
2008/01/12 | 0 | 792
النظام سمة شرعية وحضارية ( الليلة الثالثة من شهر محرم لسماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد
وبهذه الضمانة تتكامل شخصية الإنسان ، وكذا المجتمع إذ أن المجتمع بدون نظام لا يستقر، ولا يتقدم أبداً ، وأهل البيت عليه السلام هم من أوجد النظام من الله سبحانه ، ثم قاموا بنقل التعاليم والنظم والآداب الإسلامية إلى عامة الناس بغرض هدايتهم إلى سواء السبيل ، ولا يمكن أن تكتمل شخصية أي مجتمع من المجتمعات إذا خليت من النظام ، ولذا يأتي هنا سؤال وهو لماذا نختار طريق أهل البيت دون غيره في تحديد معالم النظام ؟ .ً لأن الله سبحانه في كتابه أمرنا بطاعة أهل البيت عليهم السلام حيث قال :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ] هذا صريح العبارة في التزام نهج رسول الله وأهل بيته عليهم السلام ، لكن هناك مخالفتين لهما وجهان إن أجمعنا بأن الأمة الإسلامية تحب أهل البيت عليهم السلام ، والمخالفتان : مخالفة صغرى ، وتعني أن الإنسان يسلم و يقر بحق أهل البيت عليهم السلام بواجب إتباعهم في أمر الدنيا والآخرة ، لكن يشغله عن طاعتهم ومخالفتهم الهوى و الذنوب و اتباع الشيطان ، حيث لا يستطيع التغلب على كبح جماح هواه ولزوم طاعة أهل البيت عليهم السلام ، أما المخالفة الثانية مخالفة كبرى ، وهي أن ذلك الإنسان الذي يدين لأهل البيت بالحبة ويقر بالمودة لهم كما ذكرها القرآن الكريم ، لكنه يرى أن أهل البيت عليهم السلام علماء مكرمون مجتهدون عاديون ، وليس بالضرورة لزوم نهجهم وتعاليمهم ولا يعطي خصائصهم حقها ، كالعصمة ، وعلم بعض الغيب من الله سبحانه ، وتمام معرفتهم بأحكام القرآن خصوصا وعموما ، كما قالت الزهراء عليها السلام مخاطبةً القوم الذين غصبوا حقها : " أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومة من أبي وابن عمي !!! فنعم الحكم الله والزعيم محمد " . وقد يأتي سؤال ما هو دليلكم عملياً على أن نهج أهل البيت هو الأصلح لشؤون الأمة ؟ والجواب : لو نظرت بعين الإنصاف في قضيا الطلاق عند فرق المسلين تجده معضلة كبيرة حيث بلفظ بسيط في ساعة غضب وطيش يُهدم بيت و تُشتت عائلة لمجرد أن قال : " أنت طالق " ، انظر إلى المحاكم كيف ملئت من قضيا الطلاق بهذه الصورة ، بينما عند أهل البيت لا يتحقق الطلاق الفعلي إلا بشروط من ضمنها أن يكون في تمام هدوئه وقناعته وكامل قواه العقلية مع وجود الشهود وغيرها من المعوقات التي تحفظ هذا البيت من الضياع والخراب ، وهذا جزء من مقصد الزهراء عليها السلام حين تقول : " وطاعتنا نظاماً للملة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة " . وهناك مثال آخر حين حّرمت بعض فرق المسلمين زواج المتعة ، فانتشرت ظاهرة الزنا في المجتمع حتى صارت ظاهرة لا يمكن السكوت عنها ، فبدؤوا يفكرون في حل هذه المشكلة التي عجزوا عن حلها ، وهم في نفس الوقت لا يريدون الرجوع والتنازل لفكر أهل البيت عليهم السلام حتى باللفظ لحل هذه المشكلة الاجتماعية ، فأصبحت مسميات عجيبة وغريبة كلها تدور حول ما يذهب إليه أهل البيت عليهم السلام لحماية الشباب من الزنا و الرذيلة ، ومن هذه المسميات المسيار و المسفار و الزواج المدني و الزواج العرفي و ماي فرند وغيرها من المسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وكل ذلك لئلا يتنازلوا ويرجعوا لآهل البيت عليهم السلام ، بينما أهل البيت عندهم الآمان للشباب ، وحل هذه المشكلة وذلك بزواج المتعة التي أحلها الله ورسوله صلى الله عليه وآله ، وقد ذكرها ابن عباس ، وأقرها أحمد بن حنبل وغيرهم .