شيخ حسين العباد :مستحبات الإفطار

( بريد الشبكة )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. (25 ـ 28)

في الحديث عن الإمام الصادق (ع): «للصائم فرحتان: فرحةٌ عند إفطاره، وفرحةٌ عند لقاء ربه». (الكافي، الكليني4: 65)

نبارك لكم حلول شهر رمضان المبارك، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته في هذا الشهر الكريم.

لقد قرن الإمام الصادق (ع) فرحة الإفطار بفرحة لقاء الله تعالى، لأهمية هذه الفترة. ومن هنا نحاول أن نقدم بشكل مختصر آداب الإفطار ومستحباته وأيهما يقدَّم، الصلاة أم الإفطار؟.

إن أهل البيت (ع) لم يدعوا لنا فترة لا نستفيد منها في هذا الشهر الشريف، بل أرادوا لنا أن نستثمر كل لحظة في هذا الشهر، وهو شهر الله، شهر الرحمة والمغفرة والبركة.

والكثير منا لا يعلم ما هو الفضل والبركة في هذه الفترة، وهي فترة الإفطار، التي قرنها الله تعالى بلقاء المؤمن ربه كما في الرواية الشريفة. فهذه الفترة من فترات استجابة الدعاء. وهنالك الكثير من الأمور التي حثت عليها الشريعة في هذه الفترة، وحببتها لنا، كي نصل إلى مرحلة الكمال المنشودة في هذا الشهر الشريف.

إن الإنسان إذا دخل امتحاناً، وخرج منه بنجاح، وكان من وعده بالجائزة كريم، فهل نتوقع أن الجائزة ستكون قليلة أو صغيرة؟ أم أننا نتوقع أنها ستكون مناسبة لمن وعد بالجائزة؟ فكيف لو كان صاحب الوعد هو الغني المطلق، وهو الباري جل وعلا؟ لا شك أن الجائزة ستكون كبيرة، تتناسب ومن وهبها ومنحها، وهو الباري جل وعلا.

هنالك أدعية مأثورة وردت عنهم (ع) عند الإفطار، فمن ذلك ما ورد عن الإمام علي (ع) أن الصائم يستحب له أن يقول عند الإفطار: «بسم الله، اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا، فتقبله منا، إنك أنت السميع العليم». (مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي2: 626). فهذا من المستحبات الواردة في هذا الشأن.

وهنالك دعاء آخر عن الإمام الصادق (ع) يستحب أن يدعى به وقت الإفطار، وهو أن يقول عند الإفطار: «اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا، فتقبله منا، ذهب الظمأ وابتلت العروق، وبقي الأجر». (الكافي، الكليني4: 95).

وهنالك سورة تسمى بعروس القرآن، وهي سورة القدر، التي اختصت بهذه الليالي المباركة، فيستحب أن يقرأ الصائم هذه السورة طيلة هذه الليالي، لا سيما في وقت الإفطار. ففي الرواية الواردة عن الإمام السجاد (ع): «من قرأ سورة القدر في وقت السحور والإفطار، ثم مات ما بينهما، فإن له ثواب من استشهد في سبيل الله مضرجاً بدمه». (زاد المعاد، الشيخ المجلسي: 85).

والأمر الآخر المتعلق بهذا الشأن هو: ما هو المستحب تناوله وقت الإفطار؟ فهل هنالك نوع معين من الطعام يستحب تناوله؟

لقد ورد في الروايات الشريفة أن هنالك بعض الطعام يستحب الافتتاح به، فمن ذلك ما ورد عن رسول الله (ص) أنه يستحب الافتتاح بالحلواء، والرطب إذا كان وقته، أو بالتمر إذا كان وقته. فإن فُقد ذلك كله أفطر بماء فاتر.

فعن الإمام الصادق (ع) قال: «كان رسول الله (ص) إذا أفطر بدأ بحلواء يفطر عليها، فإن لم يجد فسكرة أو تمرات، فإذا أعوز ذلك كلُّه فماء فاتر». (الكافي، الكليني4: 153).

والأمر الآخر الذي يذكر في هذا الشأن : أيهما يُقدم، الصلاة أم الإفطار؟ فالمتعارف عندنا، وهو الصحيح شرعاً أن تقدم الصلاة على الإفطار، إلا في حالتين : الأولى في حال عدم التمكن، كأن يكون مريضاً أو يعاني من شدة العطش، لا سيما في مثل هذه الأجواء التي قد تتجاوز الخمسين درجة مئوية. ففي مثل هذه الحال له أن يقدم الإفطار على الصلاة، ولا يقلّ ثواب الصلاة. فالله تعالى يريد بنا اليسر وليس العسر.

والثانية إذا كان هنالك قومٌ ينتظرون على مائدة الإفطار، سواء كانوا معذورين أم لا. ففي مثل هذه الحال يجوز تقديم الإفطار وعدم تأخيرهم.

ففي الرواية عن الإمام الباقر (ع) قال: «في رمضان تصلي ثم تفطر، إلا أن تكون مع قوم ينتظرون الإفطار، فإن كنت تفطر معهم فلا تخالف عليهم، وأفطر ثم صلّ». (وسائل الشيعة، الحر العاملي10: 150).

وعن الإمام الصادق (ع) أنه سئل عن الإفطار، أقبل الصلاة أو بعدها؟ فقال: «إن كان معه قومٌ يَخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم، وإن كان غير ذلك فليصلّ ثم يُفطر». (وسائل الشيعة، الحر العاملي10: 150).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.