
2009/01/01 | 0 | 556
التقييمات الدينية الشرعية
قال تعالى : { مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} .[1]
نتناول في هذه الليلة موضوعا خاصا تميزت به أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن سائر الأمم وهي التقييمات الدينية الشرعية ) . وهذا الباب واسع حيث أن الدين باشر الشعوب والقوميات و فنون الصناعات والعلوم المختلفة ، وسنركز على التقييم الديني والشرعي للوصول إلى المدينة الفاضلة التي تنشدها جميع الرسالات السماوية .
واعتمد الشارع المقدس على أسلوبين لإعداد مدينة فاضلة ، وهي بتعبيرنا اليوم الحضارة ، فجاء الإسلام لبناء مجتمع فاضل بعيد عن ظلمات الجاهلية ، والتعريف للحضارة الذي يريده الإسلام هو : بناء مجتمع يقضي على الجاهلية . والجاهلية : وهي كل نمط في الحياة تنعدم فيه القيم . وليس المقصود منه موقعا جغرافيا أو مجتمعا معينا . ومن هنا أبرز النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام الجاهلية بصورها البشعة كي يقضوا عليها بكاملها ، ويبنوا مجتمعا واعيا مؤصلة فيه القيم والمبادئ السامية .
والأسلوبان اللذان حددهما الشارع المقدس التقييم هما :
-
1. اسلوب التقيم بظاهر الحال :
وهو حال جميع الأنبياء حيث أنهم يشتركون في حالة واحدة ، وهي أن هويتهم جميعاً شرقية . فلماذا كل الأنبياء هويتهم شرقية ؟ ولماذا لا تكون غربية ؟
نحن نعلم أن الأنبياء ما بعثوا لقوم إلا ومعهم رسالة إلهية لتكوين مجتمع حضاري حر آمن من كل النواحي المادية و المعنوية والفكرية ، ونقلهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم قال تعالى : { أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } [2]. فقد فرضت لنا الآية الكريمة وظيفة الأنبياء عليه السلام ، وهي قوام بناء المجتمع وهي ثلاثة أمور : الكتاب ، والحكمة ، و التزكية . ولكي يقوم النبي بوظيفته يجب عقلاً أن يكون من نفس المجتمع ، فمن غير المنطقي أن يرسل النبي إلى أمة ، ويكون تكليفه في أمة أخرى ، فلعل تلك الأمة لا توجد عندها القابلية لقبول رسالة النبي المرسل . والمجتمع الشرقي لدبه استعداد وقابلية لتلقي الرسالات السماوية أكثر من غيره من المجتمعات الأخرى ، والدليل بأنا لو طرقنا باب العلوم والنظريات السابقة كيف خرجت بعد أن ذهب الإسلام إلى تلك المناطق ، ونشروا العلوم ، وكذلك في مجال الصناعات فقد كان المصريون والبابليون رواد الصناعة والهندسة في ذلك الوقت ، وفي الوقت نفسه كان المجتمع الغربي يعيش في ظلمات الجهل وبعد مرور زمن نقلت هذه الحضارة لهم .
كما أن المجتمع الشرقي قابل للتجديد والتطور. فعندما نزلت آية تحريم الخمر على المسلمين دخلوا أهل المدينة بيوتهم ، وأخرجوا صناديق الخمر وأراقوها في الشوارع امتثالاً لأوامر الله سبحانه . بينما تجد مثالا تاريخيا في الغرب حينما جاء رجل مثقف من الفرنسيين ، ورأى بلاد الأندلس شوارعها مفروشة بالحجر ، ومخططة بشكل جميل ، فلما عاد إلى بلاده دخل على أمير فرنسا وقال ما رأى ، فقال : طرقنا مزبلة وتعثوا فيها الخنازير ، فقال له: هل عندك مخطط الأندلس ؟ فقال له : نعم فأمر أن يخطط فرنسا بمثل مخطط الأندلس ، ويُمنع تجول الخنازير في الشوارع ، فقامت مظاهرات تطالب بحرية الخنازير في مشيها في الشوارع . وهنا يعرف لماذا يختار الشرق من غيره وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( اختار الله من خلقه بني آدم ، واختار من بني آدم العرب ، واختار من العرب قريش ، واختار من قريش بني هاشم ، واختارني من بني هاشم ) .
وهذا المنهج في الاختيار منسجم مع العقل بحيث لو أردت الوصول لمشروع ناجح في جماعة لابد أن يكون له عدة مراحل لإنجازه ، وهكذا أيضاً في الشرائع السماوية .
-
2. اسلوب التقيم الصريح :
لو نظرنا للأبناء الغير شرعيين تكون النظرة لهم سلبية بالرغم أنهم لا ذنب لهم في جريرة أبائهم ، ويمنعون من أن يمارسوا دوراً قياديا في المجتمع . فلماذا هذا الحرمان لهذه الفئة من الناس ؟
إن الابن الغير شرعي يكون في حالة نفسية مضطربة ، وشاعرا بالنقص ، وذلك هو انعكاس طبيعي في نفسيته بسبب والديه الذين كانا في نفس الحالة من الاضطراب لممارستهما شيئا خاطئا عقلاً ، فهذا الابن لن يستطيع قيادة أمة ونفسه غير مستقرة ، فكيف يبعث الأمان إلى من يقوده وهو فاقد ذلك الأمان في نفسه ؟!
وليست القضية إبعاده عن القيادة فحسب ، بل هو بحاجة إلى الاستقرار والأمان فلا يستطيع أن يعطيه الغير وهو فاقده .
كذلك المرجعية الدينية والتي تكون في محل قدوة ، فطاهر المولد نقي السريرة مستقر النفس يستطيع أن يكون قدوة ، ومصدرا للأمان لمن يتبعه ، وعكسه لو كان الشخص يعاني نقصا . فلو أن هناك شابا في العشرين ، وآخر كهل في الأربعين ، وجاءت امرأة تراودهما عن نفسهما ، فستكون احتمالية محافظة الشاب على عفته أقل من الكهل الذي قد لا يخضع بسهولة لشهوته كالشاب .
ولذا تعرف السبب من خروج الحسين عليه السلام على يزيد ، لأنه رجل فاسق قاتل معلن للفجور ، والحسين لا يبايع يزيد حتى لو قتل . لذلك خرج من المدينة على قلة الناصر ، واختار الإمام الحسين عليه السلام أن يوصل صوته إلى أقصى بلاد المسلمين ، لأنه يعلم بعلم الله أنه ينقذ دين جده من الضياع ، ولذا قامت الثورات بعده خمس سنوات إلى أن سقطت الدولة الأموية ، وارتفعت راية لا إله إلا الله مدوية في قلوب المؤمنين
للإستماع للمحاضرة هنـــــــــــــا
تلخيص الاستاذ زاهر العبدالله
جديد الموقع
- 2025-04-27 أقوى تلسكوب في العالم لاستكشاف أسرار الكون
- 2025-04-27 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يدشّن النسخة الخامسة من مبادرة "امش 30"
- 2025-04-27 سمو محافظ الأحساء يرعى الحفل الختامي لميدان الفروسية بالأحساء لعام 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-04-27 زوار معرض الرباط الدولي يشيدون بركن وزارة الشؤون الإسلامية: تجربة معرفية وتقنية تبرز ريادة المملكة في خدمة الإسلام
- 2025-04-27 زواج ثنائي سادة الهاشم (( الدكتور علي والمهندس حسين )) بالاحساء
- 2025-04-26 العمل التطوعي بين التنظير والممارسة
- 2025-04-26 تجربتان شعريتان في أمسية ابن المقرب
- 2025-04-26 أفراح الجاسم بالمطيرفي والبوحسن والخليف تهانينا
- 2025-04-25 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ماتحقق من إنجازات لرؤية المملكة 2030
- 2025-04-25 سمو نائب أمير المنطقة الشرقية: رؤية السعودية 2030 تواصل ترسيخ مكانة المملكة في مصاف الدول المتقدمة