
مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2018/09/30 | 0 | 1837
الشيخ حسين العباد: : وقفة مع الغيبة الصغرى
( بريد الشبكة )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. (طه: 25 ـ 28).
جاء في التوقيع الذي وصلنا عن الإمام المهدي (عج) : «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم». ( كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق2: 484).
وجاء في التوقيع الآخر عنه (عج) : «فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه». (وسائل الشيعة، الحر العاملي27: 131)
فللإمام المهدي (عج) غيبتان، الصغرى والكبرى، أما الصغرى فلم يغب فيها عن الأمة غياباً تاماً ومطلقاً، إنما كان هناك سفراء، وكان يلتقي أيضاً بالخواص من الأتباع والمحبين والمريدين من المؤمنين. ففي هذه الفترة كان الإمام موجوداً بين المؤمنين، ولم يكن غائباً بالكامل كما في الغيبة الكبرى، فكانت تصله في الغيبة الصغرى المسائل الشرعية عن طريق النواب الأربعة الذين جعلهم الإمام (عج) وثبتهم، وأكد على الرجوع إليهم، والمقطعان من الروايتين، اللذان افتتحنا بهما هذه الخطبة، يرجعان إلى الغيبة الكبرى، لأن الإمام (عج) بين الرجوع في الغيبة الكبرى لمن يكون؟ فلم يعين شخصاً بعينه، إنما وضع عنواناً عاماً، وهم رواة الحديث والفقهاء. قال: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم». والحوادث الواقعة هي جميع المسائل المستجدة في حياة الناس، مما لم يتبين لهم فيها الجواب، فهذه يُرجع فيها إلى رواة الحديث وهم العلماء الفقهاء.
وفي المقطع الثاني يبين صلوات اله وسلامه عليه بعضاً من مواصفات الفقيه الذي يُرجع إليه، ومنها أن يكون صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه، فللأتباع والمريدين والمحبين أن يرجعوا إليه.
والفقيه المراد الرجوع إليه لا يكتفى بكونه فقيهاً عارفاً بالمسائل الشرعية واستنباطاتها، فهذا لا يختص بمن أوصى به الإمام الحجة (ع)، إنما يستطيعه الكثيرون، وقد ذكرت لكم في مناسبات سابقة أن أحد الغرباء جاء إلى النجف، وحضر الدروس، وبلغ مرحلة الاجتهاد، ثم بعد فترة من الزمن توارى عن الأنظار واختفى.
وشاء الله تعالى أن أحد العلماء الكبار في النجف الأشرف مرض وأراد أن يسافر للعلاج، ولم يكن هنالك طيران آنذاك، إنما كانت البواخر، فركب السفينة إلى الهند لغرض العلاج، وإذا به يتفاجأ أن قبطان تلك الباخرة ممن رآه سابقاً واجتمع معه في يوم من الأيام، ثم تذكر أنه كان قد اجتمع به في النجف الأشرف.
فسأله واستفسر منه، فقال له القبطان : أنت آية الله فلان. فتعجب من قوله. ثم قال له القبطان : وأنا آية الله فلان. فازداد عجبه. فثم قال له : لأمرٍ ما كنت هناك في النجف، وانتهت المهمة وخرجت منها.
فهذا الرجل حصل على الاجتهاد، واستطاع أن يستنبط الحكم الشرعي، وهو ليس بمسلم أصلاً.
لهذا نجد أن الإمام الحجة (عج) ، يؤكد مواصفات الفقيه الذي يجب أن نرجع إليه، وهي أن يكون صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه. فهذا هو المعيار الذي يجب اعتماده في اتباع الفقيه وتقليده.
لقد وقعت الغيبة الصغرى منذ وفاة الإمام العسكري (ع) والد الإمام المهدي، فعند ارتحاله عن هذه الدنيا شهيداً جاء الإمام المهدي (عج) وصلى على أبيه، وكان عمره خمس سنوات، وفي رواية سبع سنوات، ثم غاب عن الأنظار بعد تعيين السفير الأول عثمان بن سعيد العمري الأسدي، الذي كان ثقة الإمام العسكري (ع) في حياته. فأقره الإمام أن يبقى وكيلاً وسفيراً عنه وغاب عن الناس.
أما السفير الثاني فهو ابن الأول، محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي، وخصه الإمام (ع) بالتنصيب أن يكون سفيراً عنه على الأمة بشكل عام، لا لأفراد معينين.
أما السفير الثالث فهو أبو القاسم، الحسين بن روح النوبختي. وأما السفير الرابع الذي خُتمت به الغيبة الصغرى، وبدأت الغيبة الكبرى، وهو الذي أوصاه الإمام أن يرشد الأمة بالرجوع للفقهاء العدول ورواة الحديث، فهو أبو الحسن علي بن محمد السَّمُري.
فعندما قرب الأجل من السفير الرابع أخرج الإمام (عج) على يديه توقيعاً، كان فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السَّمُري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميِّتٌ ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً. وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفترٍ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»(). (الغيبة، الشيخ الطوسي: 395).
ووصلت هذه الرسالة للسفير الرابع، وقرأها على الملأ، لأن الإمام كان يعلم أن هناك من يخرج ويدعي ما يدعي، والمتتبع منكم يلاحظ أن هناك الكثير ممن ادعى الرؤية والمشاهدة، وليس المقصود بها الرؤية والمشاهدة البصرية فقط، إنما المقصود السفارة، كما بين الكثير من العلماء. أي أنه يدعي صفة ومقام أحد السفراء الأربعة، كأن يقول: رأيت الإمام وهو يوصيكم أن تفعلوا كذا وكذا. وهذا ما حصل بالآلاف منذ الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا. ولعل مجتمعنا واعٍ ليس فيه من ذلك شيء، ولكنه موجود في الكثير من المجتمعات الأخرى التي يشيع فيها الجهل. ويكفي أن الإمام (عج) كذّبها قبل أن تحصل، وهو يعلم أنها سوف تحصل.