وهناك مثال أخير هو قضية الرضاع عند بعض المسلمين التي برشفة واحدة من صدر امرأة تكون محرمة ، وكثير من قضايا الزواج في المجتمعات الإسلامية تعاني هذه المشكلة ، فتخرب البيوت ، وتضيع الأولاد ، وتحصل المفاسد في المجتمع ، و السبب واضح هو بعدهم عن منهج أهل البيت عليهم السلام ، فلو أخذوا أحكامهم من أهل البيت لكان أمان وحفظ الأنساب وعدم الضياع ، حيث يشترط أهل البيت في الرضاع أموراً إذا توفرت أصبحت محرمة على من رضعت معه ، من ضمنها أن تكون على ما يبدو سبع رضعات مشبعة لا يفصلها شيء كي يكون أخا لمن رضع معه ، وكل ذلك لحفظ النظام في بناء المجتمع مع العلم بأن وجود الإمام في جانب من جوانبه وجود إداري يرعى مصالح الناس ويحفظهم من الوقوع في المشاكل التي تعيق تقدم المجتمع . وهنا يأتي سؤال هل ممكن أن يختفي الإمام ويترك الأمة يحلون مشاكلهم بأنفسهم بدون أن يعطيهم ضمانة في حال وقوعهم في إشكال قد يهدد ضياع المجتمع ؟ الجواب هيهات أن يتركهم بدون ضمانه ، فالإمام الحجة قبل الغيبة ضمن لهم بقاء الفيض واللطف الإلهي من بعده ، وأرجع الناس إلى الفقهاء فقال :" من رأيتموه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فعلى العوام أن يقلدوه " . وأيضا قال : " ارجعوا إلى رواة حديثنا فهم حجتي عليكم وأنا حجة الله " فالمرجع يعد ظلاً للإمام الحجة ، وكلكم يعرف دور المرجعية في النجف الأشرف ، وكيف حفظت العراق من شلالات الدماء ، بسبب تأييد الإمام الحجة عليه السلام وتسديد المراجع في إنقاذ الناس من الهلاك ، وهم صمام الأمان واقعاً في كل المجتمعات ، ورحم الله الشفافية السابقة التي اختفت هذه الأيام ، فقبل سنوات في قناة الجزيرة لما سأل المحاور أحمد منصور في برنامج بلا حدود " ماهو سر تحرك الشيعة جماهيرياً ، وسكوتهم جماهيريا ، وخطابهم جماهيريا ، وشؤونهم جماهيريا ؟ " ،أجابه الدكتور النفيسي : " لأنهم يتبعون مرجعياتهم ويلتزمون أوامرهم ، ويجتنبون نواهيهم ، فهم يمثلهم رجل واحد ، لذلك كأنهم صف واحد إذا ألمت بهم الصعاب التفوا حول مرجعياتهم ". ومثال على حفظ النظام عند المرجعية لما سُئل السيد السسيتاني حفظه الله عن نظام الاقتراع للذهاب للحج ، وكيف أنه يمنع ذهاب من ذهب للحج سابقاً السؤال هنا هل يجوز التحايل على النظام للذهاب للحج ؟ أجاب السيد : "لا يجوز إذا كان الهدف ذهاب أكبر عدد من الحجاج الذين لم يذهبوا ولا مرة للحج " وكل ذلك لحفظ النظام ، فلماذا سميت الدول المتقدمة بالمتقدمة ؟ لوجود النظام فيها ، وحل مشاكلهم بالنظام ، فمن الأخطاء الشائعة تربية الأبناء على النظافة داخل البيت ، لكن خارج البيت تُترك النظافة هملاً . ونجد السائح في الدول الأخرى بتصرفاته يعكس صورته وثقافته وثقافة مجتمعه حين يسافر ويعمل عملا سلبيا ، فإنه يعطي انطباعا سيئا لأهل ذلك البلاد عن ثقافته وثقافة مجتمعه ، فالمجتمع يقرأ من الشارع مدى ثقافته وحضاريته ، وهناك توصيات للمجتمع وهي : ضرورة وجود المؤسسات التي تعنى بتيسر الزواج من قروض حسنة ، أو تأثيث شقة ، أو دفع إيجار شقة لمدة سنة وغيرها ، وكذلك دعم فكرة الزواج الجماعي . ونعود لحفظ النظام فقد قال الإمام زين العابدين : " نأمر أبنائنا على الصلاة لسبع ، ونضرب عليها لتسع " لماذا ؟ لأن الدراسات تشير بأن هذه المرحلة بين السبع والتسع إذا عنيت بالأوامر والنواهي تكون أحفظ من كل المراحل ، ويكون الصبي فيها أكثر التزاما وحفاظاً على ما تعلمه ولا ينسى ذلك من ذاكرته أبدا ، لكن هناك إهمالا في تربية الناشئة ، وعدم الوعي بأهمية هذه المرحلة . تعنيف الجاني كثير من الذين يتصيدون الأخطاء على الإسلام يدقون على هذا الوتر، ويقولون إنه دين عنف وإرهاب بعيد عن الطرق الحديثة للتربية ، كقطع يد السارق ، أو إقامة الحد على الزاني بالرجم وغيرها التي يرونها من مظاهر العنف كيف نحل هذا الإشكال ؟ والجواب هذه العقوبات للحد من الجريمة في المجتمع ، وحفظ أعراض الناس وأموالهم ، ويكون رادعا قويا لمن تسول له نفسه الإفساد في المجتمع ، بينما تجد الدول المتقدمة كأمريكا مستوى الجريمة لديها يزداد سنويا بالضعف إلى سبعة أضعاف ما كان عليه ، ولا يوجد تفسير منطقي سوى التهاون في عقاب الجاني بما يستحق من عقاب ، فلو أن أبا أعطى ولده سيارة ، وخرج بها إلى الشارع ، وأزعج الناس بالتفحيط وغيرها لا يمكن أن يرتدع من هذا السلوك إلا بحرمانه من هذه النعمة كي يقدر ما أعطي له ويتحمل مسؤولية فعله .
والشاهد من كل ما ذكرناه أنّ الإمام الحسين وقضية خروجه من المدينة إلى كربلاء ، ومقولته المدوية في كل العصور : " ما خرجت أشراً ولا بطراً ومفسداً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمتي جدي أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ". هذا هو شعار الإمام الحسين عليه السلام حينما رأى أن مجتمعة انتشر فيه الفساد وتضيع الحقوق وانتهاك الحرمات و انتشار الظلم ، ووصلت الحال إلى تدهور الوضع الاقتصادي في المجتمع ، فأراد بثورته أن ينقذ الناس من كل هذا بأن يخرجهم من ذل العبودية إلى فضاء الحرية ، بالتزامهم التعاليم السماوية وسننه الكونية و اتباع خلفائه في أرضه . وهذه هي رسالة الأنبياء والمرسلين ، فقد كان مروان بن الحكم ينتزع الملكيات من الفلاحين وينسبها لنفسه ، فيأخذها الحسين ويردها إلى أصحابها وكان يحفظ الأعراض من الظالمين . فسلاما عليك يا أبا عبد الله الحسين وحشرنا الله معك يوم القيامة
تلخيص الاستاذ زاهر العبد الله
جديد الموقع
- 2025-04-27 أقوى تلسكوب في العالم لاستكشاف أسرار الكون
- 2025-04-27 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يدشّن النسخة الخامسة من مبادرة "امش 30"
- 2025-04-27 سمو محافظ الأحساء يرعى الحفل الختامي لميدان الفروسية بالأحساء لعام 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-04-27 زوار معرض الرباط الدولي يشيدون بركن وزارة الشؤون الإسلامية: تجربة معرفية وتقنية تبرز ريادة المملكة في خدمة الإسلام
- 2025-04-27 زواج ثنائي سادة الهاشم (( الدكتور علي والمهندس حسين )) بالاحساء
- 2025-04-26 العمل التطوعي بين التنظير والممارسة
- 2025-04-26 تجربتان شعريتان في أمسية ابن المقرب
- 2025-04-26 أفراح الجاسم بالمطيرفي والبوحسن والخليف تهانينا
- 2025-04-25 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ماتحقق من إنجازات لرؤية المملكة 2030
- 2025-04-25 سمو نائب أمير المنطقة الشرقية: رؤية السعودية 2030 تواصل ترسيخ مكانة المملكة في مصاف الدول المتقدمة