2025/05/04 | 0 | 289
(أيُّها الشاعرُ هل يُنهيكَ شكلٌ لقصيدة)
القصيدةُ قصيدتُكَ مهما كانت
أنتَ منشِئُ القصيدةِ فكنْ مزاجيَّاً معها
لتكنْ فوزَكَ وكنْ ابنَ أحنفِها
أو كن جريرَ فرزدقِها
كن كذلكَ متى ما غادرتَ دائرةَ العشق
دائرةَ التعلُّقِ التي لا عيوبَ للمحبوبِ فيها
كن جريرَ فرزدقِها
أو كنْ فرزدقَ جريرِها ، لا فرق
لا فرقَ بعدما كنتَ ابنَ أحنفِ فوزِها
كن هكذا وانظمْ قصيدةَ شطريك،
قصيدةَ تفعيلتِكَ، قصيدةَ نثرِك
فالقصيدةُ قصيدتُك قطعاً
ولكَ أنَ تتغزَّلَ بها أو تذمَّها
أن تتنقَّلَ بينَ أشكالِها
أن تصنعَ تيَّارها
وعليها أن تكونَ تيَّارَكَ المصنوع
فَلَكَ أن تتماهى مع قِفا نبكِ
مع رعشةِ الطفلِ إذا خافَ مِنَ القمر
مع الرؤيةِ والعبارةِ في تناسبِ مداهما التدافعي(1)
مع اللغةِ التي تحملُ بساطتُها عمقَها
مع المجازِ المتنزِّهِ في روضةِ الحقيقة
مع جهرِ صدى النشيج
مع همسٍ لا يتوارى خلفَهُ ضجيج
لك ذلكَ فلا تخشَ أن تَتَلَبَّسَ بصبغةِ القصيدة
بشطريها ، بتفعيلتِها ، بنثرِها
هِيَ صبغتُكَ وما أنتَ بصبغتِها
فتنقَّلْ بينَ أشكالِها،
تَنَقَّلْ ولا تلتفتْ إلى سَدُومِ نَقْد
هِيَ غُرَفُ بيتِكَ والبيتُ لك
وهِيَ بكَ وما أنتَ بها
فما التفعيلةُ بغيرِ السياب
وما الشطرانِ بغيرِ أبي مُحَسَّد
وما النثيرةُ بغيرِ بعضِ نصوصِ النِّفَّري
وما أشكالُ القصيدةِ كُلُّها بغيرِ الإنسان.
(1) إشارة إلى قول محمد بن عبد الجبار النِّفَّري (ت354 هـ) :" كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة" وهي مقولة شاع ترددها بين الأدباء و الشعراء والنقاد المحدثين ، وهي تعبر عن ضيق اللغة وعجزها في استيعاب تدفقات ينبوع النفس، وبعض المحدثين يكتب كلمة( الرؤية) الواردة في عبارة النِّفَّري بالألف القائمة( الرؤيا) ، وشتان بين الكلمتين .
