2020/12/31 | 0 | 4833
ولادة العقيلة زينب (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
في الخامس من جمادى الأولى تصادف ذكرى ميلاد السيدة زينب (ع)، تلك الوليدة المباركة الثالثة التي أدخلت السرور على بيت علي وفاطمة، بعد الحسن والحسين، صلوات الله عليهم أجمعين.
وقد ذهب بعضهم إلى أن ولادتها كانت في السنة الخامسة، وبعضهم في السادسة، وبعضٌ آخر في التاسعة، لكنه لا يصح، لأن الزهراء (ع) ارتحلت من هذه الدنيا في السنة العاشرة، والتاريخ يؤكد لنا أن السيدة زينب (ع) عند وفاة أمها الزهراء (ع) كان لها من العمر أربع أو خمس سنوات. فالأقرب أن تكون ولادتها في الخامسة أو السادسة من الهجرة.
وقد امتازت هذه الوليدة المباركة بالكثير من الميزات، شأنها شأن أخويها الحسنين (ع)، فمنذ أن انعقدت نطفتها في بطن أمها، اغتمّت أمها الزهراء (ع) وأصابها الهم والحزن، وهذا خلاف المتعارف بين النساء، من أنها تشعر بالفرح في مثل هذه الحالة. وهذا الهم والغم كانت تشعر به من خلال ما أُخبرت به من قبل النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) بأن ما في بطنها بنت، وسوف يجري عليها ما يجري من المصائب عظائم الأمور.
ثم لما ولدت في زمن رسول الله (ع) كانت لولادتها عنده مكانة ومنزلة كبيرة، حيث اهتم بها اهتماماً كبيراً. فقد كان أثناء الولادة خارج المدينة، فطلبت فاطمة من أمير المؤمنين (ع) أن يسميها، فقال: ما كنت لأسبق رسول الله (ص) بذلك. فلما عاد إلى المدينة، وعلم بولادتها، طلبها، فجيء بها إليه، وأجرى ما يلزم من المراسم المستحبة، ثم سألهم عن اسمها، فقال أمير المؤمنين (ع): ما كنّا لنسبق رسول الله بتسميتها. فقال رسول الله (ص): ما كنت لأسبق ربي بتسميتها. فنزل الأمين جبريل وهو يقول: السلام يقرئك السلام، ويقول: سمها زينب. وهذا الأمر حصل مع الحسن والحسين عليهما السلام أيضاً. فضمها رسول الله (ص) إلى صدره، وراح يبكي بكاءً شديداً، وهو ما لم يكن منه (ص) إلا مع الحسين (ع) حيث بكى عند ولادته، وأخبر بما يجري عليه. وهكذا بكى علي والزهراء (ع) لبكاء رسول الله (ص) وهو أول مأتم أقيم عند ولادتها.
ثم سألوا رسول الله (ص) عن أجر من يبكي لما يجري عليها لاحقاً، فأجابهم أن الله تعالى سوف يجعل لها شيعة يبكون لما يجري عليها، وسيكون لهم من الأجر ما لمن يبكي على الحسين (ع). ومن هنا يتبين لنا أن ما ينالنا من الأجر والثواب في البكاء على زينب، هو عين ما نحصل عليه من بكائنا على الإمام الحسين (ع).
ألقابها:
أما ألقابها فأشهرها: «عقيلة بني هاشم»، أي كريمتهم. ومن ألقابها: «العزيزة»، وهي مصداق الرواية الواردة عنهم (ع) في خيار النساء، بأن تكون عزيزة في بيت أهلها. فقد كان رسول الله (ص) يقصدها وهي في مقتبل العمر، صغيرة السن، فكان يقبّلها ويثني عليها. ومن ألقابها: «العالمة»، وهو ما ورد عن الإمام زين العابدين (ع) من قوله لها: «وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة»([2])، وهذه شهادة من إمام معصوم، لا ينطق جزافاً أو مبالغة، ولا يشهد إلا بحق، إنما هو خير من يدرك مقامها ومنزلتها.
ومن ألقابها: «المحدِّثة»، وعلى قاعدة أن زكاة العلم تعليمه، فقد كانت متصدية لتعليم النساء في المدينة والكوفة، حتى ذكر أن ابن عباس كان يستفتيها، مع أنه حبر الأمة.
ومن ألقابها: «المخدَّرة»، وهو من أبرز ما تُمدح به النساء في الستر والحجاب. وقد جاء في بعض الأخبار عن يحيى المازني أنه جاور علياً (ع) عدة سنوات، فلم يسمع لزينب (ع) صوتاً، ولم ير لها شخصاً، وكان علي (ع) إذا أراد إخراجها لزيارة جدها (ص) أخرجها ليلاً، ومعه الحسن والحسين (ع) فإذا وصل إلى القبر أطفأ القناديل، لكي لا يراها أحد. مع أنها كانت في مقتبل عمرها، وفي سنواتها الأولى.
ومن ألقابها: «العابدة» فقد كانت على مستوى رفيع من العبادة، بحيث لم تترك صلاة الليل حتى ليلة الحادي عشر من المحرم، مع شدة ما جرى على الإمام الحسين (ع) وآل بيته، ولكنها صلتها من جلوس، لشدة ما كانت تعانيه في تلك الليلة، بعد يوم دامٍ مرهق مليء بالمصائب والمصاعب والشدائد.
كما ورد عن الإمام زين العابدين (ع) عن عمته زينب (ع)، أنها لم تترك نافلة الليل حتى في طريقها إلى الشام.
ومن ألقابها: «المجاهدة»، ويكفيها ما سطره التاريخ لنا من جهادها مع الحسن والحسين عليهما السلام. فهي الشجاعة الجريئة البطلة، وهل هناك من هو أشجع منها؟ فقد خرجت يوم العاشر من محرم، ووضعت يديها تحت جسد الحسين (ع) ثم قالت: ربنا تقبل منا هذا القربان. كما وقفت في الكوفة في مجلس ابن زياد، وخاطبته بكل جرأة وشجاعة، وكذلك فعلت في مجلس يزيد في الشام، حيث كانت خُطبها العصماء تزلزل عروش هؤلاء، واقض مضاجعهم.
فلا بد للمرأة أن تقتدي بالزهراء (ع) وابنتها زينب (ع) التي نعيش ذكراها، فمتى ما تطلّب الأمر أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فعلت ذلك بلا خوف ولا تردد. ومن تنتسب لزينب (ع) وتقتدي بها، عليها أن لا تجول في الطرقات والأسواق، ولا تخرج من بيتها إلا للضرورة الملحة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
([1]) طه: 25 ـ 28.
([2]) الاحتجاج، الطبرسي2: 305.
جديد الموقع
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد