
مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2017/11/01 | 0 | 1468
الشيخ حسين العباد :من تراث الإمام السجاد (ع) التحذير من مصاحبة الكذاب .
( موقع المطيرفي )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾.( طه: 25 ـ 28).
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيدنا ومولانا سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) وكذلك مصاب سيدنا ومولانا الإمام السجاد (ع) الذي نعيش هذه الأيام ذكرى استشهاده.
لمحات من حياة الإمام زين العابدين:
في يوم من الأيام الزاهرة من عمر الأمة الإسلامية التي عاشتها في ظل حكم الإمام علي (ع) زوّج الإمام علي (ع) ابنه الإمام الحسين (ع) ببنت كسرى يزدجرد، آخر ملوك الفرس، كما زوّج محمد بن أبي بكر وهو ابنه الآخر أيضاً من صلب أبي بكر كما يقول هو (ع) بالبنت الأخرى. فرزق الإمام الحسين (ع) بالمولود المبارك في الخامس من شعبان سنة 38 من الهجرة، ألا وهو الإمام السجاد (ع).
عاش الإمام السجاد (ع) سنتين من حياة جده علي بن أبي طالب (ع)، وعاصر تلك المآسي الكبيرة التي حصلت أواخر حياة الإمام علي (ع) من ضربه وشهادته، وكان يحس ويلمس ذلك الواقع المرير الذي لحق بجده المرتضى (ع).
ثم عاش مرحلة عمه الإمام الحسن (ع) وهي عشر سنوات، وعاصر تلك المآسي التي حصلت أيضاً.
انظر أيها المؤمن إلى الحياة التي عاشها الإمام السجاد (ع) ولا أبالغ إذا قلت: إنه الوحيد بين جميع الأئمة (ع) الذي عاش هذه لحياة المأساوية منذ بداية طفولته، إذ فقد جده علي بن أبي طالب (ع) في مشهد مأساوي، وعاش محنة ومأساة عمه الإمام الحسن (ع) ثم عاش ما لا يقل عن 23 سنة في عهد أبيه الإمام الحسين (ع). وعندما تولى الإمام الحسين (ع) الإمامة، كانت الأمة الإسلامية تعيش المآسي في عهد ذلك الحاكم المتجبر المتغطرس.
ثم جرى ما جرى من واقعة الطف، فالإمام زين العابدين عاش ما عاشه الإمام الحسين (ع) من المآسي، لكنه فاق أباه في معاصرة الأحداث والمآسي، فواقعة الطف لم تنته بقتل الإمام الحسين (ع) بل بدأ الكثير منها بما هو أشد بعد مقتله (ع). وقد عاش الإمام السجاد (ع) تلك المحن والمآسي من بعد قتل أبيه سنة 61 هـ. وقد امتدت تلك الفترة بعد مقتل أبيه الحسين (ع) خمسة وثلاثين عاماً، وهي مدة إمامته.
كانت تلك السنون الطويلة ثقيلة جداً بما تحمله من محن ومآسي وويلات، فمن يعيش المحنة والمصيبة يوماً واحداً يشعر بذلك اليوم وكأنه سنة كاملة، فكيف بزين العابدين (ع) الذي حضر تلك الواقعة المأساوية بتفاصيلها ثم عاش بعدها محناً أخرى؟
عاصر الإمام السجاد (ع) في فترة إمامته مجموعة من الحكام بلغوا خمسة، وهم: يزيد بن معاوية، ومعاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم، وعبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك، واستشهد في عهد الوليد بن عبد الملك سنة 95 هـ في الخامس والعشرين من محرم على أشهر الروايات التي عليها العمل. وهناك رواية أخرى تقول: إنه استشهد في الثاني عشر من المحرم من سنة 95 هـ وذلك بعد مرور خمس وثلاثين سنة على واقعة الطف.
هذه نبذة مختصرة عن حياة الإمام السجاد (ع) منذ ولادته حتى استشهد.
من وصايا الإمام السجاد (ع) :
أما عن تراثه فهو تراث عظيم غنيّ فيه الكثير من الصفحات المشرقة، بل كله مشرق. من ذلك مثلاً وصية له يوصي بها ابنه الإمام الباقر (ع) يرويها هو عنه فيقول: «قال لي علي بن الحسين: يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم، ولا تحادثهم، ولا ترافقهم في طريق. فقلت: يا أبه، من هم؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب، فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويباعد لك القريب.
وإياك ومصاحبة الفاسق، فإنه بائعك بأكلة أو أقل من ذلك.
وإياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع:
قال الله عز و جل: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ ~ أُولئِكَ الَّذينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ﴾.
وقال: ﴿وَالَّذينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ميثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّار﴾.
وقال في البقرة: ﴿الَّذينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ الله مِنْ بَعْدِ ميثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُون﴾». (الكافي، الكليني 2: 376).
هذه أصناف خمسة حذر منها الإمام السجاد (ع) وهو درس بليغ يقدمه لشيعته، وقد أعلن حرباً على هؤلاء الخمسة، وأحدهم الكذاب، فالكذب مرض خطير، وينبغي أن توقف عنده قليلاً لنبين خطورته وحيثياته الأخرى.
وقفة مع صفة الكذب :
فالكذب : هو الإخبار عن الشيء بخلاف الواقع والحقيقة. وهو عنوان واضح يشاهده الجميع، وللأسف الشديد أن مجتمعاتنا تستشري فيها هذه الصفة. وهو من المحرمات في جميع الديانات السماوية التي حذرت من هذه الصفة.
يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِيْنَ لَا يُؤْمِنُوْنَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُوْنَ﴾. ( النحل: 105). فالله تعالى يبين أن الكاذب لا يؤمن بآيات الله، ولا فرق هنا في الكذب بين الصغير والكبير، ولا الكذب في الجد أو الهزل، فكله محرم بلا فرق.
أما الدوافع التي تدعو الإنسان للكذب فكثيرة، أهمها:
1 ـ الخوف من العواقب: فمن الطبيعي أن من يعيش حالة من الخوف والرهبة يخشى أن يصدق، لئلا يؤاخذ بصدقه، فالأب الذي يربي أبناءه على الرهبة والقسوة والخوف فلا شك أنهم يحاولون النجاة من ذلك بالكذب. فلا بد إذن من التربية الصحيحة السليمة بالترغيب لا بالترهيب، كي لا يلجأ الطفل للكذب وسيلة لتجنب العقاب.
2 ـ اكتساب الفائدة : فالبعض قد يلجأ للكذب من أجل تحقيق الفائدة، أيّ فائدة كانت.
3 ـ تجنب الذكريات الأليمة: فهناك من تمر به ذكرى أليمة وحادثة مأساوية، فيلجأ للكذب من أجل تغيير الحادثة كي لا يعيشها.
وهذا كله من الكذب المحرم، ويمكن لمن يلجأ لذلك أن يتجنب ذكر الحادثة من الأساس، لا أن يذكرها بغير واقعها.
أيها المؤمنون: إن الكذب لا يتعدى أمرين: إما أنه ينكشف أو لا ينكشف، فتارةً يكذب الإنسان، لكن كذبه لا ينكشف، فيؤاخذ ويعاقب في الآخرة.
أما إذا انكشف الكذب، فيترتب عليه أحد أمرين: إما الأثر القانوني أو الأثر الاجتماعي. فتارةً يكذب في المحكمة ويشهد شهادة الزور، فإذا انكشف أمره كانت هنالك ملاحقة قانونية وعقوبات تنتظره. وأما اجتماعياً، فإذا انكشف للناس أنه كاذب سقط اجتماعياً، فلا تكون له قيمة اجتماعية، لا في أقواله ولا في أفعاله.
والكذب أنواع، أشده الكذب على الله تعالى والرسول (ص) والأئمة (ع) فتارةً يكذب الكاذب على زيد من الناس، فيؤاخذ بذنبه، لكنه أقل شدةً وإثماً من الكذب على الله والرسول والأئمة (ع).
يقول تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذينَ كَذَبُوا عَلَى الله وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾.( الزمر: 60 ). فمن يكذب على الله تعالى يأتي يوم القيامة أسود الوجه.
وأما الكذب على رسول الله (ص) فقد ورد التحذير منه في قول النبي (ص): «أيها الناس، قد كثرت عليّ الكذابة فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار».( الكافي، الكليني 1: 62) . فمن كذب على الرسول (ص) فقد خصص له بنفسه مقعداً في النار.
ورب قائل يقول: كيف نكذب نحن العوام على رسول الله (ص)؟ الجواب: نعم، يمكن ذلك في صور عديدة، منها أن تتبادل إرسال الروايات التي تصلك عبر وسائل التواصل، كبرنامج وتسب مثلاً، وأنت غير متأكد من صحتها أو مصدرها.
إننا لو نظرنا في واقعنا سنجد أن الأب البعيد عن مجتماعاتنا الإسلامية يمارس الكذب مع ابنه، والأم تكذب على بنتها، والأخ على أخيه، والصديق على صديقه، وهكذا.
فمن صور الكذب الصريح أنه إذا دُقّ جرس الباب قال الأب لابنه: إذا كان فلان فقل له: أبي ليس في البيت. وكذلك إذا رنّ جرس الهاتف مثلاً. وهذا كله من الكذب المحرم، كما أنه يربي الولد على الكذب.
رب قائل يقول أيضاً: إنني لا أريد مقابلة الكثير من الأشخاص الذين يأتون إلى البيت، لا سيما من يأتي بشكل مفاجئ دون إخبار مسبق، أو لا أريد أن أتحدث معهم في الهاتف، لانشغالي مثلاً، أو لأسباب أخرى. ولكن هذا العذر غير مقبول شرعاً، لأنه يستطيع التخلص بطريقة ما دون أن يكذب، كأن يقول لابنه: قل له: سوف أتصل به لاحقاً، أو الساعة الفلانية، أو غير ذلك مما هو في إطار الصدق. أما ممارسة الكذب بأي شكل من الأشكال فهو محرم شرعاً، ويربي الأولاد على الكذب أيضاً.
عواقب وآثار الكذب :
أما آثار الكذب فكثيرة، منها :
1 ـ سوء السمعة: فلو أشير إلى أحدٍ بأنه كاذب فلا قيمة بعدُ لسمعته وكرامته، وتنعدم الثقة فيه، فلا تجد من يثق فيه مطلقاً.
2 ـ الحرمان من الهداية: فالله تعالى لا يهدي الكاذب. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾. ] غافر: 28[. وقال جل وعلا: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِيْ مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾. ( الزمر: 3).
فتجد البعض مع أنه يصلي ويصوم ويحج، إلا أنه يمارس المحرمات، فلا أثر لصلاته وصومه وعباداته، لأنه يكذب، لذلك رفعت الهداية منه. وهذه العبادات التي يمارسها إنما هي عاداتٌ اعتادها فإن تركها استوحش.
3 ـ المهانة في الدنيا والآخرة: فلا كرامته لكاذب. يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): «ثمرة الكذب المهانة في الدنيا والعذاب في الآخرة». ( غرر الحكم، الليثي: 328).
4 ـ قلة التوفيق في أداء السنن والمستحبات: فترى الكاذب لا يوفق للكثير من المستحبات، كصلاة الليل، أو النوافل، أو في تسبيحة الزهراء (ع). كل ذلك بسبب هذه الخصلة المقيتة، والكبيرة الموبقة.
5 ـ قلة الرزق: وهذا ما تؤكده الروايات الكثيرة، التي صرحت أن الكاذب وإن كان في يديه المال، إلا أنه سوف ينقص بسبب الكذب.
فنسأل الله تعالى أن تكون هذه الخصلة بعيدة عن أسرنا ومجتمعاتنا.
بقي أن نسأل هذا السؤال : هل يجوز الكذب في بعض الموارد؟ أم أنه لا يجوز مهما كانت الظروف والدوافع؟
الجواب: يجوز الكذب في حالات يسيرة، منها الدفاع عن النفس والمال والعرض في حال انحصار الدفاع بالكذب، وإن استطاع التورية قدمها على الكذب.
وكذلك يجوز في إصلاح ذات البين، والحديث عن رسول الله (ص) وهو يقول لعلي (ع): «يا علي، إن الله عز وجل أحب الكذب في الصلاح، وأبغض الصدق في الفساد». (من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق 4: 353).
فمن أراد الإصلاح واحتاج ذلك للكذب فلا بأس أن يكذب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2025-05-14 فصول مزهرات بالقصائد في بيت الشعر بالشارقة
- 2025-05-14 فصول مزهرات بالقصائد في بيت الشعر بالشارقة
- 2025-05-14 فصول مزهرات بالقصائد في بيت الشعر بالشارقة
- 2025-05-14 " آل الشيخ ولي العهد صانع تاريخ وباني مجد
- 2025-05-14 " آل الشيخ ولي العهد صانع تاريخ وباني مجد
- 2025-05-13 سمو محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأحد أصدقائه
- 2025-05-13 سيري أليام
- 2025-05-13 سمو محافظ الأحساء يرعى حفل ختام النسخة الثانية من برنامج علماء المستقبل ويكرم الطلبة المشاركين
- 2025-05-13 سمو محافظ الأحساء يرعى حفل ختام النسخة الثانية من برنامج علماء المستقبل ويكرم الطلبة المشاركين
- 2025-05-13 والشعراء يمخرون بحر الطويل بأشرعة خافقات