الشيخ امج الأحمد :وعي القرآن محاضرة ثقافية بمستوى فكري عالي

مازال الشيخ أمجد يخاطب القلب والعقل ويبث فيه الوعي ليعود المستمع بمحصلة علمية و ثقافية مميزة 

 في الليلة السادسة من عاشوراء الحسين عليه السلام تناول الشيخ أمجد عنوان " وعي القرآن " وكان موضوعاً  يصحح المفاهيم حول القرآن و يحيي المعاني القرآنية .

وكعادته بدأ حديثه بقول الله تعالى :" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا "

وقبل الحديث قدم مقدمة بسيطة ركز فيها على مشاكل الأمة في التعامل مع القران ومنها: 

1. تحجيم القرآن والتعامل معه كمادة للتكسب أو كمادة علاجية يستخدمه وقت المرض  .. أو من يستخدمه للإستخارة او للبركة أو لتلاوته في الفواتح و هذاتحجيم للقران وقصر الاستفادة منه على هذه الدوائر الضيقة  ..

بينما يشير تبارك وتعالى في كتابه أنّ القرآن كتاب حياة قال تعالى ": يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ  "

2. المشكلة الثانية في فهم القران : و هناك من يقرأ القرآن مجرد حروف و كلمات عابرة فقط بدون فهم لحقيقة تلك الآيات .

و بعدها عرض الشيخ أمجد بعض الأسباب لتلك المشاكل في التعامل مع القرآن الكريم وهي :

. تشويش الرؤية حيث ترسخت في أذهان الكثير أنّ القرآن فوق إدراك البشر فلا يفهمه إلا من خُوطب به .

2. إبتعاد الجيل المعاصر عن اللغة العربية وهذا ساهم في صعوبة فهم القرآن الكريم .

3. عدم الإستعداد النفسي و الفكري للتأمل القرآني و إدراك رسالة القرآن .. حيث أنّ الشباب اليوم يبحث عن المعلومة الجاهزة من خلال وسائل التواصل الإجتماعي وهذا مما يجعل  ثقافته سطحية .

من الضروري إذا الإنفتاح على كتاب الله ..

الوسيلة إلى وعي القرآن و معرفة أسرار القرآن هو التدبر القرآني .

القرآن نزل للعمل .. و لا يأتي العمل إلا بعد الفهم و لا يمكن فهمه إلا بعد تدبره ..

الذي يمنع من تدبر القرآن إذا كان هناك على القلب اقفال كالجهل والذنوب (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)

وأضاف الشيخ أنه التدبر يمثل الهدف المبدئي لنزول القران ( كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا اياته )

 و بعد هذه المقدمة الجميلة تناول الشيخ أمجد محاور المحاضرة في ثلاثة محاور :

المحور الأول : معنى التدبر

لغة / النظر في خواتيم الأشياء

إصطلاحاً /  إعمال الذهن لإ ستخراج المعاني الكثيرة من النص وأشار إلى تعريف العلامة الطباطبائي للتدبر أنه ( تأمل بعد تأمل )

و هنا عرض الشيخ امجد إشكالاً يطرحه البعض حيث يقول أنّ التدبر غير جائز لأنه تفسير بالرأي و هذا ماحذرت منه الروايات ؟

وكان جوابه حول هذا الإشكال :

أنّه هناك فرق بين التفسير بالرأي و بين التدبر .

التفسير بالرأي : هو تفسير بالأهواء و الشهوات و تحريف لمعنى الآيات .

التفسير بالرأي تفسير بالمسبّقات الفكرية حيث يلوي عنق الآية لتطابق فكره و تكون الآية صورة لفكره بدل أن يكون فكره صورة للآية .

وركز على ملاحظة مهمة: أن التدبر لا يعني التفسير أيضا .. المفسر هو الذي يستنبط الأحكام من القرآن الكريم بعد أن يكون ملم بالكثير من العلوم كاللغة و الحديث و الأصول و غيرها فتكون له القدرة على الإستنباط ..

أما المتدبر لا يستتبط من القرآن حكما  ..

التدبر يحتاجه الجميع المفسر وغيره كل بحسبه ..

وهنا إنتهى الشيخ من المحور الأول و دخل في المحور الثاني بعد الصلاة على محمد و آل محمد .

المحور الثاني : معطيات التدبر و علامة المتدبرين .

1. التدبر طريق للإستفادة من القرآن .. لا نفهم القرآن الا بالتدبر .

2. التدبر يؤسس علاقه أُنس بين المتدبر و بين القرآن  . حيث جاء في الأثر عن الإمام زين العابدين عليه السلام :" لو مات مابين المشرق و المغرب ما استوحشتُ بعد أن يكون معي القران " فتأملوا أيها الأحبة .

3. المتدبر يتفاعل بجوارحه مع النص القرآني . وهنا عرض الشيخ قصة جميلة تفاعل معها الحضور وبان التأثر عليهم ..

كان الإمام الصادق عليه السلام يصلي و وصل إلى آية " اياك نعبد و اياك نستعين" و صار يكررها حتى صعق صعقه و أغمي عليه و بعد أن أفاق سأله أصحابه ماذا حلّ بك يا بن رسول الله ؟ قال :أخذتُ أرددها ..  حتى كأني سمعتها من المتكلم بها .. ما أعظمك يا سيدي و مولاي و هؤلاء هم قدوتنا في التعامل مع القران .

4.  التدبر منعطف لتغيير حياة الانسان كما جاء في قصة الفضيل ابن عياظ ( نأمل الرجوع للتسجيل للإستماع للقصة ) .

و بهذه القصة إختتم المحور الثاني و بدأ في المحور الثالث بقوة و  ثبات راسخ

المحور الثالث : خطوات التدبر

لنصل إلى التدبر علينا أن نتبع بعض الخطوات المهمة  كالتالي :

1. التهيؤ القلبي و العقلي و إستحضار القلب  .

و مما يعين على ذلك الاهتمام بمستحبات التلاوة  ومنها :

تلاوة القرآن على طهارة

قراءة دعاء قبل التلاوة وبعدها دعاء الامام السجاد او الامام الصادق ع وهذا الدعاء يعلمك كيف تفهم القران .

 2. رصد الملاحظات و التركيز على رسالة السورة او النص القراني  ..

و من اهم الملاحظات التي ينبغي رصدها والتأمل فيها  :

ظاهرة التكرار -سر اختيار الكلمة -  و موضوع النص - سر ايقاع النص -التقديم و التآخير - السياق القرآني ..

وألفت الشيخ إلى أن هناك طريقتان للملاحظة:

↔ ملاحظة أفقية وهي رصد الظواهر اللغوية والبلاغية وما ذكر من التكرار وغيره

ملاحظه عموديه وهي ترصد الظواهر الحضارية والنظريات العلمية من النص القراني وهذا النوع من الملاحظة يحتاج الى علم وخبرة .

٣. الخطوة الثالثة هي صياغه الأسئلة للملاحظات التي تم رصدها ( ماذا؟ لماذا؟ كيف؟ ماذا بعد؟ )

٤. محاولة الإجابة على الأسئلة حسب خبرتك قبل أن ترجع لكتب التفسير  .. اقرأ القرآن كأنه أُنزل عليك

٥. الرجوع إلى كتب التفسير واللغة وعلوم القران

٦. استخراج المدلول التربوي من النص القراني بحيث يكون له الأثر في تعديل سلوك المتدبر ويكون للقران الحضور الدائم في حياته.

عن الإمام الصادق عليه السلام:( عجبت لمن خاف ولم يفزع لقوله تعالى حسبنا الله ونعم الوكيل فإني سمعت الله بعقبها يقول فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء وعجبت لمن اغتم ولم يفزع لقوله تعالى لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإني سمعت الله بعقبها يقول فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ....)

و بعد كل هذا حتماً سنصل الى الوعي القرآني وهذه من صفات أنصار الإمام الحسين عليه السلام وفي مقدمتهم شيخ الأنصار حبيب بن مظاهر الأسدي رضوان الله عليه .

للاستماع هنـــــــــــــــا