2010/07/16 | 0 | 4528
العدالة في نهج الامام علي(عليه السلام)
ولنستفد من سيرته المباركة , عندما يريد أن يتحدث المتحدث عن هذه الشخصية العملاقة يحتار من أي زاوية يدخل إليها فكلها عطاء وكلها نور , وجوانبها متعددة , ولكن أردنا أن نعيش هذه الدقائق مع عدل أمير المؤمنين(عليه السلام) ولنرى كيف أنه (عليه السلام )كان يسعى من أجل أن يحقق العدالة للإنسان بجميع أشكالها, وليس من الغريب أن يكون كذلك بل الغريب أن لا يكون كذلك ,وما جاء في عدله (عليه السلام) يشرف البشرية ويرفع من شأنها , فكانت العدالة تجري في روحة ودمه حتى في الأمور التى نراها بسيطة عندنا ولكنها عند علي (عليه السلام ) عظيمة, وكان دائما يؤكد في رسائله الى الولاة على العدالة ,فكانت هي المحور الأساس في وصاياه لهم ,ومن جملة وصاياه((وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم,واللطف بهم,ولاتكن عليهم سبعاً ضاريا تغنم أكلهم ,فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين ,وإما نظير لك في الخلق))وهذه الوصية لم تخصص الرحمة للمسلمين فقط بل الرعية عامة سواء كانوا مسلمين أو من ديانات أخرى ولهذا قال وإما نظير لك في الخلق .
فكل جماعة أو فرد يريد أن يؤسس مجتمعا قائما على العدل والقسط فليجعل من عدل علي(عليه السلام) النموذج والقدوة له,فلم يعرف تاريخ الإنسانيه شخصا كعلي (عليه السلام)خلد أسمه إلى الأبد في العقول والقلوب المؤمنة به , وكيف لا يكون كذلك وهو نتاج تربية أفضل الخلق الرسول الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم)فإن عدالة علي (عليه السلام) نشأت من العدل الإلهي , فكان (عليه السلام) عاشقاً للعدالة مولعاً بها إلى أبعد حدودها, فهى الضالة المنشودة التى كان دائماً يبحث عنها وأراد أن يحققها على رغم العوائق التى كانت محيطة به,فلم يرضى(عليه السلام) الكف عن العدالة مهما كان الثمن ,ولم يقبل أن يساوم عليها أو يتبع المصالح السياسية ويضحى بالعدالة, حتى من أجل أن يثبت أركان حكومته الفتية ,إن هذه العدالة أصبحت ذكراً يلهج به لسان الخاص والعام والصديق والقريب والمسلم وغيره.ولكن هذه العدالة لم تروق للكثير لأن مصالحهم ومناصبهم أصبحت في خطر ولهذا أنقلبوا على علي (عليه السلام) واصبحوا في صف مناوئيه ومعارضيه , وعلى رغم ذلك لم يتنازل عنها قيد أنمله , فكان مدافعا عنها حتى قتل في محرابه من أجلها,ولكنه وهو في آخر رمق من حياته الشريفة كان يوصي بها ,فقال للحسنين(عليهما السلام)(قولا بالحق ,واعملا للأجر , وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عونا).
ولو أراد (عليه السلام)أن يستخدم منطق القوة والعنف واراقة الدما للوصول للحكم والسلطة لستطاع ذلك وحقق ما أراد وهو القائل(لو اجتمعت عليَ العرب والعجم ما وليت عنها فراراً) ولو أراد أن يستعمل الدهاء والمكر والخديعة لكان في وسعة ذلك ,كما فعل خصمه معاوية يقول (عليه السلام) والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ,ولولا كراهية الغدر لكنت أدهى الناس) وفي قول لولا التقى لكنت أدهى العرب, ولكن أمير المؤمنين (عليه السلام) أبى إلا أن يكون النموذج والصورة المشرقة في تكريس المبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية , وهذه العدالة لم تقتصر على بني البشر بل حتى الحيوان ناله عدل علي (عليه السلام) كما قال(والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نمله أسلبها جلب شعيرة ما فعلته).
ومن القصص التي تحكي عدل علي(عليه السلام)وجد درعه عند رجل مسيحي من عامة الناس فقال له أن هذه درعي فقال المسيحي بل هي درعي فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) أتقبل أن نذهب للقاضي ليحكم بيننا فقال المسيحي لا بأس بذلك فجاء الى شريح القاضي للتحاكم فقال شريح للمسيحي أجلس ثم قال يا أبا الحسن أجلس إلى جنب خصمك فتغير وجه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال شريح أكرهت أن تجلس في جنب خصمك فقال(عليه السلام) لا ولكنك خاطبتني بكنيتي ولم تخاطب خصمي بكنيته والمفروض نحن في مجلس قضاء فلا تفرق بين الخصمين , ثم جلس أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال شريح لعلي(عليه السلام)هل عندك بينه على أن الدرع لك فقال علي(عليه السلام) لا ,فقال شريح أذاً حكمت أن هذا الدرع لهذا المسيحي فأخذ المسيحي الدرع وقام وأمير المؤمنين (عليه السلام) ينظر اليه فتوقف ذلك المسيحي وقال أشهد أن لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ,وذلك بسبب هذا العدل الذي صدر من علي(عليه السلام)كيف أن علياً (عليه السلام) لم يستعمل منطق القوة وهو الخليفة وبيده زمام البلاد وهذه الدرع هي في الواقع له,وكان بإمكانه أن ينتزع الدرع منه من دون الذهاب إلى القاضي ,فهذا العدل جعل هذا المسيحي يدخل الإسلام ويكون من الشهداء في أحد المعارك مع علي (عليه السلام)ومن صور عدله (عليه السلام)أنه كان يسير في الكوفة فرأى رجلاً طاعن في السن يسأل الناس فقال ما هذا قالوا رجل مسيحي قال (عليه السلام) عندما كان في قوته استملتموه وبعد أن كبر وعجز منعتموه أصرفوا له عطاء من بيت المال ولا أرى مثل هذا,فكان (عليه السلام)لا يفرق في عدله بين مسلم وغيره , وقد كتب جورج جرداق المسيحي في عدل علي (عليه السلام) كتاباً أسماه (علي صوت العدالة الإنسانية) .
الحمد الله على ولاية ومحبة أمير المؤمنين (عليه السلام)
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-11-25 أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"
- 2024-11-25 أمير الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"
- 2024-11-25 سمو محافظ الأحساء يستقبل رئيس وأعضاء جمعية عناية بالمصاحف
- 2024-11-25 العباد عضوا في المجلس الاستشاري للتعليم الخاص بالاحساء
- 2024-11-25 الوصول إلى حالة الإنغماس وقياس مستواها
- 2024-11-25 اكتشاف أقدم أبجدية معروفة في مدينة سورية قديمة
- 2024-11-25 زوايا المدينة
- 2024-11-24 التفوق العلمي طريق الى التقدم والازدهار
- 2024-11-24 قافية أيوب الأخرس
- 2024-11-24 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل