2021/02/03 | 0 | 4557
علاج قسوة القلب ( القسم السادس) [ زيارة القبور]
كلمة يوم الجمعة ١٥ جمادى الآخرة ١٤٤٢ هـ الشيخ أحمد حسين البخيتان
تم الحديث يوم الجمعة في مسجد الشيخ الاوحد "قدس سره" بين الفرضين كما جرت العادة على ذلك :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين خير الخلائق أجمعين من بُعث رحمة للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين .
قال تبارك وتعالى :
( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )
آمنا بالله صدق الله العلي العظيم .
عناصر الكلمة :
١- مقدمة :
لا يزال الكلام حول علاج قسوة القلوب ، ونحن نؤكد على هذا العلاج لأنه من أعظم العقوبات التي يصاب بها الإنسان قسوة القلب ؛ لأنه إذا قسى قلبه لا يشعر بلذة العبادة ، والصلاة ، والدعاء ، ولا يعطف على اليتيم ، ولا على الفقير ، وغير ذلك ، فذكرنا مجموعة عن العلاجات في الأسابيع السابقة ، وهي:
أ- التوبة .
ب - تلاوة القرآن الكريم .
ت - الموعظة .
ث - ذكر الموت .
ج - وفي هذا اليوم نذكر العلاج الخامس ، ألا وهو زيارة القبور.
٢- نصوص تؤكد على استحباب زيارة القبور لما لها من أثر على رقة القلوب ، ومن هذه النصوص .
أ- قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة ولا تقولوا هجرا) .
ب - وورد بأنها : تزهد في الدنيا .
ت - وأنها لكم فيها عبرة .
ث - وفي الدعاء: ( يا من في القبور عبرته ).
إذن على الإنسان أن يتذكر بأنه في يوم من الأيام سوف يوضع في هذه الحفرة ، لو زيد في فسحتها و أوسعتها يدا حافرها لضغطها الحجر والمدر وسد فرجها التراب المتراكم .
٣- غربة القبر :
الغربة الحقيقية للإنسان هي غربة القبر .
أ - وفي الشعر :
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّامِ واليمنِ
إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
ب - وفي دعاء أبي حمزة الثمالي : " وجُد عَلَيَ مَنقولاً قَد نَزَلتُ بِكَ وَحيدا في حُفرَتي ، وَارحَم في ذلِكَ البَيتِ الجَديدِ غُربَتي حَتّى لا أستَأنِسَ بِغَيرِكَ "
فيكون الإنسان وحيداً فريداً في تلك الحفرة بعد أن يضعه الأهل والأحبه وينفرد بعمله ، وكما جاء وحيداً يرحل وحيداً، قال تعالى : ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ )
سورة الأنعام/ 94
ويتذكر الإنسان بأنه سوف تتقطع أوصاله في ذلك القبر ، يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " أذكر تقطع أوصالك في قبرك ورجوع أحبابك عنك إذا دفنوك في حفرتك" .
وفي دعاء أبي حمزة الثمالي :
" فَمالي لا اَبْكي اَبْكي، لِخُروجِ نَفْسي، اَبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري، اَبْكي لِضيقِ لَحَدي، اَبْكي لِسُؤالِ مُنْكَر وَنَكير اِيّايَ، اَبْكي لِخُرُوجي مِنْ قَبْري عُرْياناً ذَليلاً حامِلاً ثِقْلي عَلى ظَهْري"
٤- التزود لهذا السفر :
وبما أن الموت سفر يمر به الإنسان فعليه أن يتزود ويستعد له ، والزاد لهذا السفر هو العمل الصالح ، وتقوى الله سبحانه وتعالى : قال تعالى : ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ) .
وعن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه) : ( إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك حريصاً شحيحاً فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك، قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم محباً وإني كنت عليكم محامياً فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها، قال: فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهداً وإن كنت عليَّ لثقيلاً فماذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت) .
إذن يخرج الإنسان من الدنيا ولا يأخذ منها إلا عمله ، ومن المال كفنه .
