قال تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا)

المحور الأساس في محاضرة هذه الليلة هو :

صناعة التحولات الغريبة عن الميول والقيم، وكيف أن هذه الصناعة تتضافر عليها جهود وتتعاون في سبيلها عقول؛ همتها أن تشكل إرادة في قبال الإرادة الإلهية كما تنبأت بذلك الآية الكريمة.

حينما تطرح الآية المباركة قضية حتمية خارج الزمن؛ والقضايا الحتمية هي التي يعبر عنها خارج الزمن أي لا ماضي لها ولا مستقبل، فهي سنة اجتماعية قائمة وباقية مادامت الإثْنِيَة بين الشيطان والرحمن .

فما أذن الله بهذه الإثْنِيَة- (تعبير فلسفي يشير إلى متضادين)- ، فهناك صراع يحتدم بصفة مستمرة بين إرادتين، إرادة لله وإرادة تحاول اختراقها- اختراق ارادة الله والسنن الإلهية -واستبدالها بسنن اجتماعية عوجاء وشوهاء.

لذلك يطل العلامة الطباطبائي على هذه الآية ويقول:(إن هذا الميل هو أقصى درجات الميل، ووُصف بالميل العظيم؛ لأن هذا الميل يريد أن لا يبقى على سنة من سنن الله في خلقه وهو جاهز لمسخ الإنسانية بلا حدود أينما أسعفته الظروف، فهو ينفذ بهذه الإرادة الصلبة لهذا الحزب حزب الشيطان في التغيير لذا وُصف بالميل العظيم يعني هتك للحدود الإلهية بشكل مطلق وتحفيز على الإتيان بالمحارم وإلغاء تأثير الدين.)
▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️

عناصر الموضوع :

1-التحول عن الإرادة الإلهية.
2-منظمات التحول العبثي.
3-التركيز على غطاء السرية لهذه المنظمات والجماعات ومتى يُكشف عنها وكيف؟
4-أمثلة للقيم التي تستهدفها هذه المنظمات والجماعات السرية ببحث وحديث حصري على عصرنا.————————————-

العنصر الأول/ التحول عن الإرادة الإلهية:

أوضحنا سابقا بأن الله قدم إرادته التي تكفل للإنسان حياة سعيدة وآمنة متوافقة تتوافق فيها النفس والروح والعقل التوافق الثلاثي وهذا التوافق هو أس السعاد؛ لأن الإنسان إذا ما أفرط في إعطاء عقله وتوسيع المجال له أُصيبت منه الروح والنفس، كذلك الإنسان الذي يفرط مع نفسه وهكذا الذي يفرط مع روحه.
————————————

العنصر الثاني/ منظمات التحول العبثي:

هناك منظمات كثيرة جدا في القرنين الأخريين القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين، وشهد القرن الواحد والعشرون على وجه الخصوص منظمات عالمية عبثية، هذه المنظمات هدفها المركزي هو التحول والتحويل، وهو أن يحولوا الإنسان عن قيمه وميوله الطبيعية من أجل تحقيق أغراض طائفية واقتصادية.

لذلك من المفيد جدا للشباب أن يطلع على قائمة تجمع أهم المؤسسات والمنظمات والجماعات:

1-المنظمة الأولى/ الماسونية.
2-المتنورون.
3-جماعة الجمجمة والعظام.
4-الصليب الزهري.
اللافت في هذه المنظمات أمران:

1- أكثرها موجودة وتمثل قاعدة تحتانية للأمم المتحدة.
2-قادة هؤلاء المنظمات هم من مشاهير العالم.
هذه المنظمات هي نموذج للعمل السري، والمستهدف الأول لها الشبيبة.

حقيقة السرية في هؤلاء المنظمات وخصوصا المنظمة الماسونية بحسب الدكتور عصمت نصّار في كتابه (مراجعات فلسفية ) يقول: ( إن المنظمة الماسونية أعلنت أهدافها وتتفاخر بأن أهدفها واضحة إنما السرية في العمل فقط).

فالسرية في هذه المنظمة هو في آليات العمل واستراتيجياته؛ وسميت سرية لأن لها هدف عملي وهو التغلغل في مراكز القرار العملي.

ومن أهدافها المساواة والعدالة والحرية فهي ترفع هذه الأهداف؛ لأن الكل يحترمها.

و على النقيض من ذلك تتهم الموسوعة العربية هذه المنظمة اتهاما واضحا وتقف منها موقف الشاجب المستنكر وتتكلم بطريقة تنبه الشباب المسلم من المخاوف اللاحقة بوجود هذه المنظمة.

تقول :( ان الذي أسس وخرج بفكرة الماسونية هي اليهودية ؛ لأنها كانت ممقوتة فتريد أن تقوي من مركزها لذلك اصطنعت هذه المنظمة حتى تتغلغل بنحو سري وتفتح المجال لهذه الهوية الطائفية على وجه الخصوص).

من أهد اف السرية :
تشويش الرأي العام.
حينما يحاول أي شخص التكهن في الوصول إلى هذه المنظمات أو إعطاء قراءة أونظرة أو رأي للكشف عنها فلن يتمكن مهما حاول، ولن تتجاوز محاولاته كونها رأيا، وليس رأيا علميا ولا عمليا، وستتضارب الآراء والأنظار، ومن هنا خرج مصطلح جديد اسمه نظرية المؤامرة، ويقصدون أن كل محاولات الكشف عنهم لا تزيد عن كونها نظرية.

لذلك اختاروا السرية حتى يتمكنوا من فرض أنفسهم بطرق غير مباشرة ودقيقة لا يصلها جهاز الاستشعار البشري لأنها خافية ودقيقة جدا.

 إن هذه المنظمات ليست ضد الأديان فقط، فهي ضد الليبرالية والعلمانية رغم أن هذه المسالك ليست دينية، وهذه المسالك ترى التعددية، بينما هذه المنظمات ضد التعددية؛ حتى تتغلغل وتفرض على الناس واقعا كما تريده.
 العنصر الثالث/ بعض الأمثلة المستهدفة من القيم والميول:

1-من تلك القيم والميول هو احتكار الحقائق ؛ لذلك مُنعت الجامعات من أن تثبت بعض الحقائق في مقرراتها.

-من الذي تدخل الآن وحذر المنظمة النفسية العالمية من أن تتلفظ بعبارة الشذوذ؟

-من الذي يحث الجامعات العالمية على طرح الدارونية بقوة رغم أن هناك خطوط معارضة قوية جدا في كل المجتمعات؟
هناك إصدارات علمية تتكلم عن نظرية التطور الزائفة وليس لها صوت لأنها غير مدعومة والدعم فقط للداروينية؛ لأنها أهم محطة لتحويل وجهة الإنسان.
في حقيقة الحال هناك احتكار للحقائق
إن أفضل من تكلم عن احتكار الحقائق الدكتور عبد الوهاب المسيري وروجيه جارودي الذي ذكر بأن التاريخ الأوربي لا يُدّرس في أوربا.

2-هدم القيم.
لا يمكن أن تهدم القيم إلا من خلال تفعيل ايقونة معينة؛ لأن هدم القيم يحتاج إلى قنبلة بوزن القنبلة النووية، والقنبلة هذه يمكن اطلاقها بأيقونة واحدة وهي الأسرة.

الدكتورة التونسية كاميليا حلمي بحثت في تركيز المنظمات على الأسرة وكانت تعتقد أنها ستخرج بكتيب، لكن الدراسة امتدت بها وخرجت بكتاب ضخم يزيد على السبع مئة صفحة، فيما يحاك ضد الأسرة تحت قبة الأمم المتحدة فقط .

✨لذلك من أفضل الطرق التي يُكشف بها عن السرية؛ دراسة سلوكيات المنظمات.

إن عناية الدارسين بتتبع خطوات وسلوكيات هذه المنظمات لاتزال خجولة جدا
إن ما يميز هذه الدراسة الخجولة أنها لم تعط نفسها مجالا للتحليل، فكلها مواثيق دولية تنقلها بالصورة وبالشعار الخاص لدول معينة، وتنقل أسماء معينة، وكيف أن الحركة الراديكالية النسوية نفذت في هذه القبة التي تعمل بأحادية ولا تقبل التعدد.

نحن بحاجة إلى دراسات مثل دراسة المسيري وجارودي .
——▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️

 العنصر الرابع/

ومن الأمور التي لعبت عليها هذه المنظمات في مجال الأسرة:-

1-استقواء الطفل ( وهو تحريم أي ممارسة تأديبية على الطفل في المدارس) واستبدال أسرته بأسرة أخرى فيما لو تعرض فقط لنظرة أزعجته.

2- ضمان خصوصية الطفل.

3-رفعت المنظمة النسوية دعوة تورخة الأسرة؛ فهي ترى أن الاسرة تاريخية؛ أي مصطنعة ليس لها حقيقة في الكيان البشري لذا يجب القضاء عليها.

ويطرحون أمورا كثيرة في نظام الحقوق البشري بحيث يجعلون من اللقاء بين الرجل والمرأة لقاءاً لا يزيد عن كونه لقاءا حيوانيا فقط،

بينما الأسرة في النظام الإسلامي بناءٌ قائم على مقاصد وتعني حفظ النسل البشري الذي يحتاج إلى تضامن بين الطرفين في الأسرة و توافق و محبة.

ومن مقاصد النظام الإسلامي في بناء الأسرة؛ السكن الروحي والمودة القلبية.

متى يكون الإنسان قويا وقادرا على تحمل الكثير من متاعب الحياة؟

 حينما يكون مستقرا نفسيا كما تعبر عنه الآية بالسكن؛ فاستقرارك داخل البيت يجعل منك بطلا من أبطال الحياة في ساحتها المفتوحة، بينما اضطرابك داخل البيت لا يخلق منك إلا عنصر هدم في مجتمعك ولذلك إغلاق الباب في الأسرة يعني إغلاق الباب عن كل الهموم وتركها خارج البيت، والكاريزما الخاصة الموجودة عند الأنثى هي التي تستطيع أن تمتص الكثير من جهد الرجل ،كاريزما عند الأنثى لا تراها إلا عين الرجل وكاريزما عند الذكر لا تراها إلا عين الأنثى.

و من مقاصد الأسرة الإحصان؛ لأن هذا الإنسان وبالأخص الرجل يحمل عمالقة مردة في داخله و أعماقه ولا أخطر من عملاق ومارد الشهوة، ومارد الشهوة سُمي بذلك لأنه يكرر قتله باستمرار؛ لذلك ترى هذه المنظمات أن الأسرة أصبحت حصنا للقيم ولا بد من القضاء عليها وهذا لا يكون إلا بالقضاء على الأسرة.

 و من مقاصد الأسرة في البناء الإسلامي الولاية، والولاية ليست ضمان الاحتياجات فحسب بل الإعداد الروحي لأعضاء الأسرة والمنتسبين لها أيضا، سواء كان الأبناء من صلبه أو لا.

الأسرة العلوية تربي أبناء من الدرجة الأولى وهم أبناؤها من أصلابها، وتربي أبناء من الدرجة الثانية وهم أبناء العم كمسلم بن عقيل وتربي أبناء من الدرجة الثالثة وهم التلاميذ.

وكان الإمام علي(ع) يعتبر محمد بن أبي بكر ولده، لأنه ربيبه وخريجه، وجاريا عنده مجرى أولاده، رضع الولاء والتشيع مذ زمن الصبا، فنشأ عليه، فلم يكن يعرف له أباً روحياً غير علي، حتى قال علي عليه السلام: (محمد ابني من صلب أبى بكر).