2021/03/03 | 0 | 6339
من فضائل شهر رجب
تم الحديث ليلة السبت في مسجد الشيخ الأوحد بين الفرضين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾.[ طه: 25 ـ 28].
عن رسول الله (ص) آنه قال: «إنّ الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكاً يقال له الداعي، فإذا دخل شهر رجب، نادى ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين. ويقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني. الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي. فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به وصل إليّ». [ إقبال الأعمال، السيد ابن طاوس2: 628].
نحن على أعتاب شهر الله، شهر رجب الأصبّ، الذي تُصبّ فيه الرحمة على العباد صبّاً، ففي الحديث المروي عن رسول الله (ص): «رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي». [وسائل الشيعة، الحر العاملي8: 99]. وهنالك الكثير من الروايات التي وردت في فضل هذا الشهر الشريف، ومنها الرواية التي ذكرناها أولاً.
إن هنالك محطات كثيرة يمر بها الإنسان المسلم، يتعبد فيها إلى الله تعالى، ولكل محطة ميزة وخصوصية تختلف عن غيرها. وإذا تجاوز المؤمن أيّ محطة عبادية ولم يستثمرها بالشكل المطلوب، خسر الكثير مما كان يجب عليه أن يدّخره لآخرته. فهناك محطات يومية، كما في الصلوات الواجبة والمستحبة، وأخرى في كل أسبوع، كما في صيام يومين من كل أسبوع، أو الأدعية والزيارات والعبادات المخصوصة بأيام معينة كليلة الجمعة، وما أدراك ما ليلة الجمعة!. فهي ليلة مباركة عظيمة يستجاب فيها الدعاء. وكذلك يوم الجمعة، فهو من المحطات الأسبوعية المهمة التي ينبغي للمؤمن أن لا يمر به دون اكتراث واهتمام. وهنالك محطات أخرى في كل شهر، كما في الليالي البيض، وهي الثالثة عشرة، والرابعة عشرة، والخامسة عشرة. أو في كل سنة، كما في الأشهر الثلاثة، ومنها شهر الله، شهر رجب الأصبّ، وشهر شعبان، وهو شهر رسول الله (ص)، وشهر رمضان، وهو شهر الأمة.
فالإنسان إنما وجد في هذه الدنيا للعبادة. قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلّا لِيَعْبُدُوْنِ﴾. [الذاريات: 56]. فالعبادة هي المطلب الأساس الذي لا بد أن يسعى الإنسان لتحقيقه، وهذه المحطات التي نمر بها لا بد أن نتزود منها، وإلا لن نستطيع أن نصل إلى مبتغانا وهدفنا في الحظوة برضا الله سبحانه وتعالى.
إن هذا الشهر شهر عظيم، ويكفيه شرفاً نسبته إلى الله تعالى، فهو (شهر الله) كما في الروايات التي نصت على ذلك، وفيه ليال مخصوصة عظيمة، كتلك التي ارتبطت بالمناسبات، وهي محطات للتعبد والتوجه إلى الله تعالى، فالليلة الأولى منه تصادف ميلاد الإمام الباقر (ع) والليلة الخامسة والعشرون تصادف استشهاد الإمام الكاظم (ع) والسابعة والعشرون تصادف يوم البعثة النبوية الشريفة، وغيرها من المناسبات الكثيرة. وهكذا في الأشهر التي تليه، كليلة النصف من شعبان، وليلة القدر وغيرها من المحطات العبادية المهمة.
أعمال الليلة الأولى واليوم الأول:
تحظى الليلة الأولى من هذا الشهر بشرف عظيم ومنزلة كبيرة، وفيها الكثير من الأعمال، فلا ينبغي للمؤمن أن يتجاوزها كأيّ ليلة من سائر الليالي. فمن أعمالها الاستهلال، وهو وإن كان وارداً في أول كل شهر، إلا أن له خصوصية في هذه الليلة، مكتسبة من خصوصية شهر رجب.
ومما ورد في أعمال اليوم الأول منه، زيارة الإمام الحسين (ع) فقد ورد عنهم (ع): «من زار الحسين (ع) أول يوم من رجب، غفر الله له ذنوبه البتة». [عوالي اللآلئ، البن أبي جمهور الأحسائي4: 82]. وكذلك الغسل في أول ليلة منه، فهو من المستحبات الواردة في الروايات الشريفة. حيث ورد عن النبي الأعظم (ص): «من أدرك شهر رجب، فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». [إقبال الأعمال، السيد ابن طاوس2: 628].
وهنالك صلوات مخصوصة بالليلة الأولى، وكذلك أعمال أخرى مخصوصة بأيام هذا الشهر المبارك، ومن أبرزها الصيام، وفيه من الثواب العظيم ما لا يعلمه إلا الله تعالى. وقد وردت روايات كثيرة في ذلك، لا سيما صيام اليوم الأول منه، والأوسط، والآخر. ومن لم يستطع الصيام، فعليه بالصدقة، ومن لم يستطع أن يتصدق بالكثير، فيمكنه أن يتصدق بأقل ما يمكن، ولو بشقّ تمرة، كما في الروايات الشريفة. ومن لم يستطع لا هذا ولا ذاك، فعليه بالاستغفار. وهنالك غُسل وزيارة للإمام الحسين (ع) أيضاً في اليوم الأول.
أما الأعمال العامة في هذا الشهر، فهي كثيرة، ومنها الأدعية المخصوصة، والصلوات الكثيرة، والعُمرة، وما أدراك ما العمرة! لها خصوصية خاصة في هذا الشهر، ويترتب على الإتيان بها ثواب عظيم. وكذلك زيارة الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ففي الرواية إنها أفضل من الحج والعمرة المندوبين. [انظر: هداية الأمة إلى أحكام الأئمة، الحر العاملي5: 511] .
وقد يقال: إن زيارة الإمام الرضا (ع) هذه الأيام غير متيسرة عملياً عن قُرب، فنقول: يمكن أن يزار (ع) عن بعد، فإن الله تعالى يتقبل من المتقين بشرط التوجه والإقبال. وحتى في زيارة الإمام الحسين (ع) إن لم يستطع المؤمن السفر لزيارته، يمكنه أن يزوره عن بعد. وسوف نقوم بزيارة الإمام الحسين (ع) في الأسبوع المقبل إن شاء الله، في ليلة الجمعة القادمة، من هذا المسجد المبارك، بعد الصلاة مباشرة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-12-29 المرأة في الشعر الإسلامي الزهراء أنموذجًا
- 2024-12-28 افراح البقشي تهانينا
- 2024-12-28 القبلة بوصفها ملاذًا للذاتقراءة في ديوان «قبلة تسرق الحزن» للشاعر عبدالله العطية
- 2024-12-28 المخطوطات الأحسائية والعالمية والباحث في التاريخ
- 2024-12-28 أفضلية الورقي.. أسباب أخرى
- 2024-12-28 برامج جديدة متاحة لعلاج للمصابين بالتأتأة
- 2024-12-28 بقايا دخان السجائر الإلكترونية من المواد الكيميائية المترسبة على أسطح الأشياء قد تلحق ضررًا بالجهاز المناعي للأجنة
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