وكما في الشعر :
و قل لمن مَلَكَ الدُّنيا بأجمَعِها
هل رَاحَ منها بِغَيرِ القُطنِ والكَفَنِ؟
ويقول قيس بن عاصم : في الشعر بأن العمل ملازم للإنسان في قبر ه وحشره ونشره ، وأنَّ الإنسان إما أن يسعد به إن كان صالحاً ، أو يشقى به إن كان فاسداً .
تَخَيَّرْ قَرِيناً مِنْ فِعَالِكَ إِنَّمَا
قَرِينُ الْفَتَى فِي الْقَبْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُ
فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَنْ يُعِدَّهُ
لِيَوْمٍ يُنَادَى الْمَرْءُ فِيهِ فَيُقْبِلُ
أَلَا إِنَّمَا الْإِنْسَانُ ضَيْفٌ لِأَهْلِهِ
يُقِيمُ قَلِيلًا عِنْدَهُمْ ثُمَّ يَرْحَل
ويقول آخر :
يا مَن بِدُنياهُ اِشتَغَل
وَغَرَّهُ طولُ الأَمَل
المَوتُ يَأتي بَغتَةً
والقبرُ صندوقُ العَمَل
٥- الحياة فرصة للعمل :
بما أن الإنسان مقبل على سفر طويل فيجب عليه أن يستعد لهذا السفر وذلك بالعمل الصالح ، والحياة هي فرصة تمر على الإنسان يجب عليه أن يغتنمها ، قبل موته .
أ- قال تعالى : ( وَقُلِ اعْمَلُوا ... ) .
ب - ويجب على الإنسان أن يسارع للعمل الصالح ، قال تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ...)
ت - الإنسان يكون في خسارة يوم القيامة إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فيخرج من الدنيا بعقيدة صحيحة راسخة و بعمل صالح ينجيه ويسعد به .
يقول تبارك وتعالى : ( وَالْعَصْرِ ،إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) .
إذن الإنسان في هذه الحياة يعيش تجارة مع الله سبحانه وذلك بالعمل الصالح الذي يقرب هذا الإنسان من الله عز وجل ، يقول الإمام الهادي (عليه السلام ) :
" الدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون "
٦ - تمني الرجوع إلى الحياة الدنيا :
عندما يأتي الموت للإنسان وتنكشف له الحقائق ويرى أهمية العمل الصالح الذي هو زاد للإنسان في هذا السفر الطويل ، يتمنى أن يرجع للدنيا من أجل أن يعمل الصالحات .
أ- يقول تبارك وتعالى : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) .
ب - تتقل كتب التاريخ بأنَّ عيسى (عليه السلام)، نادى أمه مريم بعد وفاتها، فقال: يا أماه كلميني، هل تريدين أن ترجعي إلى الدنيا؟ قالت: نعم لأصلي لله في ليلة شديدة البرد، وأصوم يوما شديد الحر، يا بني فإن الطريق مخوف .
نسأل من الله تبارك وتعالى الرحمة والمغفرة ، وأن يثبتنا على ولاية أهل البيت ، والبراءة من أعدائهم ، وأن يحشرنا في زمرتهم ببركة الصلاة على محمد وآل محمد
جديد الموقع
- 2024-11-24 التفوق العلمي طريق الى التقدم والازدهار
- 2024-11-24 قافية أيوب الأخرس
- 2024-11-24 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- 2024-11-23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024-11-23 العرابي يتوّج في الاحساء بطلاً للجولة الثالثة والأخيرة لمنافسات بطولة السعودية تويوتا الدرفت 2024
- 2024-11-23 الفتح يتصدر ترتيب الأندية في الدوري المشترك للبلياردو
- 2024-11-23 ذاكرة القلم عن ملتقى الفريج الشمالي
- 2024-11-23 الأدلجة السلوكية
- 2024-11-23 في يومين : الأدباء الشباب في ضيافة ابن المقرب
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا