الفقر و الصراع الأسري يهددان السلم الإجتماعي

هكذا بدأ الخطيب الحسيني الشيخ أمجد الأحمد محاضرته في الليلة الثانية حيث عرض بعض القواعد الهامة ليكون المجتمع مجتمع سلام و أمان و محبة ..

و استهل حديثه بقوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ "

و كان لابد من نموذج لرسالة السلام و الحب وخير نموذج هو الحسين عليه السلام 

و حيث أنّ الدين الإلهي وضع منهج للإنسان ليؤدي المسؤولية الحضارية و لكي يؤدي دوره في ذلك لابد من الأمن و الإستقرار ولا يتوفر ذلك إلا من خلال التالي : 

1.السلم الأسري فإذا تربى في أسرة مستقرة كان له أثر على سلوكه و العكس صحيح .. و ذكر الشيخ دور تقبيل الأبناء و إحتضانهم لأن ذلك يؤدي لشعورهم بالأمان و الثقة .. وكلما زادت المشاكل بين الزوجين أدى لنمو العنف لدى الأبناء .. وعلى الجميع أن يلتفت إلى تربيته لأبنائه فهذا ينعكس على تواجدهم الإجتماعي . 

2. السلم الإجتماعي و قد أسس الإسلام ذلك من خلال إفشاء السلام لأن السلام يعني وعداً ومعاهده بالأمان بينك وبين من تسلم عليه ومن يقوم بما يتنافى مع هذا العهد فهو خائن و يكون سبباً لتدمير السلم الإجتماعي  .

3. رعاية اليتيم حثّ الإسلام على رعايته لانه اذا لم يحتضن بشكل مناسب سيشكل خطراً على المجتمع وأمنه . 

4 . محاربة الفقر . لقد أنشأ الإسلام قواعد لمحاربة الفقر كالصدقة و الزكاة و غيرها ليعيش الفقراء دورا ايجابياً في المجتمع .. فالفقر يهدد السلم و الأمن الإجتماعي 

5. حرمة الاعتداء على الإنسان و على شخصيته فحرّم الغيبة و النميمة . ولا يمكن للإنسان العيش بأمان وهناك من يعتدي على شخصيته كما هو الاعتداء على شخصه . 

6. قضاء حاجة الآخرين و لهذا دعى الاسلام للخروج من الأنانية و ضرورة التفكير في المصلحة العامة وأن لا يقتصر ذلك على فئة أو ديانة بل يكون عطائه للإنسان كما كان أهل البيت ع .

و تطرق الشيخ أمجد بعد ذلك للسلم السياسي و قال فيه أن في المجال السياسي وضع الإسلام القوانين ليحافظ على الإستقرار من خلال تنازل الإنسان عن بعض حقوقه للمحافظة على النسيج الإجتماعي ولنا في ذلك إسوة بالإمام علي عليه السلام الذي كان الأولى بالخلافة لكنه لم يشهر سيفه من أجل مصلحةالإسلام والمسلمين و كذلك الحروب التي خاضها في خلافته كان يؤجل الحرب بقدر الإمكان ولا يحاول التشفي أو التنكيل بالقتل و الثأر الشخصي بل كان يدافع عن الحق لأنه محور الحق .. 

فكانت الحرب عند أهل البيت عليهم السلام هي آخر الخيارات .. ولم يقتلوا أسيراً ولا لم يقتلوا الأطفال ولم يقتلوا الآمنين ولم يجهزوا على جريح و لم يقتلوا النساء ولم يقتلوا تشفيّاً أو إنتقاماً فكانوا عليهم السلام خير من يلتزم بالإنسانية و كانوا رسل سلام و محبة ورحمة ولهذا يعتبروا دروساً للأجيال و للأمة .

وفي ظل تفاعل الحضور لما يطرحه الشيخ تطرق الشيخ أمجد لقيمة السلام في نهضة الإمام الحسين عليه السلام و كانت لغة جسده دليل على قوّة التحضير و سلامة الدليل ولهذا إنشدّ الجميع لما يقوله بهدوء و سكينة فقال في ذلك رداً على من يقول أنّ الحسن يدعو للسلام و الحسين يدعو للحرب  

 كان الإمام الحسين عليه السلام شريك للإمام الحسن عليه السلام في صلحه مع معاوية و إلتزم الحسين ببنود الصلح حتى بعد إستشهاد أخيه الحسن عليه السلام رغم أنّ معاوية نقض الصلح و قتل الشيعة فكان الإمام الحسين يرسل الرسائل له إستنكاراً على ذلك و بقي 20 سنة مسالماً و ملتزماً وحتى عندما تولى يزيد فالإمام لم يثير الشغب او يرعب الامنين او قطع طريق بل قال ( إنما خرجت لطلب الإصلاح ) وإنما تحرك الإمام للحفاظ على سلم الأمة .لكن القوم أصروا على محاربته و قتله و سفك دمه و سبي نسائه . ولاحظوا يا أحبة أنّ الإمام الحسين عليه السلام بكى على قاتليه رأفة بهم و خاطبهم قبل أن يقدموا على جريمتهم النكراء ولهذا كان بأبي هو و أمي نسخة من الرحمة المحمدية .. كان يحمل في قلبه السلام و المحبة لأنّه تربى في منزل السلام و الأمان و المحبة .

وهنا استشهد الشيخ بأبيات الشاعر الأحسائي سيد عبدالمجيد الموسوي حيث يقول في حق الامام الحسين ع : 

كون من الرحمات يملأ قلبه 

وطقوس حب من عبير دعائه 

أفعل رأيت محاربا يبكي على 

قوم أتو يسعون نحو فنائه 

أفهل رأيت محاصرا فقد القوى 

يدنو بوردته الى أعدائه 

أهل رأيت مجاهدا وسط الوغى 

ظمئان يسقي قاتليه بمائه 

فالحسين هزم أعدائه  بالقيم و المواقف و المبادئ ..

حتى عندما سمع الإمام عن موت معاويه قال انّا لله وانّا اليه راجعون فلم يسبه و لم يشتمه ولم يظهر الفرح والشماتة  ..

كان عليه السلام يحمل كل القيم الإنسانية ولهذا بقيت ثورته خالدة على مر العصور . 

و للاستماع الى المحاضرة كاملة اضغط هنـا