أما عن أسباب الغيبة الصغرى فهناك أمران:
1 ـ وجود التتبع للإمام (عج) والملاحقة قبل مولده : لأن رسول الله (ص) أكثر الحديث عنه وعن وجوده وأحواله، وأنه سيكون الإمام الثاني عشر، والمعصوم الرابع عشر. وفي فترة حكم بني العباس كانوا يلاحقونه بشدة، بل أرادوا أن يلبسوا الأمر على الناس فتسموا بأسماء المهدي، لإيهام الناس أن هذا هو الذي أخبر عنه النبي (ص). ولم يكتفوا بهذا بل تتبعوا كل مولود يحتمل أنه المهدي (عج) كي لا يكون هو الوصي الذي أخبر عنه الحبيب المصطفى (ص).
من هنا نجد أنه لم يَبِنْ لأمه الطاهرة حمل إلا عند الولادة. وفي ليلة ولادته باتت حكيمة بنت الإمام الجواد (ع) عمة أبيه في بيت الإمام، وقد أخبرها أنه سوف يولد، وأمرها بالمبيت. فلما سمعت بذلك عجبت منه، وقالت في نفسها: أين ذلك الحمل؟ إذ لا توجد أي علامة من علامات الحمل على تلك المرأة الطاهرة. فدعاها الإمام العسكري (ع) في إحدى الحجر وقال لها: لا تستعجلي. وما هي إلا لحظات، وإذا بالأم الطاهرة تدخل في المخاض، ويولد المولود المبارك.
فكانت ولادته بهذه الكيفية؛ لأنه كان مقصوداً بالتصفية والقتل والاستئصال. وهو أحد أسباب الاختفاء في الحمل، ثم الغيبة الصغرى، ثم الكبرى. كل ذلك ليتحقق الاستمرار والامتداد لهذه الأمة إلى هذه الأيام، وإلى أن يأذن الله تعالى بخروجه وظهوره، ليس خوفاً على نفسه، إنما ليقيم الدولة العالمية العادلة التي وعد الله بها عباده المؤمنين.
2 ـ التمهيد للغيبة الكبرى : فحصول الغيبة الصغرى كان عاملاً مهماً في تهيئة النفوس للدخول في الغيبة الكبرى، كي لا تحدث الصدمة للأمة بحصولها بشكل مفاجئ، مما يدعو لحصول الهرج والمرج. ونحن نلاحظ أنه مع حصولها بهذا الشكل التدريجي إلا أن الهرج والمرج قد حصل ولكن بشكل محدود، ولولا هذا التدريج لتفاقم الأمر وحصل ما هو أكبر وأعظم.
فالإمام (عج) رسم لنا الخطوط العامة في الغيبة الصغرى، وهي التي بيّنّاها، ومنها أن من يحمل من الفقهاء تلك الصفات التي ذكرها الإمام (عج) فللعوام أن ترجع إليه.
بقي أن نذكر أنّ من أفضل الأعمال في هذه الفترة هو انتظار الفرج، والدعاء بتعجيل الفرج، لأن الإمام (عج) أخبر أحد السفراء أن يكثروا من الدعاء بتعجيل الفرج، وهكذا كان العلماء الأجلاء، رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين، يكثرون من الدعاء بتعجيل الفرج، ويؤكدونه ويحثون عليه كثيراً.
ومن المهم جداً التعرف على الإمام (عج) وصفاته، وذلك من خلال القراءة والاستماع والمتابعة، وتحصيل المعلومة عن هذا الإمام العظيم الذي نعيش بفضل بركاته ووجوده، فكيف نحسب عليه ونحن لا نعرف منه سوى اسمه وأنه يعيش معنا؟
فمع وجود الانترنت ووسائل التواصل ونشر المعلومة يمكننا اليوم معرفة الكثير عنه بأسهل الطرق وأيسرها.
نسأل الله تعالى أن نكون وإياكم من الممهدين لظهوره والمرضيين عنده، ولا نكون من المساعدين على عدم ظهوره بإفشاء قسوة القلوب وغير ذلك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2025-05-21 محاضرة "أخلاقيات السرد " للدكتور كميل الحرز وسط حضور نخبوي
- 2025-05-21 من المتوقع أن يتحلل الكون في 1078 سنة، أي قبل وقت أطول بكثير مما كان يُعتقد سابقًا
- 2025-05-21 بيئة الأحساء تُفعّل اليوم العالمي للنحل في لولو مول
- 2025-05-21 الجامعة الأهلية بالبحرين تتوسع في استقطاب الطلبة السعوديين المتميزين وتطلق حملتها من "الأحساء مول"
- 2025-05-21 برعاية سمو المحافظ : انطلاق منتدى ( الاحساء صديقة الطفل ) 25 مايو
- 2025-05-21 وفد الجامعة العالمية يلتقي الملحق الثقافي العراقي في لندن
- 2025-05-21 تخرج احفادي من الابتدائية فرحة اعادت لي ذكرياتي الاولى
- 2025-05-20 سمو محافظ الأحساء يُقلّد مدير الدفاع المدني بالمحافظة رتبته الجديدة
- 2025-05-20 "قرع الطبول في زيارة إسطنبول" للكاتب منير المنيري
- 2025-05-20 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يشهد حفل تخريج طلاب أكاديمية الكفاح المتوسطة تحت شعار طموح