2021/03/22 | 0 | 3259
(فرويد) في حياتي( 3_3)
بعد مرحلة الانبهار التي مررت بها بنظريات فرويد، حين كنت في الثلاثينات من عمري، بدأت أبحث عن الكتب التي تتحدث عن سيرته. فقرأت الكثير منها. وكنت اقرأ ملاحظات (ايرتش فروم) على شخصية فرويد. وقرأت كتبا تتحدث عن حياته، ألفها بعض تلامذته مثل كتاب(فرويد أستاذي وصديقي) للدكتور : هانز ساكس. وكتاب(سيجموند فرويد مكتشف اللاشعور) ل: مارغريت ماكنهوبت. وغيرها من الكتب. فاتضح لي الآتي:
أن فرويد مر في طفولته بعقد كثيرة ومنها الكبت، الذي تحدث عنه كثيرا وألف فيه كتابا. وأن (عقدة أوديب) التي اعتبرها محور التحليل النفسي وقاعدته ، ماهي إلا حالة مر بها هو في طفولته، حين رأى عورة أمه في القطار وعمره أربع سنوات !! فجعل منها عقدة بشرية عامة يعاني منها كل البشر !! وأن موت الاب ماهي إلا عقدة قديمة عاني منها فرويد حين علم بحادثة القبعة التي عاشها والده حين اعترضه أحد المسيحيين في الطريق وألقى بقبعته من على رأسه في الطريق الغارقة بماء المطر. وما كان من والد فرويد إلا أن التقط قبعته من الماء ووضعها على رأسه وأكمل مشواره دون أن ينتقم لهذا الموقف المهين . مما جعل فرويد يكره أباه على موقفه الذليل هذا. حتى إنه بعد ذلك عاش بنوة مجازية لأحد الأطباء الكبار. وأن عقدة (إلكترا) عايشتها ابنته (آنآ فرويد) حين تعلقت بوالدها .حتى تخصصت في التحليل النفسي مثل ابيها. وكان فرويد يتعامل مع طلابه وزملائه بوصفه كاهنا وصاحب دعوة سرية، أكثر من كونه طبيبا أو معالجا نفسيا !! وقد وضع له في كل دولة داعية سريا يخبره بما يحدث هناك من أخبار عن نجاح الدعوة والعقبات التي تواجهها . فمن يقرأ الرسائل(ترجمة زهرة حسن) التي بينه وبين (كارل يونغ) عام 1906ومابعدها، يشعر أنها تقارير سرية يرفعها أحد الجنود الى قائد دعوته. ونعلم أن فرويد كان يحلم في صباه أن يكون قائدا عسكريا مثل (هانيبعل)!! بل أن التركيز على الشباب بشكل خاص في الدعوة إلى قبول التحليل النفسي، يذكرنا بتركيز أصحاب الدعوات الراديكالية (الثورية )قديما وحديثا. هاهو يقول ل(يونغ) في إحدى الرسائل : (فالمستقبل ملك لنا وآراؤنا هي التي ستشكل أساسا له، وعلى الأرجح أن الجيل الشاب في كل مكان في صفنا) وكرر هذا التوجه أكثر من مرة في رسائله.ويذكر الدكتور هانز ساكس في كتابه أن فرويد كان قد أعطى كل أعضاء جمعيته السرية حجرا كريما مثل الذي في خاتمه كي يضعونها في خواتمهم التي يلبسونها !! فهل هذا صنيع طبيب مع زملاء المهنة، أم صنيع قائد كهنوتي مع أتباعه ؟ ونعلم مافي هذه الحركة من سيطرة على لابس الخاتم وعلى فكره. وكأنها بيعة لهذا القائد الملهم !! ويورد الدكنور: مصطفى صفوان في كتابه الرائع (التحليل النفسي)ت: مصطفى حجازي.، قول أحد تلاميذ فرويد (ماكس غراف) يصف طبيعة جلسة الأربعاء بين فرويد وأتباعه فيقول : وكان لفرويد دائما الكلمة الأخيرة، فهو من كان يحسم المساجلة، وكان الأعضاء يشعرون في هذه الغرفة، كأنهم يشاركون في تأسيس دين جديد. حيث كان فرويد هو النبي الذي يحول كلامه كل طرائق الاستقصاء النفسي التي كانت تمارس في ذلك الحين، الى حالة نافلة) . وكان( يونغ) أحد أفراد هذه الجمعية السرية. بل هو المقرب من فرويد، كان يشعر بميل جنسي وعاطفه شاذة تجاه فرويد !! وصلت به إلى أن طلب صورة شخصية لفرويد.عام 1907وكان عمر فرويد وقتها ٥١ سنة وعمر يونغ ٣٢سنة. وبعد موعظة مصطنعة من فرويد وتواضع مكشوف، أرسل إليه الصورة !! وقام يونغ بإرسال صورة لنفسه الى فرويد دون أن يطلبها منه !! في هذه السن التي مر بها يونغ يكون الشاب مازال يبحث عن مثل أعلى له. لكنه حين يتجاوز هذه المرحلة يبدأ بنزع كل عاطفة تجاه أي شخص له كاريزما وحضور.ويصبح منشغلا بنفسه وأفكاره وهمومه. لقد استطاع فرويد أن يجعل اتباعه يتنافسون على الاقتراب منه والذوبان في شخصيته. لقد كان مثل (البابا) بينهم بل إنه تقمص دور القسيس الذي يأتي المذنبون الى عيادته ليعترفوا له بذنوبهم وضعفهم من أجل الغفران وإراحة الضمير!! لقد كان تلاميذه، بل أتباعه، يزدادون يوما بعد يوم. لكنه بعد ذلك خسرهم واحدا تلوى الاخر. ولم يحدث في تاريخ العلوم أن عالما جعل من نفسه محورا وقائدا لجماعة سرية من الاتباع. ومارس عليهم من الطقوس مامارسه فرويد على أتباعه. لكن رغم ذلك استطاع أن يكون من أهم الشخصيات العلمية في القرن العشرين. فهو من اكتشف اللاشعور وأكد عليه. وقد أربك البشرية بنظرياته. علما أنها الى الفن أقرب منها إلى العلم. بل الى اللعب أقرب !! وهاهو تلميذه : هانز ساكس يقول عن اللقاء السنوي لهذه الجمعية السرية التي كان يحضرها(وكنا نجتمع مرة في العام اجتماعا عمليا يفتتحه فرويد بقوله: يجب علينا اليوم أن نمارس بعض اللعب) لكن رغم ذلك كله يظل فرويد اسما عظيما في تاريخ العلوم والثقافة وستظل نظرياته تستفز البشرية، وتستقطب الشباب في كل زمان ومكان ، لأنها بحق مثيرة وممتعة. وسلاح فتاك ضد الخصوم. وقد كان تلاميذه يستخدمونها سلاحا ضد خصومهم من الأطباء المعارضين، ولاسيما الألمان منهم. فهي تشبه نظريات (نيتشه) في ثوريتها وحيويتها، وتعريتها للإنسان وسلوكه.
جديد الموقع
- 2025-02-07 سمو محافظ الأحساء يدشّن مهرجان "ليالي القيصرية"
- 2025-02-07 سمو محافظ الأحساء يكرّم مدير شرطة المحافظة بمناسبة نقله
- 2025-02-07 دار التربية الاجتماعية للبنات بالأحساء تكرم الزميل زهير الغزال
- 2025-02-07 أحسائية المغلوث تكرم المرشدين السياحيين ,والسياحة محرك اقتصادي
- 2025-02-07 الايروسية في أغنيات عيسى الاحسائي
- 2025-02-07 سادة الهاشم بالمطيرفي تحتفي بزفاف إبنها "السيد محمد " تهانينا
- 2025-02-06 قراءة في رواية مرآة تطلق الرصاص
- 2025-02-06 هل غمر الجسم في الماء البارد مفيد صحيًا؟
- 2025-02-06 م ق ج عن القراءة
- 2025-02-06 الكتب ومهارة الانتقاء