غير أنَّ هذه الكتب قد ألقت الضوء على حالة التحول التي ظهرت في المملكة  من خلال البعثات إلى دول الغرب، فعرضت هذه الكتب لرجال الأعمال والأطباء والمعلمين والأدباء وغيرهم، وفي اتكائه على رجال  الأعمال يظهر الحركة التجارية والاقتصادية التي عمَّت المملكة، وهؤلاء الرجال لم  يقتصروا على جانب واحد  في عملهم،  بل تجدهم  رجال أعمال - مثقفين – كرماء – مساهمين – متزاورين، لا يفوتهم الجانب الاجتماعي والحياتي بجانب العمل الأساسي، وهذا قلما نجده في بعض الأوطان، وهذا كان حال كل شخص في المملكة، كما أشار إلى المعلمين؛ ليبين انتشار التعليم واهتمام المملكة به، فلا تقدم ولا تطور بدون التعليم، ويركز أكثر على  الجانب الثقافي؛ ليشير إلى التحولات الحادثة على كافة الأصعدة، وتركيز الجانب الثقافي على التراث والابتكار وتعميق الهوية والوجود للإنسان، وظهور الجماعات "كجماعة الرصيف" والحرص على انتشار المجالس كمنابر ثقافية واجتماعية وتعليمية، غير أنَّ هناك  خاصية أخرى يتميز بها أسلوب الكاتب في عرضه لهؤلاء الأصدقاء وهو "التضفير والربط" بين الشخصية والطريق المؤدي إلى معرفتها سواء كان مكانًا أو شخصًا، فيقول: "عرفت فلان عند زيارتي لكذا، وعرفني فلان على فلان، وعرفت فلان من خلال قراءة أعماله، وعرَّفتني وسائل التواصل بفلان" وهكذا، كل ذلك لم يأتِ اعتباطيًّا، بل عفوية الكاتب خلقت جوًّا من الحكي مكتمل الأركان؛ استطاع من خلال تلك العفوية أن ينقل وتيرة السرد من تقريريتها المباشرة إلى التنوع في أسلوب السرد عبر الفلاش باك والاستباق في رجوعه لمعرفة الشخصية وتاريخها، وما هي عليه وغير ذلك، فلم يقدم سيرة ذاتية للشخص يشير فيها لوظائفه التي تقلدها، بل يقدم سيرة لوطن مختلف يريد أن يزهو به بين الأوطان، فلم يكتفِ بالمناصب في سرد السيرة، وإنما هناك شخصيات بدون مناصب وهناك شخصيات عملت بالأعمال البسيطة في المجتمع، ولكنَّ الكاتب هنا ركَّز على الجانب الإنساني لهؤلاء الشخصيات، ليعرض من خلالهم الإنسانية التي يتمتع به المجتمع السعودي بصفة خاصة والعربي بصفة عامة؛ لذا نرى بنية التواضع تشكل اللبنة الأساسية لبناء تلك الشخصيات وعظمة مكانتهم  بالإضافة إلى بنيات أخرى تلي التواضع وهي: (كرم الضيافة - التسامح - المشاركة في الأتراح والأفراح – والتزاور، وغيرها)؛ فالكاتب عرض في هذه الكتب صورة المجتمع العربي والمجتمع السعودي والأحسائي أمام القارئ على الورق، وهو بذلك نقل المجتمع من الفضاء الواقعي الحقيقي إلى الفضاء الورقي ، وهناك بنية كانت لبنة أساسية في بناء العمل وبناء المجتمع  وهي (شركة أرامكوا)، فقد شكلت البنية الأساسية للعمل، وهي شركة كبيرة وعريقة تضم جميع الفئات، فذكر الكاتب أن الكثير من السعوديين قد عملوا بهذه الشركة، وأخيرًا وليس آخرًا نجد أنَّ هذه الكتب قابلة للتعدد القرائي، فهي غنية بمعلومات وأفكار وأساليب ثرية تشوق القارئ وتجعله لا يمل من القراءة، وثمة لمحة أخرى في كتاب أصدقاء عبر الزمن  وهي (نوستولوجيا  الحنين) وهي ما تمثلت في عبارته التي قال فيها: (بيني وبين المطيرفي رابط لا ينقطع، إنهم أهلي وإخوتي وأعزائي وأصدقائي، في أعمق جزء من قلبي، هناك شعور بالأخوة والمحبة، وبما أنهم أهلي وإخواني وأعزائي وأصدقائي والأشخاص الذين أرتبط بهم، كان عليَّ أن أكتب شيئاً عن بلدتي المطيرفي وشخصياتها، ومن بينهم الأطباء والمعلمون والكتاب ورجال الدين ورجال الأعمال والمزارعون والرياضيون وغيرهم، وقد نالوا جميعاً الاحترام والتقدير لسلوكهم الجيد وإنجازاتهم المتميزة، ويشكلون معًا مجموعة متماسكة تعمل من أجل تحسين المجتمع).

إن ذكر الكاتب لوطنه وبلدته المطيرفي يشكل «نوستولوجيا الحنين للمكان»، للماضي، للأحباب لكل شيء مرَّ على الإنسان، ووقف ليتحاور مع تلك الذاكرة الماضية ويستحضرها أمام عينيه، ومن هنا يختم به الكتاب، وكأنه مسك الختام، وبعد هذه القراءة، فإنَّ هذه الكتب هي سيرة ذاتية لرحلة الكاتب «بو محسن» عبر رحلة حياته كلها، فكم تتميز هذه الحياة بالثراء والاكتمال وتخترق العمر الحقيقي لهذا الكاتب لتضيف له أعمارًا عديدة وأزمنة مديدة بهؤلاء الأصدقاء!