2024/08/27 | 0 | 704
ترشيد استهلاك الذات
عبدالله حسين اليوسف
مع كتاب وذلك أضعف الإيمان – ونظرات في واقعنا الديني والاجتماعي للمؤلف/ إبراهيم محمد بوشفيع الطبعة الأولى 1436هــ / 2015م
جزء من المقدمة:
قد لا نستطيع تغيير العالم بالقوة، وقد لا نستطيع تغيير بعض قناعاتنا أو عاداتنا الاجتماعية أو الدينية أو الفلسفية بالحديد والنار، أو بالنقاشات الفكرية المطولة، ولكن يمكننا فعل ما نراه واجباً محتماً علينا، فإن التغيير قد يكون بسلاح الكلمة، والذي منشؤه حركة الفكر التي تدرك فتحلل لتستنكر أو تعضّد ما تراه من ظواهر اجتماعية أو دينية أو فكرية، في تماه ينسجم مع حركة التاريخ والفكر الدياليكتيكية الجدلية التي تنتج لنا الجديد دائما، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا.
الترشيد في الحياة:
كثيراً ما تبذل الحكومات والشركات ذات المسؤوليات الضخمة إعلانات وإرشادات بشأن الترشيد في مجال الخدمات الكهرباء - الماء - الوقود - الهاتف الجوال..) ، بل وتعدى ذلك حتى إلى الغذاء !! كما لاحظنا ذلك في الآونة الأخيرة بعد موجة الغلاء الجنونية التي اكتسحت الأسواق، فظهرت مطالبات بتحسين العادات الغذائية وترشيد استهلاك الطعام.
ولكن - وللأسف - قلما نسمع أصواتاً تنادي بترشيد استهلاك الذات!!
نعم، إن الكثير من الناس ينشغل في عمله ويستهلك جميع قواه في مجال عمله، فتراه يحترق غضباً لأي سوء تفاهم بينه وبين رئيسه أو زميله في العمل (بخصوص العمل طبعاً)، وبالطبع تراه يعيش حالة من التفاني والذوبان في بذل أقصى ما يستطيع فعله في سبيل زيادة دخله بمقدار بسيط، هذا إذا لم نقل بأنه ثابت تقريباً!! فإننا نلاحظ بأن الكثير ممن يعملون بشكل منتظم وهادئ وبمعدل معقول يحصلون على نسبة تقييم أو دخل مشابه أو يزيد على من يعيش حالة الاستهلاك المرضي.
السيد مخلص:
وهذا ما يفسر نفسية عقدة (الضحية) أو (الشهيد) الذي يحملها أغلب هؤلاء الأشخاص. كيف لا؟ وهم يرون بأنهم يتفانون حباً في العمل، بينما غيرهم يترقى سلم الترقيات والعلاوات بجهد لا يصل إلى نصف جهدهم. وفي الحقيقة، ومع احترامنا لهذه النوعية من الموظفين، إلا أنهم يستهلكون ذواتهم وأنفسهم بشكل عشوائي، وغير منظم أو محسوب العواقب.
فكما أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بترشيد استهلاك المال أو الطعام حين قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: ۳۱].
فقد أمرنا كذلك أن نرشد في استهلاك ذواتنا حتى في مجال طاعته وعبادته، إذ لا رهبانية في الإسلام، بل علينا أن نوازن بين عبادته وبين سائر شؤون حياتنا ولذاتنا بالحلال، يقول تعالى: { وَٱبۡتَغِ فِیمَاۤ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡـَٔاخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِیبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡیَاۖ وَأَحۡسِن كَمَاۤ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِی ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ } [سُورَةُ القَصَصِ: ٧٧]
فاتورة استهلاك ذاتك، من يدفعها؟؟:
فما أحوجنا إلى ترشيد استهلاك أنفسنا في العمل أو في أي مجال آخر جرياً وراء شهرة أو مال أو أي مأرب آخر، وذلك بالتضحية. بأمور أخرى أهم، كمن ينشغل عن عبادة الله بمتجره أو أمر دنيوي آخر، أو عن عائلته أو أصدقائه. وكلنا قد قرأ أو سمع قصة الولد الذي يلوم والده على قلة الوقت الذي يقضيه معه، فأخبره أبوه بأن وقته في العمل ثمين، فكل ساعة تساوي 100 دولار، فما كان من الولد إلا أن سأله بعد أسبوع أن يقضي معهم ساعة واحدة مقابل 100 دولار ادخرها الولد لأبيه!!
وأنا أسأل بدوري هذا النوع من الأشخاص، هل تساوي جميع أموال الدنيا ساعة يرتمي فيها ابنك في حضنك تلاعبه ويلاعبك؟؟ أو ابتسامة رضا من زوجتك وهي التي ترى العالم بأسره في وجودك معها لحظة واحدة ؟؟ أو هل يساوي كـل ذلـك كلمة "الله يرضى عليك" من والديك العجوزين؟؟
أترك الحكم لك ...
جديد الموقع
- 2024-11-24 التفوق العلمي طريق الى التقدم والازدهار
- 2024-11-24 قافية أيوب الأخرس
- 2024-11-24 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- 2024-11-23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024-11-23 العرابي يتوّج في الاحساء بطلاً للجولة الثالثة والأخيرة لمنافسات بطولة السعودية تويوتا الدرفت 2024
- 2024-11-23 الفتح يتصدر ترتيب الأندية في الدوري المشترك للبلياردو
- 2024-11-23 ذاكرة القلم عن ملتقى الفريج الشمالي
- 2024-11-23 الأدلجة السلوكية
- 2024-11-23 في يومين : الأدباء الشباب في ضيافة ابن المقرب
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا