
مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2017/09/14 | 0 | 1280
الشيخ حسين العباد : وظائف المنتظرين ومسؤولياتهم ـ (8)
( بريد الشبكة )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. (طه: 25 ـ 28).
قال جل وعلا في محكم كتابه الكريم: ﴿كَانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُون﴾. (المائدة: 79).
نبارك لكم أولاً حلول عيد الأضحى المبارك الذي مر علينا، ونسأل الله جل وعلا أن يتقبل من الحجاج حجهم ومن زوار الحسين (ع) زيارتهم وأن يعيدهم سالمين غانمين إلى أهاليهم.
عاقبة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لا زال الحديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والآية التي تلوناها في بداية الحديث تبين عاقبة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
يقول الإمام الصادق (ع) بخصوص هذه الآية: «أما إنهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم، ولا يجلسون مجالسهم، ولكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم، وآنسوا بهم». (تفسير العياشي1: 335).
فالسبب الرئيس الذي جعل العذاب ينزل على تلك الأمة أنهم كانوا لا يردعون أهل المنكر، إنما كانوا يتعاملون معهم بالحسنى، فلا يعرضون عنهم ولا يبدون امتعاضهم، ولذلك وصفهم القرآن الكريم بقوله: ﴿لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُون﴾ فهذا الاستنكار للفعل لم يكن موجهاً لأصحاب المنكر مباشرة، إنما كان لمن سكتوا عن المنكر ولم ينهوا عنه، بل كانوا يضحكون في وجه صاحب المنكر.
فمن آثار ترك القيام بهذه الشعيرة حرمان الفرد والمجتمع من بركاتهما. فللأمر والنهي بركات وآثار إيجابية. وبالتالي يكون ترك هذه الشعيرة موجباً لحرمان الفرد والمجتمع من تلك الآثار والبركات، وهو ما صرحت به الروايات العديدة عن النبي (ص) وأهل بيته.
يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): «فإنا لله وإنا إليه راجعون، ظهر الفساد فلا منكِر مغيِّر، ولا زاجر مزدجر، أفبهذا تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه، وتكونوا أعز أوليائه عنده؟ هيهات هيهات لا يخدع عن جنته، ولا تنال مرضاته إلا بطاعته». ( نهج البلاغة: 187).
فالإمام علي (ع) يبدأ عبارته باسترجاع، والاسترجاع لا يكون إلا عند المصيبة، وبذلك يبين أن ظهور الفساد وعدم اكتراث الناس به مصيبة عظمى. ثم يبين أن الدرجات العليا التي نطمح إليها لا تُنال بهذه الطريقة، إنما تكون بطاعته، ومن أفضل الطاعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أولاً ـ نزع البركات :
أما العواقب والآثار الفردية والاجتماعية على تارك هذه الفريضة فهي كثيرة، من أهمها:
1 ـ نزع بركة الإيمان من الفرد: فعندما يُترك الأمر والنهي لا يبقى في نفس الفرد بركة للإيمان، نعم هنالك إيمان، لكنه بلا بركة. فعندما يتجه الإنسان نحو الله تعالى، ولا يدعم هذه الظواهر والشعائر الإلهية، فإنه لا يشعر بتلك البركة في العمل الذي توجه إليه. فقد يذهب إلى الحج، لكنه لا يشعر بلذةٍ وبركةٍ في تلك الشعيرة الإلهية العظيمة، وهكذا في سائر الفرائض. وحتى في النوافل، فقد يصلي المؤمن صلاة الليل فلا يرى لها انعكاساً عليه، لأن البركة نُزعت، كما في الروايات الشريفة، والسبب في نزعها وجود المحاربة لله وللرسول، بإظهار المنكرات دون رادع أو مانع لتلك الظواهر.
إن إظهار المنكر وإشهاره يعدّ محاربة لله والرسول، والله تعالى يريد من عبده المؤمن أن يكون ناصراً له، لأنه خليفة الله في أرضه، كما تشير لذلك الروايات الشريفة. فلا بد أن نسير بهذا الاتجاه .
إن ردع صاحب المنكر له انعكاس كبير على الفرد أولاً ثم المجتمع ثانياً، فالفرد يشعر بلذة الطاعة والعبادة. فمن لم يغضب للدين فلا دين له. ومن لم تغضبه هذه الظواهر السيئة من شيوع المنكرات وانتشارها، فلا دين له، لأنه لو كان يشعر شعوراً عميقاً بالدين، ويلمس أهميته، ويحرص عليه، لشعر بالغضب لكل ما يخالف الدين أو يخدشه، لأن الدين يعني المعاملة، وليس الشعارات والاعتقادات النظرية فقط. فالدين المعاملة، والإسلام والإيمان ليس بالمظاهر العبادية فقط، ولا بد من الملازمة بين الفعل والقول والاعتقاد. فالدين منظومة متكاملة لا تنحصر بالصلوات اليومية ولا بالصيام ولا غير ذلك من العبادات الواجبة أو المستحبة، بل لا بد من الموازنة والممازجة بين تلك المظاهر العبادية وغيرها مما أرادته الشريعة، ومن أهم ما أرادته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2 ـ إشاعة الفساد وانقلاب القيم :
هذا على المستوى الفردي، أما على المستوى الاجتماعي، فإن نزع البركة يكون بإشاعة الفساد وانقلاب القيم، فعندما يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون هنالك انقلاب للقيم في المجتمع، فيكون المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وتشيع حالة انعدام الثقة وسوء الظن وغير ذلك مما يترتب على ترك هذه الفريضة. وقد ذكرنا قبل أسابيع حديثاً نبوياً يبين هذه الحقيقة بوضوح، وهي ما نقله الإمام الصادق (ع) عن جده رسول الله (ص) أنه قال: «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم، وشرٌّ من ذلك. كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف. فقيل له: يا رسول الله، ويكون ذلك؟ قال: نعم، وشر من ذلك. كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً». (الكافي، الكليني5: 59).
لاحظ كيف تنقلب القيم، بحيث يصل المجتمع إلى مرحلة بحيث يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، ثم يذهب إلى أبعد من ذلك فيرى المعروف منكراً ويستهجنه، ويرى المنكر معروفاً ويستحسنه، فتجد الأب مثلاً بدل أن يأمر أبناءه بعدم مشاهدة القنوات التي يشيع فيها المنكر، تراه يبحث عن المبررات، وربما تكون الأم أو الأخت تبحث عن مبررات، أو الإخوة وغيرهم. بل لا يقف الأمر عند ذلك إنما يتعدى إلى أن يرى الفرد أن هذه المنكرات لا بأس بها وأنها من لوازم هذا العصر، ولا يمكن للأبناء أن يبتعدوا عن هذه الأجواء.
فلو أننا وقفنا وقفة جادة مع أنفسنا، وصممنا على مواجهة المنكر وهو في بداياته، في البيت والأسرة والحي والقرية ، لما حصلت هذه المراحل التي تبلغ إلى حد انقلاب الصورة بشكل كامل، بحيث يصبح المعروف في نظرنا منكراً والمنكر معروفاً، ويكون المنكر في نظرنا مألوفاً مستحسناً. وبذلك تنزع البركة في ذلك المجتمع، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم، ويسلط الله عليهم شرارهم.
شرائط الأمر والنهي :
تحدثنا فيما سبق عن بعض شرائط هذه الفريضة، وهي أن يعرف المكلف المعروف والمنكر ولو إجمالاً، وأن يحتمل الائتمار أو الانتهاء في من يأمره أو ينهاه، وننتقل إلى الشرط الثالث:
3 ـ أن يكون الفاعل مصراً على ترك المعروف وارتكاب المنكر، فإذا كانت أمارة على ارتداع العاصي عن عصيانه لم يجب شيء، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك، فمن ترك واجباً أو فعل حراماً واحتمل كونه منصرفاً عنه أو نادماً عليه لم يجب شيء.
4 ـ أن يكون المعروف والمنكر منجَّزاً في حق الفاعل، فإن كان معذوراً في فعله المنكر أو تركه المعروف لاعتقاد أن ما فعله مباح وليس بحرام، أو أن ما تركه ليس بواجب.
لاحظوا مثلاً ماء الشعير المختلف فيه بين الفقهاء، لو أن أحداً وصفه له الطبيب، وكان باعتقاده أو حسب نظره أنه مباح ومهم للعلاج في آن واحد، ثم شربه، فهذا معذور. ولا يمكن أن يكون موضوعاً للنهي عن المنكر. فلعل هذا يرجع إلى فقيه يجيز شرب ماء الشعير. فلا بد إذن من التريث في الأمر والنهي.
5 ـ أن لا يلزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر على الآمر في نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به، وكذا لا يلزم منه وقوعه في حرج لا يتحمله، فإذا لزم الضرر أو الحرج لم يجب عليه ذلك، إلا إذا أحرز كونه بمثابة من الأهمية عند الشارع المقدس يهون دونه تحمل الضرر أو الحرج.
فالضرر والحرج مقيد بكونه معتداً به، وإلا فإن الآمر أو الناهي لا يسلم من ردة فعل المأمور أو المنهي، وفي ذلك ضرر وحرج بلا شك، إلا أن الأمور تقدر بقدرها، فإن كان حرجاً أو ضرراً بسيطاً فلا يسقط الوجوب، بل قد لا يسقط حتى مع الضرر والحرج لأهميته في الشريعة كما تنص الفتوى.
فإن كانت هنالك ظواهر فساد تضر بالدين والمجتمع بشكل بالغ، بحيث يكون الضرر بليغاً جداً، عندئذٍ تهون دونه التضحية، فلا بد هنا من إقامة هذه الشعيرة. والأمور تقدر بقدرها كما قلنا. فمن يستمع الأغاني وهو في كبد الصحراء فهذا منكر، لكنه لا يتعدى ضرره الفاعل نفسه، أما من يستمع إليها فيما بيننا، وفي وسط مجتمعنا فهذا الضرر يصيب المجتمع برمته وليس الفرد بمفرده، فيجب عندئذٍ التصدي إليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وآله الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2025-05-21 محاضرة "أخلاقيات السرد " للدكتور كميل الحرز وسط حضور نخبوي
- 2025-05-21 من المتوقع أن يتحلل الكون في 1078 سنة، أي قبل وقت أطول بكثير مما كان يُعتقد سابقًا
- 2025-05-21 بيئة الأحساء تُفعّل اليوم العالمي للنحل في لولو مول
- 2025-05-21 الجامعة الأهلية بالبحرين تتوسع في استقطاب الطلبة السعوديين المتميزين وتطلق حملتها من "الأحساء مول"
- 2025-05-21 برعاية سمو المحافظ : انطلاق منتدى ( الاحساء صديقة الطفل ) 25 مايو
- 2025-05-21 وفد الجامعة العالمية يلتقي الملحق الثقافي العراقي في لندن
- 2025-05-21 تخرج احفادي من الابتدائية فرحة اعادت لي ذكرياتي الاولى
- 2025-05-20 سمو محافظ الأحساء يُقلّد مدير الدفاع المدني بالمحافظة رتبته الجديدة
- 2025-05-20 "قرع الطبول في زيارة إسطنبول" للكاتب منير المنيري
- 2025-05-20 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يشهد حفل تخريج طلاب أكاديمية الكفاح المتوسطة تحت شعار طموح