
2008/01/10 | 0 | 632
القراءة كيف ومن أين تبدأ ؟
و هناك أيضا من شغفهم حب القراءة حتى الهيام ، وألف الشعر بين صفحات أبحاثة وطيات كتابه ، حتى قيل ( وخير جليس في الزمان كتاب ) وقيل ( أجعل جليسك دفتراً .... ) وهكذا أخذت الأشعار والحكم مأخذها ممن يحب القراءة ، ومن الطريف أن أحد الشغوفين في القراءة قسم المبيت بين كتابه وزوجته ، فكان يوما لزوجته ، ويوما لكتابه وقراءته .
وسندخل في صلب البحث ، بداية كل مشروع يحتاج إلى عدة أمور وظروف محيطة ، والكل منها يحتاج إلى العقل كركيزة أساسية في دوام أي مشروع يكلل بالنجاح ، وبالذات مشروع القراءة يدوم بدوام العقل ، فمتى ما كان سليما معافى أنتج هذا العقل مؤلفات و المجلدات الكثيرة ، و هنا يأتي سؤال منك عزيزي القارئ ، كيف أبدأ القراءة ؟
وللإجابة نحتاج إلى ثلاث أمور وهي :
1- كلمات التشجيع / من أهل هذا الفن ومحبي القراءة المتذوقين الجيدين في هذا الجانب ، ويكون له بالغ الأثر إذا حصلت عليه ممن تثق بعلمه ودينه ، وتعتز برأيه ، فيدفعك للمزيد من الإطلاع والكتابة و التأليف و البحث وغيرها من الوسائل الثقافية .
2- الظروف الملائمة للقراءة / حيث أن القراءة تختلف كثيراً عن أي مشروع آخر ، فهي تصرف عن عالم الدنيا وما فيها إلى عالم الكتاب وما فيه ، ولقد ذكرنا مثالا في مقدمة البحث كيف أن هناك رجلا قسم وقته بين زوجته وكتابه في مكتبته وكان يضع منامه في المكتبة .
3-الرغبة في القراءة / إذ لا بد لمن يريد القراءة أن تكون لديه رغبة جدية وطويلة الأمد في القراءة كي يبدأ مشواره مع القراءة .
وهناك نصائح لمن يريد القراءة منها : الذهاب إلى من يتذوقون القراءة وأصحاب هذا الفن وعرض عليهم قراءتك في المواضيع المختلفة كي تتغذى منهم ، وتتعلم منهم اختيار المواضيع المناسبة و تعرض كتاباتك عليهم فينقدوها نقداً بناءاً ، فسترتقي بفكرهم ونقدهم ، فعباس محمود العقاد في أيام صغره يكتب بعض القصاصات ويقرأ بعض الكتب وفي أحد الآيام أخذ مدرسه بعض كراسات التلاميذ النشطين في جانب الكتابة من ضمنهم العقاد إلى المفتي ( عبدو ) في زمانه فلما نظر المفتي لكتابة العقاد أعجب بما يكتب وقال في حقه: ( ما أجدر أن يكون كاتباً ) فنقل المعلم للعقاد قول المفتي له ، فكان له الأثر البالغ في نفسه ، فخرجت من تحت أنامله من المؤلفات أشبه ما تكون موسوعة في كثير من مجالات العلم والمعرفة .
س/ هل للقراءة أغراض ؟ نعم هناك أغراض . فهناك من يقرأ لينقل ما يقرأه للناس ، وهناك من يقرأ ليزداد من الثقافة والعلم ليؤلف ويكتب . وهناك من يقرأ ليدرس الثقافة العامة لنفسه،وهناك سؤال يطرح نفسه وهو لماذا نقرأ ؟ تجد في ذهن الإنسان أفكارا متناثرة في عقله ، وتحتاج إلى تبويب وتغذية وترتيب فكيف يرتب كل ذلك من خلال عرض كل فكرة في ذهنه إلى البحث والتحري ومشاركة العقول والبحث في بطون الكتب والموسوعات وصفحات النت وغيرها كي يغذي هذه الفكرة وتكون فكرته ناهضة نافعة ، وهناك مثال يقرب المعنى ، فلو ذهبت إلى الحلاق هناك تجد مرآة أمامك ترى نفسك مكررا فيها عدة مرات حتى حدود المرآة . وكذلك خلفك مثالها . كذلك ذهنك به كثير من الأفكار ، لكن تحتاج لمن يقرآها ويراها من غيرك . كما قال الحديث الشريف : ( المؤمن مرآة أخيه ) . فلو طرحت فكرة ووجدت آذان صاغية كبرت هذه الفكرة ، وازداد تفاعل الناس معها ، وأصبحت فرضية أو نظرية في المدى البعيد ، فكانت نافعة وجيدة إذا كانت الفكرة تهدف إلى بناء الإنسان وتقدمه في مجالات حياته . ونسألك يا شيخنا ماذا نقرأ ؟ الجواب : اقرأ كل شيء وهذا تمرد على ما أنتهجه ، كيف يا شيخ ؟ الجواب : إن كل كتاب لا يخلو من أمور ثلاثة وهي : العبرة ،والفكرة ، والخبرة ).
ونعود للعقاد فقد قرأ كتاب غرائز الحيوانات الحشرات فقيل ما شأنك وهذا الكتاب ؟
!! فيجب الشيخ قائلاً : لعله يستفيد من الفكرة أو العبرة أو الخبرة ، كما لا يفوتنا عميد المنبر الحسيني الدكتور الوائلي طاب ثراه حين قرأ كتاب حياة الحيوان أربع مرات ؟!!! لنفس الغرض عبرة أو فكرة أو خبرة . كذلك لماذا يقرأ الباحثون كتاب التراجم ؟ الجواب لعلك تجد في ترجمة عالم تاريخ أمة بكاملها ، فترى حياة مجتمع من خلال رجل واحد . كذلك قراءة الشعر لماذا نقرأه ؟ ربما تجد في أبيات الشعر ما إن أتعبت نفسك في توضيح فكرة وعمق من الكتابة كي تصف هذا العمق ، فلو كتبت في حبك لأمير المؤمنين علي عليه السلام من الأوراق ما كتبت قد تصل لما تريد التعبير عنه وقد لا تصل إلى عمق ما تريد من كلام طويل لكن لو سمعت هذا الشعر القائل :
لا عذب الله أمي إنها شربت حب الوصي وغذتنيه في اللبن
وكان لي والد يهوى أبا حسن فصرت من ذي وذا أهو أبا حسن
كلمات قليلة تنم عن عمق الولاء الصافي في نفوس محبي أهل البيت عليهم السلام . وقد اعتمد بعض الشعراء الغزل مدخلاً لقصائدهم . وكذلك التاريخ والسياسة وغيرها .
جانب محبوب :
تجد بعض الكتاب من العلماء الكرام يسهرون الليالي لأجل كتابة عدة صفحات معينة مثل الشيخ محمد مغنية ، كان يضطر للسهر ثمان وأربعين ساعة كي يكتب ثلاث صفحات ليستفيد منها الباحثون والقراء * ضيق الأفق / هل القراءة تزيد مستوى الأفق الفكري عند الإنسان ؟
نعم بلا شك حيث الكثير من الناس تفكيره قبل القراءة كان بنمط معين ، وبعد القراءة اختلف كلياً ، فبعض يرى أمرا غير صحيح وغير منطقي وبعد القراءة تجده يغير نظرته . ولذا تجد أبا الحسن قد قرأ الحضارات المختلفة القديمة من اليونانية والهندية والفارسية كلها وقارنها مع الفكر الإسلامي ، وكذا الشهيد الصدر درس الفكر الماركسي و الرأسمالي وغيره من النظريات حتى ترك لنا مؤلفات في اقتصادنا وفلسفتنا . وكذلك الشيخ المظفر كان صاحب منطق متخشب خشن قبل القراءة ، ولكن بعد القراءة في الجرائد و المقالات وغيرها تغير حالة بالكامل .فأصبح مجدد في الإصلاح الديني .
توصيات هامة لمن يريد القراءة وهي :
1- الحاجة إلى مرشد واع ٍ يعينك ويضعك على أول الطريق ، ويحذرك من الكتب الهابطة و الأفكار الضالة وغيرها من متاهات الفكر الثقافي .
2- يكون المرشد على حسب المجال الذي تريد القراءة فيه .
3- اجعل أرشفة كل ما تقرأه أو تكتبه من المواضيع و المقالات .
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حولها للكتابة الاستاذ : زاهر العبد الله
جديد الموقع
- 2025-04-27 أقوى تلسكوب في العالم لاستكشاف أسرار الكون
- 2025-04-27 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يدشّن النسخة الخامسة من مبادرة "امش 30"
- 2025-04-27 سمو محافظ الأحساء يرعى الحفل الختامي لميدان الفروسية بالأحساء لعام 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-04-27 زوار معرض الرباط الدولي يشيدون بركن وزارة الشؤون الإسلامية: تجربة معرفية وتقنية تبرز ريادة المملكة في خدمة الإسلام
- 2025-04-27 زواج ثنائي سادة الهاشم (( الدكتور علي والمهندس حسين )) بالاحساء
- 2025-04-26 العمل التطوعي بين التنظير والممارسة
- 2025-04-26 تجربتان شعريتان في أمسية ابن المقرب
- 2025-04-26 أفراح الجاسم بالمطيرفي والبوحسن والخليف تهانينا
- 2025-04-25 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ماتحقق من إنجازات لرؤية المملكة 2030
- 2025-04-25 سمو نائب أمير المنطقة الشرقية: رؤية السعودية 2030 تواصل ترسيخ مكانة المملكة في مصاف الدول المتقدمة