اكتشفت اسطوانات طينية بحجم أصبع اليد تقريباً أثناء أعمال التنقيب في قرية أم المرة الأثرية، شمال غرب سورية. قد تكون الرموز المنقوشة جزءًا من أقدم أبجدية معروفة ختى الآن. المصدر: غلين شوارتز، جامعة جونز هوبكنز
أول دليل على أقدم كتابة أبجدية في تاريخ البشرية وُجد محفورًا على أسطوانات طينية بطول إصبع اليد استخرجت من ضريح (مقبرة) في سوريا من قبل فريق من الباحثين من جامعة جونز هوبكنز.
الكتابة، التي يعود تاريخها إلى حوالي 2400 قبل الميلاد، تسبق النصوص الأبجدية المعروفة الأخرى بحوالي 500 سنة، مما قلب ما هو معروف لدى علماء الآثار عن مصدر الأبجديات رأسًا على عقب، وكيف تمت مشاركتها بين المجتمعات، وما قد يعنيه ذلك بالنسبة للحضارات الحضرية القديمة.
"الحروف الهجائية أحدثت ثورة في الكتابة وذلك بجعلها متاحة للناس من خارج العائلة المالكة حينئذ والنخبة الاجتماعية. لقد غيرت الكتابة الأبجدية الطريقة التي يعيش بها الناس، وكيف يفكرون، وكيف يتواصلون،" كما قال غلين شوارتز Glenn Schwartz، أستاذ علم الآثار بجامعة جونز هوبكنز، الذي اكتشف هذه الأسطوانات الطينية." يثبت هذا الاكتشاف الجديد أن الناس كانوا يجربون أساليب التواصل [الكتابة تمثل نوعًا من التواصل بين الناس] جديدة في وقت أبكر بكثير وفي موقع مختلف عما تصورناه سابقًا."
شارك شوارتز بتفاصيل اكتشافه هذا يوم الخميس 21 نوفمبر 2024 في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للأبحاث الخارجية (ما وراء البحار) (1).
يدرس شوارتز، وهو عالم آثار من الشرق الأدنى، كيف تطورت المناطق الحضرية القديمة في جميع أنحاء سوريا وكيف ظهرت المدن الصغيرة في المنطقة. وشارك مع زملائه من جامعة أمستردام في إدارة عملية التنقيب الأثري التي استمرت 16 عامًا في قرية تل أم المرة [تابعة اداريًا لمحافظة حلل] ، وهو أحد المراكز الحضرية المتوسطة الحجم الأولى التي ظهرت في شمال غرب سوريا.
وفي قرية أم المرة، اكتشف علماء الآثار مقابر تعود إلى العصر البرونزي القديم. تحتوي واحدة من أفضل المقابر حفظًا على ستة هياكل عظمية ومجوهرات ذهبية وفضية وأدوات طهي ورأس حربة وأواني فخارية سليمة. وبجانب الأواني الفخارية، عثر الباحثون على أربع أسطوانات طينية محروقة بالنار قليلاً، وعليها ما يبدو أنه كتابة أبجدية.
"الأسطوانات كانت مخرمة، بحسب شوارتز، لذا أتخيل أن هناك خيطًا يربطها بشيء آخر ليكون بمثابة علامة أو بطاقة معلومات. ربما تحتوي على تفاصيل محتويات الاسطوانة، أو ربما المكان الذي أتت منه الاسطوانة، أو من هم أصحابها." "حيث ليس هناك أي وسيلة لترجمة الكتابة، لا يمكننا إلا أن نتكهن بمضمونها."
وباستخدام تقنيات الترمين بالكربون 14، أكد الباحثون أعمار المقابر والقطع الأثرية والكتابة.
"في السابق، اعتقد باحثو علم الآثار أن الأبجدية اختُرعت في مصر أو حولها بعد القرن التاسع عشر قبل الميلاد (العصر البرونزي)". "لكن القطع الأثرية التي عثرنا عليها هي أقدم ومن منطقة جغرافية مختلفة، مما يشير إلى أن الأبجدية قد يكون لها قصة أصل مختلفة تمامًا عما كنا نعتقد".