2021/04/28 | 0 | 3225
آلام أمّ في رسالة أحسائيّة
مقدّمة :
الحياة سلسلة من المشاق و المكابدات و التي كان الآباء و الأمهات يصطلون نارها ، فكانوا يضربون أسباب الرزق يمنى و يسرى و في تلك السبل يتعرضون للأهوال فيصاب منهم من يصاب و يرجع منهم البعض سالما ، هذه الرسّالة تشير لحالة من تلك الحالات .
نصّ الرّسالة :
4 جمادى الأوّل 1364هـ .
جناب الأجلّ الأكرم و الصّالح النّاصح الأمين الحاج حسين بن محمد البحراني سلّمه الله تعالى .
بعد السّلام التّامّ و الثّناء الوافر العامّ ، و التّفحّص عن حالكم و طيب حاطركم و سلامة قاطبة الأحباب لازلتم بأحسن حال في المبدأ و المآل ، فقد حضرت لدى الأحقر الفاني المصونة الحرّة ابنة عمّكم مريم بنت صالح البحراني في الكويت ، و تقول بأنّ علي بن حسين البحراني قد جرى عليه قدر الطّبع و الغرق في البحر ، و لم يجد له عين و لا أثر و زوجته هي فاطمة بنت محمّد الكويتي التي تكون بنت المذكورة مريم ، تكون في المبرّز و هي تريد جلب ابنتها إلى الكويت لكونها عاجزة و صارت ضعيفة النّظر و تريد ابنتها كي توسّع صدرها و تتسلّى بها ، فرجاؤها من جنابك أن تطلبها من ( جناب ) السيد محمّد يرسلها سريعا إليها لأنّها ( ليس قرار ) , و لها ولد و هي تجي إلى الكويت مع ولدها و من طرف مصرف طريقها تأخذ مائي ريال ( 200) التي عند طاهر ولد حسين البحراني ، و لو اعتذر بأنّه ما حالت المدّة التي بينهم وهي ثلاث سنوات فقولوا له أنّها ما تريد مصلحة الدّراهم و تسقط المصلحة و تريد نفس المبلغ حتى يكون مصرفا لابنتها مع ولدها و لا تظهر إلا يجون لازم لازم و لا أقلّ يزور و يرجع .
و السّلام عليكم و على قاطبة العلماء و السّادة و الأشراف و الطّلبة و الأصحاب قاطبة و رحمة الله و بركاته .
( علي بن موسى الحائري )
المرسل هو : المغفور له العلامة المرجع الميرزا علي بن الميرزا موسى بن محمد باقر بن محمد سليم الاسكوئي .من مواليد 1305هـ في النّجف الأشرف ، و نشأ في ظلّ والده الميرزا موسى و الذي اعتنى به وعيّن له معلما للقرآن الكريم و الكتابة ، ثمّ عكف على تدريسه بنفسه ، و أتمّ دروسه عند لفيف من علماء النّجف الأشرف كالشّيخ الآخوند الخراساني ( ت1329هـ ) والشيخ فتح الله الأصفهاني ( شيخ الشريعة ) ( ت 1339هـ)، و السّيد مصطفى الكاشاني ( ت 1336هـ ) و الشّيخ محمد الخوانساري ( ت 1332هـ ) و نال الإجازات منهم ـ و استقرّ بعدها في الهفوف بالأحساء مرجعا و مرشدا دينيا ، في الفترة ما بين عامي 1359هـ إلى عام 1369هـ ، في تلك الفترة توطدت علاقات وثيقة بينه وبين شريحة كبيرة من أهالي الهفوف و وجوهها سيّما مع مقلّديه ، و بعد ذلك استقرّ في الكويت حتى وفاته في 27 من رمضان عام 1386هـ .
كتب عددا من الكتب الفقهية و العقدية منها ( عقيدة الشيعة ) ، ( منهاج الشيعة ، رسالة فقهية عملية ) ، ( الكلمات المحكمات ) ، ( المقالة الناصحة الزاجرة ) ، ( خير المنهج إلى مناسك الحج ) ، ( الحجّة الواضحة ) .
المرسل إليه :
الحاج حسين بن محمد بن حسين بن علي بن محمد بن حسين بن ناصر البحراني ، من مواليد الهفوف الرفعة حدود عام 1306هـ ، نشأ نشأة طيبة بين والدين كريمين فوالدته هي المرحومة فاطمة بنت محمد علي الكويتي .
عمل رحمه الله في تجارة الحواجة إضافة إلى أنّه كان ملاكا للنخيل ، اقترن رحمه الله بالمرحومة بتلة بنت حسين بن عيسى العمران و رزق منها بثلاث بنات ( مريم و فاطمة و فضّة ) و رزق من زوجته الثانية مريم بنت أحمد بن حسن البحراني بأولاده محمد جلال و عبدالله و طاهر و ابنه هي آمنة .
* حوّل بيت وقفيا لأبيه في (سكّة بسطة) إلى حسينيّة يقيم فيها مناسبات وفيات الأئمة الطاهرين عليهم السلام ، و كان يخصّص يدعو شريحة مختلفة في كلّ مناسبة كي تحصل الشرائح المحتاجة على فرص متكافئة
مما يقدّم من إطعام حيث كانت شرائح غير يسيرة تعيش وقتها حالة العوز الذي دعى الكثير من الموسرين لتأسيس أوقاف للإطعام تلك الفترة و ما سبقها .
كما كانت تلك الحسينية دار ضيافة لمن يرد الأحساء من طلاب العلم أو الزائرين ، و كانت ملاذا للمؤمنين وقت الهجير و ارتفاع الحرارة لكونها مطليّة بالجصّ و هي مادّة عازلة للحرارة و يقيم فيها بعض العلماء دروسهم و حلقات المباحثة كالمرحوم الشيخ محمد الهاجري الذي خصص له غرفة فيها يقضي فيها قيلولته .
كما كان يستقبل فيها كل يوم أحد زوّاره من الوجهاء و العلماء كالمرحوم الميرزا علي الحائري إبان و يقدّم وجبة إفطار لهم .
كما له عادة سنويّة في توزيع الأرزّ في شهر رمضان للمحتاجين و كسوة للعيدين .
كما ساهم بقيمة بيت عائد له في تأسيس الحسينية الأحسائيّة في كربلاء المقدّسة .
توفي رحمه الله في إحدى ليالي شتاء عام 1371هـ ، في حادثة مؤلمة حيث تناولت ثيابه نارالموقد فمضى لربّه شهيدا . و قد أشار له المرحوم شيخ المؤرخين الشيخ جواد بن حسين الرمضان في كتابه ( مطلع البدرين في تراجم علماء و أدباء الأحساء و القطيف و البحرين ) ضمن التعريف بهذه الأسرة الكريمة في الجزء الأوّل صفحة 60.
تاريخ الرّسالة :
4 جمادى الأوّل 1364هـ الموافق الأثنين 16 أبريل عام 1945م .
أمّا موضوع الرّسالة فهو يتناول أرملة المرحوم علي بن حسين البحراني الذي اختفى في ظروف غامضة ، مع شريكه المرحوم عبدالله بن ملا حسين البن خليفة عام 1362هـ و رجّح أقاربهم انّهم توفوا غرقا ، حيث لم يعثر على جثامينهم و لا مقتنياتهم بينما رجّح بعض رفاقهم في موطن عمله في أبو ظبي أنّهم تعرّضوا للقرصنة في عرض البحر في رحلة رجوعهم للوطن .
أمّا المرأة التي أوصت على ابنتها فهي المرحومة مريم بنت صالح البحراني و كانت وقتها تقيم مع ابنها حسن بن محمّد الكويتي لذي كان يعمل في خياطة البشوت في الكويت حينها
و شعرت باحتياجها لابنتها التي فُقد زوجها بعد تقدّمها في السنّ .
و حيث طلب الميرزا من الحاج حسين البحراني أن يتوسّط عند السيّد محمد بن السيد حسين السلمان ليسهّل أمر أقناع أهل زوجها لانتقالها للكويت مع أمّها وأخيها حسن الكويتي .
و لأنّ الشرع يقتضي التحّقق من مصير المفقود يفحص فحصا جادّا و يكون أجل ذلك عادة أربع سنوات ثم ترفع الزّوجة أمرها للشّرع الذي إذا اطمأنّ لفحصها يأمر بطلاقها فتطلّق و تعتدّ وإذا لم يطمئن الشرع للفحص فإنّه يأمر بتجديد الفحص بمقدار يورث الاطمئنان إذا احتمل وجود فائدة لتجديد الفحص ،و بعد ذلك يأمر بتطليقها حكما ، و بعدها يصح لها الزّواج و هذا ما جرى مع هذه المرأة التي رفعت أمرها للمرحوم المرجع الميرزا علي الحائري بعد التوثّق من وفاة زوجها علي بن حسين البحراني حيث طلّقها .
ثم تزوّجت لاحقا من الحاج إبراهيم بن حسين البحراني ، و رزقت منه بابن واحد هو الحاج علي بن إبراهيم بن حسين البحراني .
من طرف مصرف طريقها تأخذ مائي ريال التي عند طاهر ولد حسين البحراني ، و لو اعتذر بأنّه ما حالت المدّة التي بينهم وهي ثلاث سنوات فقولوا له أنّها ما تريد مصلحة الدّراهم و تسقط المصلحة و تريد نفس المبلغ حتى يكون مصرفا لابنتها مع ولدها و لا تظهر إلا يجون لازم لازم و لا أقلّ يزور و يرجع
و المبلغ المشار له يبدو أنّه تم استدانته للمرحوم طاهر بن حسين البحراني أخو زوجها المفقود و المعاملة هي شكل من أشكال معاملات التورّق المعتادة ، حيث يتمّ المبايعة على بضاعة حاضرة بعقد آجل بفارق سعري يمثّل الفائدة من المعاملة ، و في الرسالة عرض منها لفسخ عقد التورّق هذا نظير الحصول على أصل المبلغ حاضرا خلال فترة المعاملة .
طبعا لا يخفى انّ هذه الرسالة تعكس آلام تلك الأمّ و قلقها على هذه الابنة و ولدها الذين يتألمان لفقدان عائلهما و مصيره المجهول حتى أنها تنازلت عن شطر من حقوقها المالية نظير قربها منها فرحمهم الله جميعا و جزاهم الله بما كابدوا و عانوا .
خالص الشّكر للإفادات الشّفويّة لكل من :
* الأستاذ محمد جلال البحراني .
* المرحوم الحاج أحمد بن محمد البن خليفة ( بومنير ) .
* المرحوم الحاج علي بن ملا حسين البن خليفة .
* الأستاذ الشيخ عبدالعليم العطيّة .
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط
تعليقات
بو محمد البحراني
2021-04-29عزيزي الأستاذ أحمد البقشي كم سعدنا بعودة هذه السلسة من الرسائل التاريخية الجميلة. لآنها تحمل جرعات تاريخية من تراث وشخصيات المنطقة. وما يزيدها جمالا، عرضكم الشيق وتلك الإضافات والتعريفات المختصرة ولكنها قيمة, ونستفيد منها كثيرا. لك مني واقفر الشكر والتقدير.