
2009/01/03 | 0 | 665
أساليب الردع التربوية أسرياً واجتماعيا وفكرياً(الليلة السادسة)
الجزء الأول من البحث
1- يقول الفقهاء: بأن الحدود والعقوبات الشرعية ليست غير قاسية فقط ، بل للعقاب هنا له صورة ولكل صورة خلفية رحمانيه ورحيمية ، تتجلى رحمة الله في عقاب هذا الجاني ليس لاجتثاث الفساد في المجتمع وبناء مجتمع صالح فحسب ، بل أبعد من ذلك هو رحمة للجاني مما اقترفت يداه وعودته إلى الله ليدخله في واسع رحمته .
والحكم على السارق بقطع يده يحتاج إلى تحقق ثمانية شروط كي يستطيع الحاكم الشرعي أن يقيم عليه الحد ، فالشارع المقدس يضع أمورا شبه مستحيلا تحقيقها كي لا تقطع يد السارق رحمةً من الله عليه .
ولذا الذي يحمل نظرة قاصرة في فلسفة أحكام الله يجدها من العنف لأنه نظر بعين واحدة . كما أن هذه العقوبات الهدف منها التقليل والحد من هذه الجرائم . ولذا يكون الردع يتناسب مع حجم المشكلة وما سمي ردعا إلا من أجل أداء الفرض .
2- علماء النفس يقولون: بأن المشاعر التي تطفح على الإنسان سببها نزوات نفسية وعقد نفسية لا تحتاج إلى عقاب شرعي ، بل تحتاج لمعالجة لتفتيت هذه العقدة ، وذلك باحتواء هذه النزوة والعقدة ، وتوجيهها إلى الطريق القويم ، وقبل أن يكتشف علماء النفس هذه الحالة ذكرها الإمام علي عليه السلام قبلهم بقوله : ( التفكير في العواقب يكفي من العواقب ) . فيقول علماء النفس نعلم المريض النفسي نتيجة وعاقبة الجريمة فيرتدع إذا علم حجم هذا الذنب ويعود لرشده كما نص بذلك أمير المؤمنين ، ولكن المشكلة أكبر إذا كانت الحالة متجذرة داخل النفس وفي أعماقها ، ولا يمكن معالجتها بمجرد معرفته بعاقبة الجرم الذي فعله عندها نحتاج إلى قوة ردع أقوى تتناسب وحجم هذه المشكلة ، لكن علماء النفس يرجعون أسباب هذا المشكلة إلى الفقر تارة ، وإلى الفشل ، أو سوء المعاملة تارة أخرى ، وهي صحيحة من الجهة الفرعية ولكن الجواب الأصلي تجده في تعاليم أهل البيت عليهم السلام، فلابد أن لكل إنسان قواعد فكرية وثقافية ،وهذا الإنسان يحتاج ثقافة أهل البيت ، والهدف من هذه الثقافة تبني زوايا داخل النفس ولو أخذنا مثال على الصبر ، قال تعالى : { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } البقرة . تجد آخر الآية علاج حالة نفسية ، وتكون قاعدة في قلب المؤمن تحفظه من الجزع إذا حلت به مصيبة . ولذا منْ لم يبنِ له قواعد ثقافية تجده يصاب بانهيار ويسبب له أزمة نفسية . ولذلك تجد في الغرب كثيرا منْ يفكر بالانتحار عند نزول المصائب والنوائب في حياته وللأسف امتد ذلك إلى العرب ، فمستشفى ابن جلوي بالأحساء يستقبل أربع حالات انتحارية شهرياً غير حالات الفشل في الانتحار ، وذلك بسبب عدم وجود زوايا في صدر المنتحر تحفظه من هذا الواقع الشنيع .
وانتشار ظاهرة التفحيط والعبث بالمركبة قد يرجع سبب هذه الظاهرة إلى الفشل الدراسي أو التوبيخ ، فيبحث الابن عن وسيلة لإيصال صوته يعجز فيفلت إلى الخارج لكي يثبت أنه موجود لأنه لا يمتلك القاعدة والثقافة التي تؤمنه من الوقوع في الخطأ . فالواجب أن تتاح للشباب أماكن يثبتون فيها وجودهم الذاتي .
الجزء الثاني من البحث
عقوبة المرتد هي القتل فكيف تكون منسجمة مع القرآن الكريم ؟
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز : { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } .ولابد أن تجمع كل القراءات من الخطباء والكتب كي تكون لديك صورة عامة واضحة لتعرف أن بعض الأقوال تريد القضاء على الدين ، فكان من المحتوم القضاء على كل من يتطاول بيد المهانة على الإسلام بهذه الطريقة بالقتل . و لكل هناك بعض الشبهة تطرح الهدف منها الحصول على تنازلات فقهية ، وهذه لفتة خطيرة .فتجد أحدهم يقدم لهم روايات صحيحة ليستميلهم إلى أن يؤمنوا بالإسلام ، وهذا قد يكون صحيحا من وجه . لكن الجواب الصريح للمرتد/ المرتد لا يستحق سوى القتل لماذا ؟ لعدة أسباب نذكر منها :
1.إن العقوبة تمارس على من ارتد لا لأجل أن تمنعه من الارتداد ، بل كي لا يظهر ارتداده ولو أعلن ارتداده يؤثر في المسلمين .
2.تجد أن الملازمة لهذه العقوبة من باب إظهار الحقيقة . والدين لديه أمانة لا يمكن أن يخفي حقيقتها ، وهي أن الإنسان إذا تمادى في نكران المسلمات الفطرية مثل الإيمان بلله وبالرسل فقد ألغى قيمته فلذا يجب أن يقتل .
3.إن الرسالات الدينية قبل النبي صلى الله عليه وآله عانت من ظاهرة المستهزئين الذين يستعملون (إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ...)ولابد أن يكفي الرسول مؤونة المستهزئين حتى لا يتخذ النبي هزواً .
4.من يرتد لا يرتد عن شبهة أو إشكال في الله ولا عن النبي بسبب هذه العوامل ، لأن البراهين استجاب لها العقل ، ومنها الاستقراء والبراهين ، ولذا القران الكريم يسأل بالفطرة مثل قال تعالى {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، فقد كان رسول صلى الله عليه وآله يكلف عبد الله بن جحش أن يقود جماعة إلى مكة ، ويعطيه كتاب ويأمره بأن لا يفضه إلا إذا اقترب من مكة ، لكنه فتحه قبل ذلك ، وإذا مكتوب في الكتاب الجهاد ضد الكفار ، فارتد قوم منهم .وهناك مثال آخر فقد عزم رسول الله أن يقيم الحد على زانية ، فجاء قوم يتشفعون فيها عند الرسول صلى الله عليه وآله فرفض الشفاعة ، ثم رجعوا إليه ثانية ، وعرضوا عليه المال ، فردهم الرسول ، فرجعوا ثالثة ، قالوا له إذا أقمت الحد نرتد عن الإسلام ، ومثال آخر لهروب الناس من التكاليف لما أراد الحسين الخروج للحج توافدت الآلاف للحج بحج الحسين عليه السلام ، فلما وقف فيهم خطيباً ، وحثهم للجهاد ، لكنهم هربوا من التكليف ، وقد قال عليه السلام (الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم يدورن ما درت معالمهم ، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون ) . لذلك لم يبقَ معه إلا سبعون رجلاً ، ومنهم حبيب الذي سجل أروع الأمثلة في التفاني و الذوبان في أهل البيت عليهم السلام .
للإستماع هنــــــــــــــــــا
خادمكم / زاهر العبد الله
جديد الموقع
- 2025-04-27 أقوى تلسكوب في العالم لاستكشاف أسرار الكون
- 2025-04-27 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يدشّن النسخة الخامسة من مبادرة "امش 30"
- 2025-04-27 سمو محافظ الأحساء يرعى الحفل الختامي لميدان الفروسية بالأحساء لعام 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-04-27 زوار معرض الرباط الدولي يشيدون بركن وزارة الشؤون الإسلامية: تجربة معرفية وتقنية تبرز ريادة المملكة في خدمة الإسلام
- 2025-04-27 زواج ثنائي سادة الهاشم (( الدكتور علي والمهندس حسين )) بالاحساء
- 2025-04-26 العمل التطوعي بين التنظير والممارسة
- 2025-04-26 تجربتان شعريتان في أمسية ابن المقرب
- 2025-04-26 أفراح الجاسم بالمطيرفي والبوحسن والخليف تهانينا
- 2025-04-25 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ماتحقق من إنجازات لرؤية المملكة 2030
- 2025-04-25 سمو نائب أمير المنطقة الشرقية: رؤية السعودية 2030 تواصل ترسيخ مكانة المملكة في مصاف الدول المتقدمة