2010/07/18 | 0 | 4801
من سيرة الامام الكاظم (عليه السلام)
فكان لها بالغ الأثر على شخصيته العلمية والعملية , وأيضا إذا نظرنا إلى جانب أم الإمام الكاظم (عليه السلام) نجدها أنها كانت خير وعاء حمل الإمام الكاظم (عليه السلام) فقد كانت من النساء المؤمنات العارفات بمنزلة أهل البيت (عليهم السلام) , ومما يدلل على منزلتها وطهارتها أن الإمام الصادق (عليه السلام) لقبها بحميدة المصفاة, وقام أيضا بتعليمها وتثقيفها بالثقافة الإسلامية حتى أصبحت فقيهة بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يرجع النساء إليها في تعليم الأحكام الشرعية , وكانت موضع عناية عند النساء العلويات ,وأيضا مما يدلل على منزلتها ومكانتها ما ذكره الإمام الباقر(عليه السلام) في شأنها (أنت حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة ) فمن الطبيعي أن يتصف الإمام الكاظم (عليه السلام) بمختلف صفات الكمال والفضل فهو من أهل بيت أذهب عنهم الرجس وطهرهم من الدنس , فقد عاش بين أبوين كريمين .
ألقاب الإمام الكاظم(عليه السلام)
كل لقب للإمام (عليه السلام) يدل على خصلة وصفة تجسدت في شخصيته المباركة,
من ألقابه (عليه السلام) الكاظم , والكظم هو الإمساك والجمع لشيء ,فعندما تمتلأ القربة بالماء وتقوم بشد وأحكام فوهتها حتى لا يخرج الماء يقال كظمتها , فكان الإمام الكاظم عرف بكظمه للغيظ بل لا يظهر على وجهه أثر الغضب , على رغم الإساءات التى كان يتعرض لها من مبغضيه و مخاليفيه ,فكان كثير التجاوز وكان يقابل الإساءة بالاحسان ,بل إذا بلغه عن رجل أنه يؤذيه كان يوصله بالعطاء والمال ,ومما ينقل عن حلمه وعفوه أن شخصاً كان يسيء للإمام، ويكيل السب والشتم لجده أمير المؤمنين ، وحول الإمام أنصار واتباع متفانون في الدفاع عنه، فأرادوا الانتقام من هذا الرجل بتصفيته واغتياله، فنهاهم الإمام عن ذلك، وكان يتحمل الإساءات المتكررة من ذلك الرجل، وذات يوم سأل الإمام عن مكانه، فقيل: إنه يزرع في بعض نواحي المدينة، فركب الإمام بغلته، ومضى إليه، فوجده في مزرعته، فأقبل نحوه، فصاح الرجل: لا تطأ زرعنا. وانتهى الإمام إليه، وجلس إلى جنبه، وأخذ يلاطفه، ويحدثه بأطيب الحديث، ثم قال له بلطف ولين:« كم غرمت في زرعك هذا؟»
قال الرجل: مئة دينار، فسأله الإمام: «كم ترجو أن تصيب منه؟»، قال الرجل: أنا لا أعلم الغيب، فقال الإمام: «إنما قلت لك: كم ترجو أن يجيئك منه؟»، قال الرجل: أرجو أن يجيئني منه مائتا دينار.
فأعطاه الإمام ثلاثمائة دينار،وقال:« هذه لك وزرعك على حاله.»
فكانت تتجسد فيه (عليه السلام) هذه الآية المباركة ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
ومن ألقابه (عليه السلام) كان معروفا عند أهل العراق بباب الحوائج ’فهو باب من أبواب الله من توسل به إلى الله فإن الله سبحانه وتعالى لا يرده , وكم قضيت حوائج لمن توسل به إلى الله لأن الله جعل لأوليائة مقاما ومنزلة بيانا لفضلهم ومقامهم(عليهم السلام).
ومن ألقابه (عليه السلام) العبد الصالح, لكثرة عبادته ومناجاته عندما أودع السجن رفع يديه إلى السماء قائلا (اللهم إني طالما أسألك أن تفرغني لعبادتك وانك قد أستجبت لي فلك الحمد على ذلك , فكان يرى هذه المحنة في هذه السجون أنها تفرغ لعبادة الله سبحانه وتعالى, في يوم من الأيام جاء هارون العباسي إلى سجن الفضل بن الربيع من أجل أن يتأكد هل أن هناك تضيق على الإمام الكاظم (عليه السلام) أم لا فجلس هارون مع الفضل بن الربيع في أعلى السجن فرأى ثوباً مطروحاً في وسط السجن فقال هارون للفضل ما هذا الثوب الملقى في وسط السجن فقال الفضل ليس هذا بثوب وإنما هذا موسى بن جعفر له سجدة بعد طلوع الشمس إلى الزوال ,فقال هارون هذا من رهبان بني هاشم,وكان دائما يكرر في سجوده (عظم الذنب من عبدك فاليحسن العفو من عندك يا أهل التقوى والمغفرة)
ورغم الظروف القاسية التي كان يعيشها الإمام (عليه السلام)من تضييق ومراقبة من قبل السلطة الظالمة إلا أن الإمام أعد شخصيات علمية وفكرية ,بل نجد أن هناك شخصيات من أصحاب الإمام (عليه السلام) وصل إلى مناصب ومواقع حساسة في جهاز الدولة لكفائتهم وقدرتهم المميزة في إدارة الأمور ,وكان الإمام يشجعهم على البقاء في مناصبهم من أجل دفع الظلم والقهر والقتل عن المؤمنين والموالين مهما أمكنهم ذلك ,ومن أمثلة ذلك علي بن يقطين الذي كان وزيرا في عهد المهدي ومن ثم في عهد هارون ’وكان علي بن يقطين يخفي تشيعه للإمام الكاظم (عليه السلام)وكان يحاول جاهدا في رفع الظلم وكان الإمام (عليه السلام) يسدي له التوجيه والنصح حتى لا يقع في مكائد الوشاة وطالما كاد أن يقع في يد هارون بسبب الوشاة التي تنقل لهارون أن علي بن يقطين هو من الشيعة ولكن بمتابعة الإمام وتوجيهه له كان ينجو من القتل.
وقد قضى الإمام (عليه السلام) فترة من عمره في قعر السجون ما يقارب من أربعة عشر عاما وهو ينقل من سجن إلى سجن,وأول هذه السجون سجن عيسى بن جعفر في البصرة ولما رأى عيسى بن جعفر صلاح الإمام وكثرة عبادته وسمو أخلاقه طلب من هارون أن ينقل الإمام اليه حتى لا يبتلى بدمه واستجاب هارون لطلب عيسى بن جعفر ونقل الإمام (عليه السلام) إلى سجن الفضل بن الربيع ,ومن ثم إلى سجن الفضل بن يحي إلى أن كان آخر السجون وهو سجن السندي بن شاهك وكان طامورة تحت الأرض لا يعرف الليل من النهار حتى أن الإمام جاء إلى باب تلك الطامورة من أجل أن يشم النسيم فرآه السندي بن شاهك عند الباب فلطم الإمام على وجه ,إلى أن التحق بالرفيق الأعلى في ظلمة هذه الطامورة غريبا وحيدا مظلوما ,وهناك مقطع من زيارة الإمام تبين هذه المأساة التي مر بهآ الإمام في هذه السجون تقول(السلام على المعذب في قعر السجون وظلم المطامير,ذي الساق المرضوض بحلق القيود) .
من أرشادات وتوجيهات الإمام موسى الكاظم (عليه السلام):
«اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان الثقات، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات»
الإمام الكاظم (عليه السلام)في هذا الحديث يعلمنا كيف نستفيد من الوقت وكيف نقسم الوقت إلى هذه الأقسام الأربعة التي ذكرها في هذا الحديث ,وخصوصا ونحن نعيش هذه الاجازة الصيفية الطويلة فينبغي أن نستثمرها لما فيه خير لديننا ودنيانا ,لأن الفراغ غالبا مايكون أرضية للأنحراف فيصل الإنسان أقرباءه وأن يستفيد من الإخوان والأصدقاء الذين يثق معهم على دينه وخلقه من الإنحراف ,وأيضا يحتاج الإنسان أن يرفه عن نفسه وعن أهله في سفرة أو رحلة ,لأن القلوب والروح تصاب بالملل والضجر إذا لم تغير الروتين المعتاد قال النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)((روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت))وقال أمير المؤمنين (عليه السلام)((إن هذه القلوب تملٌ كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكم)).
والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-11-24 التفوق العلمي طريق الى التقدم والازدهار
- 2024-11-24 قافية أيوب الأخرس
- 2024-11-24 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- 2024-11-23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024-11-23 العرابي يتوّج في الاحساء بطلاً للجولة الثالثة والأخيرة لمنافسات بطولة السعودية تويوتا الدرفت 2024
- 2024-11-23 الفتح يتصدر ترتيب الأندية في الدوري المشترك للبلياردو
- 2024-11-23 ذاكرة القلم عن ملتقى الفريج الشمالي
- 2024-11-23 الأدلجة السلوكية
- 2024-11-23 في يومين : الأدباء الشباب في ضيافة ابن المقرب
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا