2024/08/14 | 0 | 907
الاختلاف ضرورة
مع كتاب طريقة الحوار نظرات من أجل العبور
المؤلف /يوسف أحمد الحسن
الطبعة الأولى 1442هــ/ 2021م
جزء من المقدمة
فالحوار هو أكثر كلمة تتعرَّض للظلم عندما يكون الموضوع هو العلاقة بين طرفين يدَّعي كلُّ منهما زورًا تمسكه بها، هذا في حال وجود تقارب في ميزان القوى بين الطرفين.
ينزع بعض المتدينين إلى القول:
إنه ينبغي أن نأخذ كثيرًا من الممارسات التاريخية الدموية منها بالتحديد كقدوة لنا في عصرنا الحاضر، وهو ما يعني فيما يعنيه لو طبق أن يكون عالم اليوم عالم حروب وقتال لا عالم سلام ووئام، ولن يكون فيه مكان كاف لإعمار الأرض، ولتحقيق المنجز البشري الذي نتطلع إليه على الدوام، وهم بهذه الرؤية ينفون بشكل أو بآخر الحوار، ويرون بأن الدين جاء من أجل الحرب والقتل والتدمير والإبادة، وليس للعمل والبناء والتشييد وللتعارف بين شعوب العالم.
إنَّ الاختلاف حالة طبيعية وأصيلة في الناس، بل إنها تثري حياتهم وتزيد من حالة التنوع فيها ما يعني بالضرورة محاولة الوصول إلى حال أفضل مما هم عليه، بل إنها تضفي نوعا من التكامل عليها.
يقول الكاتب فهد بن جابر في عبارة جميلة عن الاختلاف والتنوع:
( لا بد من وجود وصلة للجمع بين أي ذراعين؛ والمفصل هو سر نجاح
التقاء عظمين، وسره الأعظم تلك النهاية المكونة من الغضروف، ويمتاز
ذلك الغضروف بالنعومة الفائقة للتقليل من الاحتكاك الذي سيسبب التآكل، والمرونة اللازمة لامتصاص صدمات الطرف المقابل، وقليل من المادة اللزجة لمنع ارتفاع درجة الحرارة).
ولو تخيلنا العالم من دون اختلاف للاحظنا مدى الملل والخمول الذي يصبغ حياة الناس، فهو الأصل والمحفز في يقظة الفكر وتجدد وتطور الحياة، ويقول الكاتب السياسي (ميشيل دي مونتين): لا يوجد نقاش أكثر مللا من النقاش الذي يتفق فيه الجميع في الرأي، فالاختلاف يفتح لنا آفاقا جديدة في التوصل إلى أفكار جديدة لم يكن من الممكن التوصل إليها لولاه، فعبره يحصل نوع من تلاقح الأفكار؛ مما يحفز على الوصول إلى أفكار جديدة وخلاقة، يكتشف عبره الناس فكرهم وسلوكهم.
وكما يقال : ( وبضدها تتبين الأشياء)، فلا يمكن فهم الذات بشكل جيد إلا يفهم الآخر.
الاختلاف يكشف نقاط ضعف قد تكون . موجودة في فكر ما، أو مدرسة ما دون انتباه لها كون أنصارها قد اعتادوا عليها، ويحفز الدماغ على تعديل ما يمكن أن يكون خطأ فيها.
إذن فليس من مشكلة في وجود الاختلاف، لكن المشكلة هو في تحوله إلى خلاف، أو قطيعة أو كما يقول الدكتور علي الوردي: (ليس من،أن يختلف الناس في ميولهم وأذواقهم، ولكن بالأحرى العجب العجيب أن يتخاصموا من أجل هذا الاختلاف، وكما ورد في المقولة المشهورة:
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية).
وفي الختام أظن أنه ليس من الترف القول: إن الاختلاف ضرورة، لو لم يكن موجودًا لأوجدناه من أجل صالحنا، وهو معاكس تماما لما يردده البعض من القول : ( إن لم تكن معي، فأنت ضدي).
العالم الذي فيه اختلاف وتعدد هو أنفع وأفضل من عالم أحادي الفكر متطابق في كل شيء، إن كان ذلك ممكنا أصلا.
(إذا تقابل رجلان، فإن الموجودين في الواقع يكونون ستة أشخاص : فهناك كل رجل كما يرى نفسه، وكل رجل كما يراه الآخر، وكل رجل كما هو فعلا) "وليام جيمس".
يقول إيليا أبو ماضي :
رُبَّ قبح عنـد زيـد هـو حسـن عنـد بكرا
فهما ضدان فيه، وهو وهم عند عمرو!
فمن الصادق فيما يدعيه ؟ ليت شعري !
ولماذا ليس للحسن قياس ؟
لست أدري !
جديد الموقع
- 2024-11-24 التفوق العلمي طريق الى التقدم والازدهار
- 2024-11-24 قافية أيوب الأخرس
- 2024-11-24 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- 2024-11-23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024-11-23 العرابي يتوّج في الاحساء بطلاً للجولة الثالثة والأخيرة لمنافسات بطولة السعودية تويوتا الدرفت 2024
- 2024-11-23 الفتح يتصدر ترتيب الأندية في الدوري المشترك للبلياردو
- 2024-11-23 ذاكرة القلم عن ملتقى الفريج الشمالي
- 2024-11-23 الأدلجة السلوكية
- 2024-11-23 في يومين : الأدباء الشباب في ضيافة ابن المقرب
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا