الزوج المتجاهل الليلة السادسة لسماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد

( موقع المطيرفي - مكتبة السيد الخوئي )

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( خيركم خيركم لعياله ) . وسنتحدث عن شخصيتي هامتين هما : زوجتا حبيب بن مظاهر ألأسدي ، ومسلم بن عوسجة ، واللتان قدحتا زمام الحرب في نفسي أزواجهما للقتال مع الحسين عليه السلام ، وهذا يدل دلالة واضحة على أن هناك توافقا وانسجاما روحيا بينهما وبين زوجيهما ، وأن المشاكل التي تفتك بالأسرة وتهدم كيانه من أسبابها تجاهل الزوج .
وهناك ثلاثة أجزاء تقف وراء تجاهل الزوج لزوجته وهي : 1 / عنصر التكبر عند الرجل .

فالكثير من الرجال يستنكف أن يجالس الضعفاء وزوجته يعدها من هؤلاء الضعاف , ولكي نعرف ماهية الرجل ، نقوم بقراءة تصرفاته في الشارع ، وتعامله مع الناس ، ومن خلال ذلك نعرف تعامله داخل البيت ,

وهناك واقعتان شاهدتهما بنفسي ، فالأولى : كان هناك رجلا لم يجلس مع عياله على مائدة طعام لمدة عشرين سنة ، والثانية : رجل آخر لا يقبل أي حوار مع زوجته ، وهذا نتيجة الكبر ، فقد قال الرسول صلى الله عليه وآله قال : ( إذا لبست الصوف ،وانتعلت المخصوف ، وركبت حمارك ، وحلبت شاتك ، وأكلت مع عيالك فقد نجا الكبر من نفسك ) . فلفظة العيال في الحديث شاملة الزوجة والخادمة والعيال وكل من يعولهم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنه ليعجبني الرجل يحمل الشيء إلى عياله ...).و كثير ما كرر الرسول صلى الله عليه وآله هذا المعنى ، وأكد عليه حيث أنه طوق المشكلة التي تكمن في نفس الرجل ، وهذه حالة واردة في نفس الرجل ، وربما مارسها الرجل بشكل أشد في بيته . 2 / إن الكبر ليس زرع ، وإنما هو ثمرة زرع ، وإنما الزرع هو الذل الذي يكمن في نفس الرجل ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام : ( لا يتكبر الرجل ولا يتجبر إلا من ذل يجده في نفسه ) . ويحصل هذا الذل على وصفين الأول : الأول المشخص، وهذا يكون ظاهراً بيّناً ، ويعرف من خلال السلوك ، وقد يكون للرجل ماضٍ مظلم ، فيخرج أثره بعد عمر طويل في مستقل حياته ، فقد حدثت قصة لي ، حيث كان هناك رجل يشكو من حالة الشك الشديد حتى في وجود الله سبحانه والعياذ بالله ، فجاء يشكو الحال ، لأجد له علاجا ، وبعد شهر كامل من الفحص الدقيق لحالته اكتشفت بعد عدة اعترافات بلسانه أنه لم يبقى نوع من الرذيلة إلا ومارسها في أيامه السابقة حتى وصل إلى هذه الحالة . والثاني المستأنس من الذل ، وهذا الوصف لا يكون ظاهراً ، ومن أمثلته الطمع ،وحب الدنيا ، والبخل والطمع في الحياة ، وهذا مصدر الذل ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام : ( إن حب الحياة ذل ) . وكم هناك مفارقة بين حب الله وحب الدنيا ، فحب الله سبحانه يجعل الإنسانُ الدنيا تمشي خلفه ، فيكون الإنسان عزيزاً بحب الله ، بينما إذا أحب الإنسان الدنيا ، فإنه يلهث خلفها ، لكنها لا تعطيه إلا القليل منها فتذله ، فلذا تجد اللذة في الزهد في متاع الدنيا ، وتجد الراحة داخل النفس . 3 / الزواج بزوجة لم يكن مقتنعا بها .فقد يكون الزوج مجبراً على الزواج من زوجته ، عندها يكون الطلاق الروحي بين الزوجين ، وهذه الأجزاء التي ذكرناها قد تكون الأبرز في بحث التجاهل . ولكن هناك سؤال يبرز : ما هي السبل التي تخطب ود الرجل لعلاج المشاكل السابقة الذكر ؟ هناك بعض النقاط التي تساهم في حل المشكلة :(1) على الزوجة أن تبرز كل إمكانياتها من كل النواحي من الحب والعطف والحنان وما يخص الرجل والمرأة كي تكسب ود الزوج .(2) معرفة المشكلة الحقيقية من تجاهل الزوج ، فقد تكون المرأة هي السبب الفعلي للمشكلة ـ أي تجاهل الزوج ـ ، بحيث تتجاهل زوجها من حيث لا تشعر أو تقصد بحجة العيال والمطبخ والتنظيف وغيرها من الأشغال ، فقد يشكوا الكثير من الرجال أن زوجاتهم اعتدن على تركه بين أربع جدران ، أو أن يكلم نفسه بسبب كثرة مشاغلها عنه ، أو قد يكون السبب بسيطا ، لكن له الأثر البالغ في نفس الرجل ، كأكل الزوجة للطعام قبله ، وتتركه لوحده ، وهذا يشعر الرجل بتجاهله وعدم أهميته في حياتها . (3) عدم الاعتناء بالشؤون الداخلية في الحياة الزوجية . (4) الفهم المغلوط لتصرفات الزوج ، وهذا بيت القصيد ، كثير من الأبناء يشكو قسوة الأب وسرعة غضبه فلماذا؟ قد تكون هذه الحالة موجودة ، لكن كلامي يتجه نحو المرأة التي تتصرف بشكل يؤذي الرجل ، فيكلمها بلطف لتغييرها ، لكنها لا تستجيب ، فيكون أكثر حساسية ، ويؤدي به إلى سرعة الغضب . والنتيجة من بحثنا هذه الليلة يجب على الزوجة أن تحمل الثقافة الزوجية السليمة ، كي تتعامل مع زوجها بشكل صحيح ، وتنجح في حياتها الزوجية .ونعود لأنصار الإمام الحسين الذي بدأنا به البحث ، حبيب بن مظّهر مع زوجته كانا على مستوى عالٍ من التوافق الروحي والنفسي ، فقد كان ربيب أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانت زوجته تحثه على نصرة الإمام الحسين عله السلام ، لكي ينال الشهادة ، ويفوز بالسعادة والشهادة .

. فسلام عليك يا أبا عبد الله يوم ولدت ويوم تستشهد ويوم تبعث حياً ، وعلى أنصارك المستشهدين بين يديك ..