2022/01/06 | 0 | 3897
وفاة في طريق الحج
مقدّمة :
كان طريق الحجّ طريقا محفوفا بالمخاطر ، فما أن يخرج الحاج قاصدا طريق بيت الله حتى تواجهه الكثير من الأهوال سواء كان سبيله في البحر - و ما أدرك ما البحر و أهواله - أو البرّ – و ما أوحشه - محفوفة بالمشاقّ و المخاطر و هذه الرّسالة نعي في رجل توفي في طريق الحجّ .
النّص :
7 ذي القعدة سنة 1340 .
المعالم العلاّم و الفاضل المحقّق الفهّام ، ملاذ الأنام مرجع الإسلام ’ وملجأ الخاصّ و العام ، شيخنا الشّيخ موسى بو خمسين دام ظلّه العالي على رؤوس الأداني و الأعالي .
تسليماتٌ كثيرةُ فائقةٌ ، و تحيّاتٌ وفيرةٌ لائقةٌ ، تُهْدى لمن امتدّ فضلهُ الغنيُّ عن إقامةِ البراهينِ و الأدلّة ، و تمّ بدرُ كمالِهِ و عِلمه مصوناً عن كَلَفِ البُدورِ و نقص الأهلّة ، فاضحى يقتضي بالسّعد كلّ مُنجّم مُدّقق ، و يُقرّ له بالفضلِ كلّ مُحقّقٍ ، عمدةُ العُلماء العِظام و قُدوة الفُقهاءِ الفِخام مَرجعُ الخاصّ و العامّ ، حضرةً النّور الباهرِ ، و مفخرُ جوهرِ الجوهرِ أعني به شيخنا الأجلّ ، لازال سالكاً قواعد الإرشاد إلى سبيل الشرايع ، ناهجا مناهج الاهتداء إلى ما هو منتهى المطلب من جادّة الذرايع , و بعد :
فهذه مدّةٌ غيرُ يسيرةٍ أشهرٌ كثيرةٌ انحرمنا التّكحّلَ برؤيةِ خُطوطكم السّاميةِ و التّشرّفَ بوصول كُتبكم الزّاكيةِ ، و إن كان المُتردّدون كثيرين ، و الواصلون متّصلين ، و الكلّ يسرّنا و يبشّرنا عن صحّة حالاتكم الشّريفة و استقامة أوقاتكم المنيفة ، لكن لا تستقرّ القلوبُ و لا تسهل الخُطوب إلا بوصول رسالةٍ من تلك النّاحية كافية في شرح الحال ، وافية ، و نحنُ لله الحمد و المنّة في غاية الصّحة و السّلامة و السّرور ، و الاعتدال و الاستقامة غير أنّه حرقت السّمع مصيبةٌ كبرى و نهاية عُظمى و هي رحلة المرحوم المبرور الحاج عبدالمحسن أبي خمسين في طريق الحجّ ، و انتقاله من دار البوار إلى دار الرّاحة و القرار ، فتكدّرت الخواطر و أظلمت سموات المشاعر و ضاقت الصّدور ، و احتشدت بالهموم و صرنا أليف الأحزان و الغموم ، فساعدكم الله على هذا المصاب الفجيع و الخطب الفضيغ ، و جعل البقاء في حياتكم و السّلامة في أوقاتكم ، و عظّم أجركم و منحكم بالصّبر الجميل و الأجر الجزيل ، و رحمه الله تعالى و أسكنه بحبوحة جنانه ، و أسرّه بعوائد إحسانه ، و السّلام عليكم و على قاطبة العشيرة و الحمولة و كافّة العلماء و السّادة سيّما حضرة العالم العلاّم ملاذ الأنام سيدنا السيّد ناصر ، و جناب الشّيخ عمران ، و جناب الشّيخ عبدالله الدّويل و سائر الأصحاب و رحمة الله و بركاته .
حرّره الحقير الفقير الجاني .
علي بن موسى الحائري .
تاريخ الرّسالة :
7 ذي القعدة 1340 هـ الموافق ليوم الأحد 2 يوليو عام 1922هـ .
المرسل :
المغفور له العلامة المرجع الميرزا علي بن الميرزا موسى بن محمد باقر بن محمد سليم الاسكوئي .من مواليد 1305هـ في النّجف الأشرف ، و نشأ في ظلّ والده الميرزا موسى و الذي اعتنى به وعيّن له معلما للقرآن الكريم و الكتابة ، ثمّ عكف على تدريسه بنفسه ، و أتمّ دروسه عند لفيف من علماء النّجف الأشرف كالشّيخ الآخوند الخراساني ( ت1329هـ ) والشيخ فتح الله الأصفهاني ( شيخ الشريعة ) ( ت 1339هـ)، و السّيد مصطفى الكاشاني ( ت 1336هـ ) و الشّيخ محمد الخوانساري ( ت 1332هـ ) و نال الإجازات منهم ـ و استقرّ بعدها في الهفوف بالأحساء مرجعا و مرشدا دينيا ، في الفترة ما بين عامي 1359هـ إلى عام 1369هـ ، في تلك الفترة توطدت علاقات وثيقة بينه وبين شريحة كبيرة من أهالي الهفوف و وجوهها سيّما مع مقلّديه ، و بعد ذلك استقرّ في الكويت حتى وفاته في 27 من رمضان عام 1386هـ .
كتب عددا من الكتب الفقهية و العقدية منها ( عقيدة الشيعة ) ، ( منهاج الشيعة ، رسالة فقهية عملية ) ، ( الكلمات المحكمات ) ، ( المقالة الناصحة الزاجرة ) ، ( خير المنهج إلى مناسك الحج ) ، ( الحجّة الواضحة ) .
المرسل إليه :
: سماحة آية الله الشيخ موسى بن الشيخ عبدالله بن الشيخ حسين بن الشيخ علي بن الشيخ محمد الكبير آل ابي خمسين , ولد رحمه الله في 1298هـ , يتيما فقد ارتحل والده اثناء حمل أمّه فولد بعد ثلاث أشهر من وفاة أبيه فاحتضنه عمّه المرجع الديني الكبير الشيخ محمد بن الشيخ حسين آل أبي خمسين و نشأ في كنفه و في كنف أسرة متماسكة متراحمة , و بدت عليه آثار نبوغ مبكرّ فقرأ القرآن مبكرا و حفزه في سنّ مبكرّ وثم تعلّم خياطة البشوت لدى المعزّب الحاج حسن الحميدي إلا أن نفسه تاقت لطلب العلوم الدينية فهاجر في سنّ مبكّرة للنجف الأشرف فاجتاز شوطه الدراسي بتفوق و سرعة عاد محملا بإجازات الاجتهاد و الرواية من المشايخ الشيخ حسن مطر الخفاجي و شيخ الشريعة الأصفهاني
و عندما قفل راجعا كان رحمه الله أظهر قدرا عاليا من اللّياقة الاجتماعية و الكفاءات القيادية جعلته يستحوذ على أفئدة الأهالي ويصبح محطّ تقدير أفراد المجتمع على اختلاف أطيافهم فقام بأعباء الزعامة الدينية و أدوار اجتماعية لازالت محطّ تقدير الآباء و تلهج بها ألسنة المسنين ممن عاصروها أو سمعوها من آبائهم .
و توفي رحمه الله بشكل مفاجيء في خانقين أثناء قدومه من مشهد المقدّسة إلى العراق في 21 من ربيع الثاني 1353هـ . فحمل جثمانه إلى النجف الأشرف حيث دفن في إحدى غرف الصحن العلوي الشريف .
الحاج عبدالمحسن بو خمسين :
هو المرحوم الحاج عبدالمحسن بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن الشيخ محمّد الكبير آل أبي خمسين من رجالات و هو والد كل من المطوّع الشهير الأستاذ ملا طاهر[1][1] بن عبدالمحسن بو خمسين ( ت 1382هـ ) و أخويه محمد و علي .
و قد توفي رحمه الله كما تشير الرّسالة أثناء قصده بيت الله الحرام .
ملمح في الرّسالة :
تبدأ الرّسالة بمقدمة وافرة الألقاب و هذه سمة عصر لازمت الكثير من الرسائل ربما عدّ’ قرون سيّما خاصة إبان الدولة العثمانية و انتشرت بين النّخب بعد أن كانت أكثر انتشارا في الخطابات الموجهة للحكّأم ، و هي لغة مشحونة بالمحسنات البديعية و اللفظيّة .
هناك ملمح واضح و هو إشارة المغفور له الميرزا لحركة الطريق بين الأحساء و الكويت و العراق و التي لم تكن تتوّقف عبر المسافرين (و إن كان المترددون كثيرين ، و الواصلون متّصلين ) و هم يصلون لهذا الطريق براً و بحرا .
السيد ناصر :
هو سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيّد ناصر بن السيّد هاشم بن السيد أحمد بن السيد حسين آل السيد سلمان الموسوي ، عالم جليل و مرجع تقليد ولد في المبرّز عام 1291هـ و بدا مشواره الدراسي على يدي والده المرجع الراحل السيّد هاشم السلمان ( ت 1309هـ ) ثم قصد النجف الأشرف عام 1316هـ ، لإكمال مشواره الدّراسي و هو ابن خمسة و عشرين عاما فحضر لمشاهير علمائها الكبار من أمثال السيد محمد كاظم اليزدي ( ت 1337هـ ) و الشيخ الآخند الخراساني ( ت 1339هـ ) و الشيخ محمد طه نجف ( 1323هـ ) و شيخ الشريعة الأصفهاني ( ت 1339هـ ) و الشيخ علي الخاقاني ( ت 1334هـ ) ثم قفل راجعا للأحساء فأخذ الحكمة الإلهيّة على المرجع الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله العيثان ( ت1331هـ ) ثم رجع للنجف الأشرفّ و ظل يتردد على الاحساء و قد تصدّى للمرجعيّة الدينيّة عام 1334هـ بعد وفاة استاذه الشيخ علي الخاقاني و رجع له الكثير من أهالي الأحساء و مناطق الخليج الأخرى و استقرّ عام 1357هـ في المبرّز و توفي ليلة الأربعاء 3 من شوّال عام 1358هـ . و قد تتلمذ عليه في النجف العديد من العلماء في مراحل دراسيّة مختلفة منهم الشيخ محمد رضا بن الشيخ هادي كاشف الغطاء ( ت 1366هـ ) و العلامة السيّد محمد باقر الشخص ( ت 1381هـ ) و العلامة السيد محمد السيد حسين العلي ( ت 1388هـ ) و في الأحساء حضر عليه الميرزا محسن الفضلي ( ت 1409هـ ) و الشيخ عبدالكريم الفرج ( ت 1373هـ ) و الشيخ محمد علي الخنيزي ( ت 1383هـ ) و الشيخ محمد علي الجشّي ( ت 1382هـ ) و الشيخ حسين الصحاف ( ت 1343هـ ) و الشيخ معتوق الشيخ عمران السليم ( ت 1379هـ ) و الشيخ كاظم الشيخ عمران السليم ( ت 1400هـ ) و الشيخ عبدالكريم الممتّن ( ت 1375هـ ) و الشيخ حسين الخليفة ( 1426هـ ) و غيرهم .
و قد رثاه الكثير من الشعراء حين وفاته كالشيخ محمّد السماوي و الشيخ جعفر النقدي و الشيخ حسن بن الشيخ كاظم السّبتي ( ت 1374هـ ) و الشيخ محمد تقي آل صادق العاملي ( ت 1385هـ ) و السيّد محمد الهندي ، السيّد أحمد الهندي ( ت 1392هـ ) و العلامة السّيد محمد باقر الشخص ( ت 1381هـ ) و الشيخ كاظم الشيخ عمران السليم ( 1400هـ ) و الأستاذ هادي الخفاجي ) و الشيخ محمد علي آل حميدان ( ت ) و الشيخ جواد بن الشيخ جاسم قسّام ( ت 1390هـ ) و الخطيب السّيد جواد شبّر و الشيخ عبدالحميد الصّغير ( ت 1419هـ ) و المحامي عبدالحميد مطر و الشيخ عبدالحميد الخطّي ( ت 1422هـ ) و الشيخ فرج آل عمران ( ت 1398هـ ) و الشيخ علي المرهون ( ت 1431هـ ) و السيّد محمد جمال الهاشمي ( 1397هـ ) و الشيخ حسين العثمان الدندن و غيرهم فيما يربو على 30 مرثيّة .
و قد كتب رحمه الله حاشية على الرسالة العملية لأستاذه الخاقاني ، و كتاب الإمامة ( مخطوط ) و حواشي على رسائل الأنصاري ، و ديوان شعر ، و المنظومة المكّية ، رسالة في صلاة الجمعة ، منظومة في الرّد على الدهريّة . و منظومة في علم الكلام .
الشيخ عمران :
الشيخ عمران بن حسن بن سليم بن علي آل علي من مواليد العمران الشماليّة في الأحساء حدود عام 1270هـ ، و بدا مسيرته الدراسيّة في مدرسة المرجع الشيخ محمد بن الشيخ حسين بو خمسين في الهفوف ، ثم هاجر إلى النّجف الأشرف و استقام بها عقدين حضر فيها لدى عدد من كبار علمائها في عصره و منهم السيّد محمد كاظم اليزدي ( ت ) و الشيخ عبدالله المامقاني ( ت ) و الشيخ أبو تراب الخونساري ( ت ) ثم قفل راجعا لمسقط راسه مرشدا و موجها حيث رجع له بعض أهلها ، توفي رحمه الله عام 1360هـ ، و قد ترك رسالتين ( رسالة في فقه الصلاة اليوميّة ) ، و ( الرّسالة المنجية من الهلكة في أصول الدين ) ،
الشيخ عبدالله الدّويّل :
هو الشيخ عبدالله بن علي بن عبدالله بن جواد بن حسن البن سليمان الصائغ ، من أهالي الهفوف ، كان رحمه الله في غاية الورع و الزهد ، حتى صار لا يذكر في محضر الآباء حتى الآن إلا و يذكر به هذا الأمر و له في ذلك الأمر واقف يتداولها عنه أبناء المجتمع تعكس جانب الورع الشديد فيه ، و قد كان وكيلا لمرجع الحساء الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله العيثان ( ت 1331هـ ) و استبقاه على هذه المهام الشيخ موسى أبو خمسين ، فكان المتصرّف فيما يتعلّق بالإنفاق على الفقراء و المحتاجين ، و نظرا لثقة أبناء مجتمعه فاسمه مبثوب في الكثير من الوثايق التي تعود لهم .
و كان الشيخ - رحمه الله - على ذائقة المحدّثين الإخباريين - بل ربما هو آخر من يمثّلهم في الأحساء .
توفي رحمه الله في 15 من شعبان عام 1343هـ .
مصادر :
مطلع البدرين في تراجم علماء و أدباء الأحساء و القطيف و البحرين ، شيخ المؤرخين الشيخ جواد الرمضان - رحمه الله - آية الله الشيخ موسى آل أبي خمسين ، رمز القيادة و المرجعيّة ـاليف الشيخ موسى الهادي بو خمسين . المختصر المبين في منازل و مشجرات آل أبي خمسين ، المهندس يوسف بن أحمد بو خمسين . * أعلام هجر للسيد هاشم الشخص * مقالة عن الشيخ عبدالله الدّويّل للأستاذ سلمان بن حسين الحجّي
[2][1]من مشاهير أساتذة الكتابة و الخطّ و الحساب في الهفّوف و كان الوجهاء من جميع أطياف الهفوف يحرصون على إلحاق أبنائهم لديه لما اشتهر عن من براعة في التعليم .
جديد الموقع
- 2024-08-02 دار الرحمة توقع مذكرة تعاون مع أمانة الأحساء ومؤسسة إكرام الموتى بالرياض
- 2024-08-02 بذكرك لهجاً على خطى السجاد (ع)
- 2024-08-02 الإكتئاب أثناء الحمل مرتبط بارتفاع هرمون الكورتيزول في شعر الأطفال الدارجين مما قد يسبب مشكلات صحية للطفل
- 2024-08-02 تشخيص أنواع مختلفة من الخرف باستخدام الذكاء الاصطناعي أصبح ممكنًا الآن
- 2024-08-02 استراتيجية جديدة للتعامل مع التوتر العاطفي
- 2024-08-02 التاريخ يشكل مادة خصبة للأدب
- 2024-08-02 سوء إخراج الكتب يؤثر سلبا في تسويقها
- 2024-08-02 25 لوحة ترصد تاريخ الأحساء قبل 100 عام
- 2024-08-02 اشرب من الچـوچـب
- 2024-08-01 نبتة الغاف الأحمر والسعودية الخضراء.