
مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2017/08/29 | 0 | 1217
الشيخ حسين العباد : وظائف المنتظرين ومسؤولياتهم ـ ( 6 )
( بريد الشبكة )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ (طه : 25 ـ 28).
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُوْن بِالله﴾
(آل عمران : 104) .
لا زال الحديث أيها المؤمنون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المتفرع عن مسؤولية المؤمن تجاه صاحب العصر والزمان في الغيبة الكبرى .
منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فالآية الشريفة تشير إلى منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد ربطت الأمور الثلاثة: الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الإيمان بالله تعالى. بل قدمت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله. فالباري جل وعلا يخاطب هذه الأمة خطاب مدح وثناء، لكنه مشروط، فهي خير أمة أخرجت للناس، لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله.
فالإيمان بالله تعالى لا يكفي دون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا بد منهما مع الإيمان بالله .
والمتتبع لحياة وسيرة الرسول الأعظم (ص) في بداية الدعوة لإسلامية، يجد أنه سعى لانتشال المجتمع من عبودية غير الله إلى عبادة الله جل وعلا، فقد كان يُعرف بالصادق الأمين، لا لأنه يحفظ الأمانة فقط، ولكن لمحاربته الرذائل قبل نشر الدعوة الإسلامية .
لقد جهر بالدعوة الإسلامية وهو في الأربعين من عمره، إلا أنه كان قبل ذلك يدعو لنبذ الرذائل والتحلي بالفضائل، فهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ثم جاءت الرسالة الإسلامية صريحة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لذا نجد أن الدعوة الإسلامية لقيت القبول في الكثير من الأوساط، لأن أصل الدعوة للتحلي بالفضائل يقبلها العقلاء .
فالكثير منا اليوم مثلاً، عندما ينظر إلى بعض ما يسود الأنظمة الغربية من التنظيم والعدل يصرح بكونه فضيلة، بل صار المسلم يبحث عنها ويقصدها في بلدانهم، حتى قال بعض المفكرين : إن في الغرب إسلاماً بلا مسلمين، وفي الشرق مسلمون بلا إسلام. فهي عبارة جميلة وصحيحة بنسبة كبيرة، لكنها تترك الحسرة في نفس المسلم، فالإسلام ليس بالشعارات الصورية، إنما هو مبادئ، ففي بلادنا نرى المسلمين ولا نرى من الإسلام إلا القليل . أما في الغرب فنرى الصدق والأمانة وحسن الجوار وغير ذلك .
ينقل أحد الإخوة المبتعثين عن جيرانه في ولاية من الولايات الغربية فيقول : عندما أردت أن أودعهم كنت أبكي، وكانت الأسرة تبكي أيضاً، وكانت معاشرتي معهم أربع سنوات، وذلك بسبب حسن السيرة التي كانت عليها تلك الأسرة. وهي أسرة ليست مسلمة، إنما هي أسرة مسيحية. وهذا عين ما يريده منا الإسلام، فهذه المفاهيم والقيم الإسلامية نحن أولى بها من غيرنا.
إننا نرى أن الآية الشريفة في هذا الصدد تُقدّم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله، فلماذا قدم القرآن الكريم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله؟
إن الشارع الإسلامي يرى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالحصن والسور الذي يحمي سائر المبادئ، فالفلاح قبل أن يبدأ بالزرع يفكر بحماية ما يزرع، فالمزرعة أو الحديقة معرّضة لعبث الحيوانات أو السرقة أو التخريب أو غير ذلك، فلا بد من حمايتها، لذلك يصنع لها سياجاً خارجياً يحميها، وبدون ذلك السياج والسور تبقى مهددة معرضة للتلف. وكذا الحال في وضع الشارع الإسلامي درعاً حصيناً لنا لتحصين أنفسنا لنحمي سائر المبادئ الإسلامية، وهذه الحماية لا تتحقق إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فهو كالسياج على المزرعة أو الحديقة .
فضل الآمر والنهي :
عن رسول الله (ص) قال: «من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في الأرض، وخليفة رسوله». (مستدرك الوسائل، النوري الطبرسي12: 179). ومعنى الخلافة هنا أنه ينفذ ما يريده الله تعالى في إرشاد وتوجيه المجتمع، وهذا نص من رسول الله (ص) الذي لا ينطق عن الهوى ﴿إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوْحَى﴾ (النجم: 4). وكم هو جميل أن ينطبق عنوان الخلافة عليك أيها المسلم وأنت في بيتك، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لا تخرج إلى خارج البيت ولا تبذل شيئاً من الجهد.
يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا قُوْا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَارَاً﴾ (البقرة: 6)، فالأمر والنهي يبدأ بالنفس أولاً، ثم الأهل والأسرة ثانياً، وفي كلتا الحالتين يحصل على مرتبة الخلافة لله والرسول كما نص الحديث السابق. ومن كان خليفة لله ورسوله تباهت به الملائكة.
بعض أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
ذكرنا في الجمعة الماضية بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالأمر والنهي، وانتهينا إلى أن المعروف إذا كان مستحباً كان الأمر به مستحباً، وهكذا إذا كان واجباً، فيكون الأمر به واجباً، ومثله في النهي أيضاً.
أما عن مراحل ومراتب وشروط الأمر والنهي فنذكر منها :
1 ـ لا بد من معرفة المنكر والمعروف ولو إجمالاً: وهي مسألة يقرها العقل قبل الشرع، إذ لا يمكن أن تنهى عن منكر ما لم تعرف أنه منكر، ولا أن تأمر بمعروف ما لم تعرف أنه معروف. فمن كان يجهلهما لا يمكنه التعامل معهما، فلا بد إذن من معرفتهما ولو معرفة إجمالية، لا تفصيلية .
فلا يجوز أن تخضع هذه المسألة للأهواء والمزاجات، لأنها قضية شرعية إلهية، فلا معنى لقول الآمر أو الناهي هنا: أنا لا أنسجم مع هذا، أو لا أتفق، أو غير ذلك مما ينمّ عن مزاج وهوى شخصي لا قيمة له في مقابل الشرع. فلا بد من الوقوف على المعروف والمنكر ولو بصورة إجمالية .
وهذه من المسائل الابتلائية التي يجب تعلمها، ونحن نقرأ في الرسائل العملية أن المكلف يجب عليه تعلم المسائل الشرعية الابتلائية، فالرسالة العملية قد تصل إلى ستة آلاف مسألة، فهل يجب على المكلف معرفتها جميعاً؟
نقول: كلا، ولكن يجب عليك أن تتعلم المسائل الابتلائية التي تكون عرضة للابتلاء في كل حين، ومنها مسائل الأمر بالمعروف والنهي والمنكر، والصوم، والصلاة، والوضوء وأمثالها. أما الحج، الذي يكون في العمر مرة وجوباً، فلا يجب تعلم مسائله إلا عند العزم على الذهاب، لأنه سوف يكون محل ابتلاء .
فمسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المسائل الابتلائية اليومية، لذا يجب تعلم ما يتعلق بها، ومن ذلك معرفة المعروف والمنكر ولو إجمالاً، فلا يجب الأمر ولا النهي على الجاهل .
2 ـ احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر، وانتهاء المنهي عن المنكر بالنهي: فمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لا بد أن يحتمل أن هذا المنهي سوف يرتدع وذلك المأمور سوف يستجيب .
فمن المظاهر السيئة التي نراها تنتشر في الآونة الأخيرة مع الأسف، وكل منا قد وقف عليها، هي الأغاني. فمن يستمع الأغاني تارة يسمعها بمفرده، وهو مسؤول عن هذا بينه وبين ربه، ولكن الأسوأ من ذلك أن يسمعها ويُسمع الجمهور على مسافات بعيدة، سواء في البيت أم السيارة أم المزرعة أم غيرها من الأماكن. فالغناء مما أجمعت الأمة على حرمته، ولا إشكال في حرمته، نعم هنالك موسيقى كلاسيكية مختلف فيها، أما الأغاني الماجنة فلا اختلاف فيها، وهي منكر صريح. أضف إلى ذلك أن رفع الصوت وإسماع الآخرين وإحداث الضجيج، فيه أذى للآخرين، وهو لا يجوز شرعاً أيضاً، فمن يُقدم على هذا العمل يرتكب إثمين في آن واحد، وليس الغناء فقط، إنما يحاسَب على ما أحدثه من إزعاج وأذى للآخرين أيضاً. فيجب على أهل البلد أن يقفوا وقفة واحدة لتنتهي هذه الظاهرة، فلو أننا قمنا جميعاً باستنكارها لما كان لها أن تقف وتدوم .
ومع الأسف الشديد أن الكثير من أولئك ليسوا من أهل القرية، إنما يأتون من قرىً أخرى، وهؤلاء لولا وجود الحاضنة من أهل القرية التي يقدمون إليها، تؤويهم وتحتويهم وتدعوهم لما كانت لهم الجرأة على الوصول إلى القرية. فهل يستطيع أحدٌ من الشباب أن يذهب إلى قرية أخرى من القرى المجاورة، ويفعل مثل ما يفعل هؤلاء دون أن يكون له أصدقاء هناك؟
إننا بحاجة إلى وقفة جادة لمواجهة هذه الظاهرة السيئة المنافية للدين والذوق والأخلاق أيضاً، فالأغاني محرمة، لكن من يسمعها بينه وبين نفسه لا شأن لنا به، وحسابه على الله، أما أن يستخدم سماعات (ستريو) ويرفع الصوت بشكل يسمع الآخرين ويسبب لهم الإزعاج فهذا ما لا ينبغي السكوت عنه، ويجب ردع الفاعل. وإن شاء الله بتكاتف الجميع سوف تنتهي هذه المظاهر السيئة .
فلا بد من الاحتمال في الاستجابة، ولكن الفتوى عند السيد السيستاني وغيره تؤكد بعد ذلك أن الاحتياط لا يُترك ـ وهو احتياط وجوبي ـ بإظهار الكراهة فعلاً وقولاً، لتركه للمعروف. أي حتى مع عدم الاحتمال بالاستجابة، لا يترك الاحتياط. فإظهار الكراهة بالقول والفعل من الأمور الثابتة .
يقول سماحته في المنهاج : فإذا لم يحتمل ذلك ، وعلم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي ، ولا يكترث بهما لا يجب عليه شيء على المشهور، ولكن لا يترك الاحتياط بإظهار الكراهة فعلاً أو قولاً، ولو مع عدم احتمال الارتداع به.
في ذكرى الشيخ الأحسائي :
نسأل الله تعالى أن تنتهي هذه المظاهر السيئة في هذه البلاد التي أنجبت لنا رجلاً عظيماً فقيهاً، يعتبر في مصاف رموز الطائفة عبر التاريخ، وقد مرت بنا ذكرى وفاته قبل أيام في الثاني والعشرين من ذي القعدة، ألا وهو الشيخ الأوحد الأحسائي (رحمه الله)، من علماء القرن الثاني عشر الهجري .
إن الشيخ الأجل الأوحد (رحمه الله) لم يكن يختلف كثيراً في عصره عما كان عليه سيد الطائفة ومرجعها الإمام الخوئي (رحمه الله) في عصره، أو ما عليه السيد السيستاني (حفظه الله) في عصرنا، وغيرهما من العلماء الفطاحل الكبار. فهذا الرجل العظيم بلغ من عظمته أنه لا يمر بمنطقة إلا اتبعته وتعلقت به ورجعت إليه في التقليد.
كان الشيخ الأوحد يتنقل كثيراً، بين بلاد الأحساء والعراق وإيران، فكان لا يمر بمنطقة إلا وفتح فيها حوزة علمية، وكان فيها الناس من أنصاره وأتباعه ومقلديه، فالكثير من المناطق رجعت إليه، واتبعت فكره ومنهجه، وهذا إنما يدل على عظمته.
ولد الشيخ الأحسائي (رحمه الله) في هذه القرية المباركة، وبهذا من حقه علينا أن نحيي هذه المناسبة والذكرى، ولو بختمة ومجلس حسيني في مسجده، فهو الذي بنى هذا المسجد، والبيت المجاور للمسجد هو بيته.
لم يكن أجداد الشيخ من الشيعة، وكان جده الرابع (داغر) خارج القرية في المناطق الصحراوية، وهو من بني خالد، قبيلة معروفة مشهورة، فاختلف الشيخ داغر (رحمه الله) مع أبيه، فانتقل إلى هذه القرية، وبانتقاله انتقل أيضاً إلى المذهب الشيعي الاثني عشري، وبنى هذا المسجد. ثم جدد المسجد وأحياه الحاج محمد طاهر البخيتان (ابوعلي )، فجعل الكثير من أبناء القرية وغيرها ينتبهون إلى أن هذا المسجد هو مسجد الشيخ داغر جد الشيخ الأوحد .
والروايات في ثواب بناء المساجد كثيرة، ومنها ما يؤكد أن «من بنى مسجداً كمفحص قطاة، بنى الله له بيتاً في الجنة». (وسائل الشيعة، الحر العاملي5: 204) .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لنيل الثواب العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
جديد الموقع
- 2025-05-14 فصول مزهرات بالقصائد في بيت الشعر بالشارقة
- 2025-05-14 فصول مزهرات بالقصائد في بيت الشعر بالشارقة
- 2025-05-14 فصول مزهرات بالقصائد في بيت الشعر بالشارقة
- 2025-05-14 " آل الشيخ ولي العهد صانع تاريخ وباني مجد
- 2025-05-14 " آل الشيخ ولي العهد صانع تاريخ وباني مجد
- 2025-05-13 سمو محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأحد أصدقائه
- 2025-05-13 سيري أليام
- 2025-05-13 سمو محافظ الأحساء يرعى حفل ختام النسخة الثانية من برنامج علماء المستقبل ويكرم الطلبة المشاركين
- 2025-05-13 سمو محافظ الأحساء يرعى حفل ختام النسخة الثانية من برنامج علماء المستقبل ويكرم الطلبة المشاركين
- 2025-05-13 والشعراء يمخرون بحر الطويل بأشرعة خافقات