
2025/04/15 | 0 | 105
القراءة في كتاب المحراب والحياة قراءة في كتاب المحراب والحياة،
تأليف / الشيخ فيصل الخالدي (الكاظمي)، الطبعة الأولى:1420هــ /2000م.
وللمحنة وجه جميل !!:
جرت عادة الحياة على ان تتناوب فيها أيام السرور وأيام الحزن والمحنة.
ومن عاش في الدنيا فلا بد أن يرى
من العيش ما يصفو وما يتكدر
وقد تكون الغلبة لأيام السرور أحياناً، وقد تستحوذ ايام الاتراح والالام على مقاطع واسعة من وجود الانسان، او امة من الامم. وان كان يحلو للإنسان ان يدعي ان ايام سروره قليلة، بل ومعدمة. إذا قيست بأيام الأحزان والرزايا. يقول ابو الحسن التهامي في أبياته المشهورة في الدنيا:
طبعت على كدر وانت تريدها
صفواً من الاقذاء والاكدار
ومكلف الأيام ضد طباعهما
متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما
تبني الرجاء على شفير هار
نعم قد يمر الانسان فرداً، أو أمة بظروف عصيبة خانقة بحيث تطبع الأحزان بلونها القائم على الحياة وايامها. فاذا سادت مثل هكذا أجواء، فان بعض الناس يزيدها سواداً والماً ومحنة!! حيث يساهم في تضخيم تلك الظروف الصعبة، ويعتبرها المحنة التي لم تمر على أحد، ولم تعتصر سواه، ولم تلق غيره بمثل ما لاقته به!!.
ان الاستغراق في الشعور بثقل الأيام، على النفس، وشدة وطأتها على الروح، تكون له آثار سيئة وخطيرة، قد لا يكون اليأس والاحباط أولها ... فيكون الانسان قد احال نفسه إلى ركام محطم بعد ان شلت طاقاته وقدراته وامكاناته.
ولا نريد ان نجافي واقع الانسان، فندعي سهولة التغافل، ونسيان الواقع ذلك في كل الأحوال، حيث لا بد أن يعرف هذا الانسان حجم الآلام في واقعه، كي يكون على بينة من أمره في خططه وأفكاره وطموحاته ... ولكن هذه المعرفة بواقعه المؤلم شيء، وان يضخمها بحيث تحيله متخبطاً في خرائب اليأس القنوط والاحباط شيء آخر. وهناك نقطة في غاية الأهمية، على الانسان المؤمن ادراكها، والوقوف عندها. إذ وهناك نقطة في غاية الأهمية، على الانسان المؤمن ادراكها، والوقوف عندها. إذ هناك فرق كبير وواضح بين الرزايا والآلام التي تواجه الانسان باعتباره بشراً يعيش هذه الحياة ومشاكلها واحزانها الطبيعية الملازمة لها، وبين كونه انساناً مؤمناً يواجه النكبات والمحن باعتبارها ضريبة لتمسكه بدينه ودفاعه عن عقيدته ومبدئه!!.
فرق بين بلاء يقصدك باعتبارك انساناً عادياً وبين بلاء تقصده بلحاظ ايمانك ومواقفك، فرق بين محن تسعى إليك كما تسعى لغيرك، ومحن أنت من يسعى إليها ويختارها!!.
لنعش لحظات مع توجيهات النبي (ص) وأهل بيته (ع) في هذا البعد المقصود للبلاء والمحنة.
عن النبي (ص): (لا تكون مؤمناً حتى تعد البلاء نعمة)!!.
ودعنا نتأمل هذه الرواية الرائعة عن الامام الصادق (ع):
(البلاء زين للمؤمن وكرامة لمن عقل !!، لأن في مباشرته، والصبر عليه، والثبات عنده، تصحيح النسبة الإيمان!!).
اذن حسن التعامل، او لنقل التعامل الايجابي مع البلاء والألم يجعل انتسابك إلى الايمان صحيحاً، فإذا كانت قد جرت عادة المهتمين بالانساب على معرفة ابائك، كي تنسب إلى قبيلة ما، فان الانتساب إلى شجرة الايمان يأتي عبر حسن التعامل مع البلاء!! ونحن حينما نرجع ونقرأ تاريخنا ومواقف المؤمنين الصادقين في الظروف الحرجة، والأيام العصيبة والمواقف المخيفة، حينما نقرأ ذلك كله، نهتف من اعماقنا بالقوة الايمان في نفوسهم ويا لصدقهم مع عقيدتهم!! انه تصحيح النسبة الايمان.
ومن هنا نعلم اننا قد اكتشفنا وجهاً جميلاً للمحنة التي تمر بالمؤمن اذ بها يكتشف عمق الايمان وصدقه معه وثباته عنده.
لنقف مع درس كبير من دروس ثورة الامام الحسين (ع) ، مع موقف جسد حالة الارتباط بالله تعالى : ومواجهة المصائب والشدائد بروح رسالية عالية موقف جاء في خضم أعظم فجائع التاريخ وأشدها ألماً، موقف جسدته الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (ع)، بعد استشهاد أخيها الامام الحسين (ع) ، والصفوة الطاهرة الذين نصروه في واقعة كربلاء وفي ايام السبا المؤلمة، في قصر الامارة بالكوفة، حيث يأتي طاغية عصرها عبيد الله بن زياد تحركه روح الخيلاء الخاوية، والجرأة على الله ورسالته حينما يقف على الحوراء زينب (ع) وحولها الاطفال اليتامى والنساء الثكالى وأمامها رؤوس الأهل والأحبة، يقف ليسألها بكل غطرسة وتكبر : كيف رأيت صنع الله فيك وفي العصاة المردة من أهل بيتك !؟!
یا ترى ما يكون جواب هذه المرأة المحتسبة، بعد كل هذه الآلام والرزايا التي تحيط بها من كل جانب؟ وإذا بها تواجه مواجهة المؤمن بالله، والواثق بنصره، المطمئن إلى موقفه.
واجهته بكلام أحال نصرة المزيف الى هزيمة واقعية منكرة، أحال تكبره إلى احتقار وانهيار، أحال عنجهيتة الى حطام وركام..
قالت ابنة علي (ع) يا ابن مرجانه ... ما رأيت الا جميلاً!! الله أكبر.. قتل الأحبة جميل، يتم الاطفال جميل، ثكل النساء جميل، سبي الذراري جميل رؤوس فوق الرماح جميل ،.... جميل لان ذلك في طاعة الله ومن أجل دينه ونصر مبادئه.
وتشاطرت هي والحسين بنهضة
حتم القضاء عليهما ان يندبا
هذا المشتبك النصول وهذه
من حيث معترك المكاره في السبا
وهذا دروس من دروس كربلاء الخالدة.
جديد الموقع
- 2025-04-23 سمو محافظ الأحساء يكرّم المشاركين في مبادرة "أنثر أثر"
- 2025-04-23 من منبر الجمعة.. الشيخ عادل المرعي: سماحة العلامة الحجة الشيخ جواد الدندن -قدس سره- كان شعاره السير إلى الله سبحانه وتعالى
- 2025-04-23 مجرد تفكيرك في أنك جائع قد يغير جهازك المناعي
- 2025-04-23 29 شاعرًا وشاعرة يتنافسون على لقب "شاعر الجامعة" في التصفيات النهائية بجامعة الملك عبدالعزيز
- 2025-04-23 سمو محافظ الأحساء يفتتح "قرية النخيل" كوجهة ثقافية وسياحية لتعزيز التنمية الزراعية والسياحة الوطنية
- 2025-04-23 أمانة الاحساء تُصدر ٣٩١٤ " شهادة صحية " وتُجري ٥١٠ فحص ميكروبيولجي
- 2025-04-23 الاعتذار .. سهل ممتنع تتهاوى عند أعتابه الرجال
- 2025-04-23 تساؤل عظيم اللغز: ماذا لو وُلدت من جديد؟!
- 2025-04-23 ( قصيدةُ نثرٍ فيها ما ليس فيها )
- 2025-04-22 افراح العبد والدندن والنجاد تهانينا