ثمالة الغوص / قصص برسم الإجتماع للقاص : صلاح بن هندي

قصبة هجر ( الحاضرة) الواقعة في واحة الأحساء( شرق الحزيرة او ماعرف ببلاد البحرين و تحول الإسم في نهاية القرن الثالث الهجري الى الأحساء) . و السيف أو الساحل هو الخط بندر العحير
حينها نتذكر
الشاعر الجاهلي امرئ القيس
صاحب نخيل قريبة من صفا المشقر حين حديثه عن ابن يامن يقول:
أو المُكرعات من نخيل بن يامن
دُوَين الصّفا اللائي يلين المشقرا
وكذلك عند عرفطة الأسدي حيث يقول:
أو المُكرعاتُ من نخيل ابن يامنٍ
دُوين الصّفا اللأئي.. يحفّ المشقرُا
والمكرعات هي النخيل على حافة الماء،
وعند الشاعر الأحسائي الجاهلي عند طرفة بن العبد ان ابن يامن ليس فقط صاحب نخيل وإنما هو رجل بحري وصاحب سفن فهو يصف ناقته وكأنها من سفن ابن يامن:
عَدوليةٌ، أو من سفين ابن يامن
يَجُور بها الملّاحُ طوراً ويهتَدي

ظلّت هذه العلاقة التاريخية لمجتمعات الأحساء بين الزراعة و البحر ، و التي تشكلت كحالة تكاملية بين الإنتاج و السفر و النجارة ، و امتهن في ذلك السكان بإخنلاف طبقي .
وكان من موارد العمل الغوص عن اللؤلؤ و من المعلوم أن بندر لعجير ( ميناء العقير) أحد المنطلقات و ان كان الحساوية ركبوا البحر من موانئ الخليج الأخرى ايضاً
يشكل العمل في البحر بحثا عن اللؤلؤ اخد روافد اقتصادية خاصة للمدن المطلّة على البحر، و لكن النظام الإجتماعي يقسم المجتمع الى قلّة يملكون السفن ( النواخذة ، وتجار اللؤلؤ) ويديرون الفعل ويستحوذون على الموارد ببيع اللؤاؤ ، وًكثرة وهم المعدمين او المهمّشين الذين يعملون بجد في الغوص وكل مامن شأنه مرتبط به ، و كانت حالة الفقر هي السائدة دون عناية بحقوق المشتغلين ، بل يمنُّ عليهم أن تم تشغيلهم .

عنوان المجموعة جاء مبهرا دليلا عن انقضاء الفعل بإستخدام مصطلح ثمالة ، و هو متبقي الأشياء ،و تقدمته للغوص بهذا المعنى و هي حقبة لها أثرها في موروث الأحسا ئيين

أحسن القاص صلاح بن هندي استجلاب حدث الغوص وهو ابن المبرز في الأحساء ، ذلك أنّه توقّف العمل بعد دخول اليابان وانتاج مايعرف اللؤلؤ الصناعي .
استطاع بن هندي تجزيء الحكايات و المواقف على شكل قصص وأعطى لكل منها عنواناً .
برغم بيان الحالة الإجتماعية و الماديّة لأبطال القصص و علاقتهم بالسيّد ( النوخذة ) جعل من البحر الوسيط في تلك العلاقة بل لم يخلو الوصف من رومانسية مقابل العناء .
في بيانه هذا ابتعد بن هندي عن طرح رأيه أو يُشخصن المفهوم في مثلا موضوع الفقر و الظلم و الفسوة و صعوبة العمل و الإقطاع ، و الإستسلام للواقع ، إلا أنّه استطاع أن يجعل من السردية قوام لتحليل القارئ و الإستنتاج.

وكوني دائما أميل لواقعية ذكر الأماكن ( يعتبر من قوام القصّة) لا أن تظل الأحداث مموهة ، خاصة أن معظم القصص مرتبطة بأفراد و حكايته دون تعدد الجغرافيات
فوحدنا عموم الإسم الخليج و ذكر مرة البحرين و المبرز.
.
و قصص بن هندي هي من السهل الممتنع و، عند القراء تجد نفسك كأن الكاتب يسولف لك . يُظهر التعابير و المصطلحات و ما أكل عليها الزّمن من مصطلحات مرتبطة بمهنة الغوص كأسماء السفن وخصائصها ، و اسماء المهن و الإشتغال و حوارات سردية في الثقافة غير المادية في أساليب التًعاطي الشخصي في الحديث .

تتمتّع نهايات القصة بالتشويق و عنصر الدّهشة و ينهيها بشكل واضح لتشكل النتيجة بعد حبكة القصة ،في قصة مركب بلا علم " لأن زوجها قد تزوّج عليها فتاة أحبّها من ( النيبار) و قد اتفق مع النوخذة على هذه الخدعة"
، وفي قصّة غُصّة مظلوم " حاول أن يقنعهم أنّه لم يفعلها لكن دون جدوى . هاهو في السجن ينتظر موعد تنفيذ حكم الإعدام "
وفي قصة حياة تحت الأمواج " و بالفعل لم أجد أحنى عليّ من هذه اللخمة السوداء و ذاك ( اليريور اللطيف ) .
تشكّل قصص بن هندي مرجعاً في حركية المجتمع في حينه ،و تشابكه ،و قيمه . ومع ذلك واقعيّة القصص ابتعدت غن جعل الغواصين أسطورة . و نجاحه في تقريب الصورة بإسلوب متعة القصّة و معرفيّاً.