2022/08/07 | 0 | 3939
الشيخ أمجد الأحمد :الهشاشة النفسية
المأتم: حسينية المطر (الأحساء ـ الفضول)
يقول تعالى: (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126)طه
مقدمة:
أصبح الجيل الجديد يعاني من مرض الهشاشة النفسية بشكل بارز والذي تعرض له الخطيب في هذه المحاضرة حول ثلاثة محاور أساسية:
الأول: تعريف ومظاهر الهشاشة النفسية.
الثاني: أسباب الهشاشة النفسية.
الثالث: علاج الهشاشة النفسية.
المحور الأول: تعريف ومظاهر الهشاشة النفسية
عرف الخطيب هذا المرض بأن الهشاشة النفسية تعني عدم القدرة على التأقلم مع ضغوطات الحياة وسيطرة المشاعر النفسية السلبية والأزمات النفسية. حيث يمر الإنسان ببعض الآلام في حياته فبعضهم يستطيع تجاوزها والبعض الآخر يعيش حالة من الاضطراب والحزن الشديد.
مظاهر الهشاشة النفسية:
1- تضخم الألم: يبالغ الإنسان في مشاعره عندما يخسر أموالاً أو يفقد عزيزاً ويعتبر ذلك نهاية العالم لشعوره بالإحباط واليأس.
2- شعور الإستحقاق: يشعر بعض الناس بتضخم الذات وبأنه يستحق من الناس مستوى من الإحترام والتقدير أكثر مما يستحقه بدون أي مجهود أو خدمة أو علم ينفع للمجتمع حيث يشعر أحياناً بأنه يجب احترامه بشكل خاص في حال دخوله إلى مجلس معين، وكشكل من أشكال هذا العشور كشعور الزوج بأنه يستحق أن تكون الزوجة كالأمة في المنزل، أو شعوره بأن كلامه بالضرورة أن يكون هو الصحيح في حال النقاش مع أصحابه وهذا مطابق للآية الكريم في قوله تعالى: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا)آل عمران188.
3- التخلي عن المسؤولية: يرفض بعض الشباب مثلاً تحمل مسؤولياته في أموره الحياتية كمسؤولية دراسته وطعامه ولباسه، وفي الحديث موضوع المراهقة أشار الخطيب إلى "أن اليوم مرحلة المراهقة امتدت وأصبحت أطول حيث كانت سابقاً من عمر 14 – 18 وأما اليوم فأصبحت من عمر 14 – 25 " (كتاب الهشاشة النفسية للدكتور إسماعيل عرفة).
المحور الثاني: أسباب الهشاشة النفسية
للهشاشة النفسية مسببات خطيرة منها:
1- الفراغ العاطفي: وهو حاجة الإنسان إلى الحب، كحاجة بعض الشباب والشابات الإحتواء وتفهم الوالدين والآخرين للحب. ويُـرجع الخطيب سبب الفراغ العاطفي إلى:
- تقصير بعض الأسر إلى الوالدين للقصور في إشباع الأبناء حيث طالب الخطيب بإشباع الأبناء للمحبة والحنان وإشباعهم عاطفياً.
- التفكك الأسري: بسبب الطلاق أو عدم وجود روابط داخل الأسرة ويؤدي ذلك إلى الفراغ العاطفي والتفكك الأسري.
- الفراغ الروحي: حث الخطيب إلى تقوية العلاقة بالله لأنه يؤدي إلى تغذية الروح بالعاطفة لقول الإمام الحسين عليه السلام مناجياً ربه: (ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك)، وفي مناجاة المحبين: (اِلـهي مَنْ ذَا الَّذي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلاً، وَمَنْ ذَا الَّذي اَنـِسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلاً).
2- الفراغ الوجودي: هو عدم معرفة الإنسان من وجوده. فمن العبث العيش بلا هدف فقد خلق الإنسان لجعله خليفة في الأرض لإعمارها بالعلم والوعي والثقافة وتحمل المسؤوليات، يقول تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) المؤمنون 115. ويقول أمير المؤمنين عليه السلام: (رحم الله امرأ عرف من أين وفي أين وإلى أين).
3- عدم تحمل المسؤولية منذ الطفولة: حيث يتعود الطفل منذ الصغر على الدلال وعدم تعليمه بعض الأمور السلوكية وتدريبه في أكله وتعلم دروسه وترتيب فراشه وهذا يؤدي إلى عدم تحمله لذا يلاحظ أن الهشاشة النفسية في أسر الطبقة الوسطى فما فوق أكثر منها في الأسر الدنيا من الفقراء والمعدمين لكونها تتحمل عناء العيش منذ الصغر كما يقول الكاتب إسماعيل عرفة.
4- الصدمات: يتعرض البعض إلى خسائر مادية أو تجارية أو عاطفية أو فكرية قد تسبب له صدمة لا يستطيع تحملها ناسياً بأن هذا ابتلاء من الله لقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) البقرة 155.
5- استعجال الوصول للهدف: يريد البعض تحقيق الهدف بشكل أسرع كمحاولة البعض إلى تحقيق الثراء بصورة سريعة واستخدام الوسائل الوهمية وغير العملية لتحقيق هذا الهدف، كما طالب الخطيب إلى استخدام الأساليب العلمية الموثوقة لتحقيق أي هدف وعدم الاستعجال فيه كالتعلم الصحيح ودخول الدورات الموثوقة لتقديم خبراتهم وتجاربهم لتساهم في تحقيق هدفك فالوصول إلى القمة يحتاج إلى صبر.
6- وسائل التواصل الاجتماعي: فكما أن لها إيجابيات من تقديم المحتوى المفيد والفكر الجميل ـ سماحة الشيخ الفقيد عيسى الحباره أنموذجاً ـ فمن المؤسف أن لها سلبيات منها:
ـ قد تعزز في الشخص شعور النرجسية (حب الأنا وحب الظهور) كما هو في حال بعض مشاهير السوشيال ميديا.
ـ قد تشتت التركيز والإلهاء والتوتر بسبب كثرة البرامج والتطبيقات ويتضح ذلك من انشغال بعض الآباء أو الأمهات في شاشة الجوال عن أبنائهم.
ـ قد تلزمك بمعايير وهمية للنجاح: فالمعروف أن صاحب القيم هو الناجح الحقيقي ولكن ما يلاحظ أن بعض التافهين في محتواهم أصبحوا نجوماً بسبب عدد ضغط الإعجابات لهم مما يشعرهم بالنجاح.
المحور الثالث: علاج الهشاشة النفسية
للهشاشة النفسية علاج لخصها الخطيب بأن العلاج يكون في:
1- التربية على حس المسؤولية: وذلك بتربية وتدريب الأبناء على ممارسة بعض السلوكيات البسيطة وتكليفه منذ الصغر بأمور تجعله يتحمل المسؤولية كترتيب الفراش وحل الواجبات والقيام ببعض الأمور الخاصة وتعريفه على المجتمع والابتعاد عن العنف والقسوة والإهانة وتدمير نفسيته، واستشهد الخطيب بطفولة أمير المؤمنين عليه السلام حيث جاء في نهج البلاغة قوله: (انا وضعت بكلاكل العرب، وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر. وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله، بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره، وانا وليد يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل).
وكنموذج على التربية الصحيحة مساهمة نبي الله إسماعيل لأبيه إبراهيم في بناء الكعبة على صغر سنه وجوابه لإبيه عندما أراد أن يذبحه: (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات 102.
2- الإشباع العاطفي: فقد حث الإسلام الأب على الإكثار من احتضان الأبناء وتقبيلهم واللعب معهم فقد كان النبي صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل الحسن والحسين عليهما السلام وأن عدم تقبيلهم من القسوة، وفي ذلك وردت روايات تحث على إشباع الأبناء بالإشباع العاطفي:
- لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (مَن كان له صبيٌّ فلْيَتَصَابَى له).
- وقوله: (من قبل ولده كتب الله له حسنة، ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة، ومن علمه القرآن دعي بالأبوين فكسيا حلتين يضئ من نورهما وجوه أهل الجنة).
- وقوله: (نظر الوالد إلىٰ ولده حبّاً له عبادة).
كما حذر الخطيب من أن عدم الإشباع العاطفي قد يكون مؤداه إلى الإنحراف فخاصة البنت تحتاج إلى الكلام العاطفي من والديها لتكون قوية ومنشأ قوتها لعدم الانخداع في حال سمعت ذلك من خارج المنزل وأكد الخطيب من أن الإشباع يكون مشترك من الوالدين معاً ولا يقتصر ذلك على طرف واحد فقط منهما.
3- عدم الاستلام للحزن: حث الخطيب على تجاوز حالة الحزن بإشغال الوقت بما هو مفيد وبما يخرجك من هذه الحالة كقراءة الكتب النافعة وممارسة الرياضة وزيارة الأصدقاء.
روح النفس بالسلو عليها ....لاتكن جالب الهموم اليها
واذا مسها الزمان بضر .... لا تكن انت والزمان عليها
4- عدم التسرع للحكم على الآخرين: ومثال ذلك في تجاوز بعض ما ينقل عنك من أكاذيب تجعلك تتسرع في الحكم على المنقول منه وهذا ما يسمى بالغيبة فالحرص على التثبت والتريث قبل الحكم، بل وتجاوز ما يكذب عليك بمهارة التغاضي والتغافل وفي رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة حسنة حيث كانت أخلاقه التغاضي عن بعض الجماعة ممن يتكلمون عنه بسوء وهو العالم بأنهم يكذبون، يقول تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) التوبة 61. ،
وكمثال على التغاضي كما في قصة نبي الله يوسف عليه السلم في قوله تعالى: (قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ) يوسف 77.
كما حث الخطيب على تعلم فن التغاضي لتجاوز المعارك مع الآخرين وفي الحياة الزوجية لتستمر الحياة.
5- القناعة: حث الخطيب على بعض الممارسات الخاطئة في متابعة مشاهير التواصل الاجتماعي والتأثر بهم في العلاقة الزوجية والرضا والشكر على مام قسمه الله لك مستنداً على قوله تعالى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ) طه 131.
6- الارتباط بالله تعالى: فإن ذلك يعطيك الأمن والسكينة ويقويك على المصائب، يقول تعالى: (فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين) آل عمران 146، وأما الإعراض عن ذكر الله فمؤداه الهشاشة النفسية يقول تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ) طه 124 وقوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة 45.
وكون الإنسان بشر فلا بد من الـتأثر وتجاوز هذا التأثر هو التوجه لله بالعبادة وقراءة القرآن والتسبيح، يقول تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) سورة الحجر.
جديد الموقع
- 2024-11-24 التفوق العلمي طريق الى التقدم والازدهار
- 2024-11-24 قافية أيوب الأخرس
- 2024-11-24 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- 2024-11-23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024-11-23 العرابي يتوّج في الاحساء بطلاً للجولة الثالثة والأخيرة لمنافسات بطولة السعودية تويوتا الدرفت 2024
- 2024-11-23 الفتح يتصدر ترتيب الأندية في الدوري المشترك للبلياردو
- 2024-11-23 ذاكرة القلم عن ملتقى الفريج الشمالي
- 2024-11-23 الأدلجة السلوكية
- 2024-11-23 في يومين : الأدباء الشباب في ضيافة ابن المقرب
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا