليها السلام في خطبتها ( فرأى الأمم فرقا في أديانها..)

و انتشرت عندهم الخرافات و الشعوذه و الأساطير و السحر .. وكانوا يفسروا أي ظاهرة كونية بمزاجهم و هذا للأسف يحدث الآن فعندما تهب عاصفة رملية يقول البعض لأن فلان مات و غيرها

وفي الجانب الأخلاقي لا يتورعون عن الرذائل و انتشرت الزنا و شرب الخمر و العياذ بالله ..

صحيح يمكن تميزوا ببعض الصفات الجميلة مثل الكرم و حماية الأعراض ولكن حتى هذه يعتريها الجهل .. كانت القيم الأخلاقية لديهم غير منضبطة بالضوابط العقلية ..

* مظاهر الجاهلية الحديثة :

للأسف مازالت بعض ظواهر الجاهلية القديمة مترسبة في زماننا رغم رفع راية الإسلام إلاّ أنّه مازال هناك مظاهر للجاهلية في زماننا المعاصر ومنها:

1- حالة الفرقة والاحتراب التي يعاني منها المجتمع الاسلامي فهناك الحقد و الكراهية و الغاء الطرف الاخرعلى إختلاف الرأي و التكفير و التضليل بمجرد عدم التوافق على رأي واحد و المشاحنات و البغضاء .. ..

2. التعصب في الرأي و هذا يغلق الفكر و العقل و أصبح المسلم يعتقد بشئ معين ويرى انه الحق المطلق فيرفض الحوار مع الآخر و يعتقد أنّ الطرف المقابل هو الباطل الذي لا ريب فيه.. و كذلك التعصب الديني و القبلي و الطائفي و التعصب العنصري و القومي فصرنا طرائق قددا ..

3. وأد البنات ولكن بطرق مختلفة عما كانت عليه في الجاهلية القديمة إنه وأد معنوي

بمعنى الكثير من الرجال ينظر للمرأة انه ليس لها حقوق و لا إحترام فلا ينظرون لها بنظرة إنسانية فيبعدونها عن الحياة الإجتماعية

وهناك تصورات خاطئة مثل نها خلقت من ضلع اعوج و أنها شر لابد منه و يعتمدون في ذلك على روايات يُوضع عليها علامات استفهام كثيرة ..

وينعكس هذا التصور على الواقع العملي فتجد معدل العنف الاسري مرتفع جدا في المجتمعات الاسلامية ..

قال النبي ( ما أكرم النساء إلّا كريم و ما أهانهن إلاّ لئيم ) ..

وعنه ص( من لطم زوجته لطمة أمر الله مالك خازن النيران ان يلطمه 70 لطمه في نار جهنم )

و للأسف مازال البعض يمنع المرأه من التثقيف و التعليم في العلوم الدينية والإنسانية لتبقى جاهلة و دورها فقط في المطبخ و تلبيه رغبات زوجها ..

و البعض يمنع المرأه من الإنخراط حتى في خدمة المجتمع ..

ولم يغب عن الشيخ أمجد بعض العادات والتصورات الجاهلية التي تحملها المرأة عن نفسها

بسبب الإعلام الغربي فتكون المرأة لا هم لها سوى المظاهر المادية و الموضات و الفساتين و تغيير الديكور و الكنب و الستائر و تنظر لغيرها وتريد أن تحاكيه فأصبح همها الوحيد أن تعيش كما تعيش تلك المرأة في المسلسلات و الأفلام فأصبح للأسف الكثير من البنات خاويات لا يجيدون مقومات الحياة الزوجية خصوصاً مع إنتشار وسائل التواصل التي أفسدت قيمة الأسرة ..

وختم الشيخ محوره الثاني ليدلف للمحور الثالث و الأخير بعد الصلاة على محمد و آل محمد ..

المحور الثالث/ الإمام الحسين ثورة ضد الجاهلية ..

قام الإمام روحي فداه بهذه الثورة العظيمه من أجل محاربة الجاهلية التي أرادت بنو امية ان تعيدها إلى الواقع الإسلامي فيعيش الناس ممزقين و ليبقوا تحت سيطرتهم ..

و في لفت رائعة من الشيخ قال :

إحياء ذكرى الحسين يعني أن نحارب الجاهلية التي انتشرت في مجتمعنا و بهذا نكون نحيي ذكراه .. فلا فائدة ان نحيي ذكراه و نحن نمارس قيم الجاهلية ..

جاء يزيد ليحارب الاسلام و يعيد قيم الجاهليه مثل شرب الخمر و الزنا و الفوضى و الاستبداد و الطغيان و التعصب ..

فقام سيد الشهداء بثورته الخالدة و ضحى بنفسه و عياله فداء للدين و لإحياء القيم الإسلامية المحمدية الأصيلة ..

للاستماع اضغط هنا