2020/11/23 | 0 | 1897
السيدة الزهراء (ع) وجدليات المزايدة في الولاء
إن من أعظم القربات الى المولى عز وجل ، هي حالة المودة في القربى لعترة النبي (ص) والتي أشارت اليها كثير من الآيات حفظاً وتكريماً لمقام النبي وما قدمه للبشرية من تضحيات في سبيل استقامة الدين ورسم معالمه بعد تجذيره في نفوس المؤمنين . كما أن السيرة النبوية والروايات المتواترة وهي محل اجماع كل الفرق الاسلامية تكرس هذا المبدأ لذا قلما نجد فرقة بل من النادر أن منتسباً للدين على خلاف لهذه القاعدة .
كما أن هذه القاعدة ظللت على أي وسيلة للقرابة خارج النسب وتشمل الصحبة والعشيرة مما يزيد المرء شرف الانتساب للنبي (ص) ، فكيف بالبضعة الخالصة والمتفردة بالسيدة الجليلة فاطمة الزهراء بنت محمد صلوات الله عليهما.
إن السيدة فاطمة تمثل جوهر الاسرار الالهية لما أوكله المولى في شخصيتها بمهام تمثيل الامتداد الطبيعي للنبي (ص) وتقديم الحجة تلو الحجة لتكون معيار حقيقي للإيمان بل للإسلام من عدمه وهذا ما أكدت عليه الروايات ، فمصير أي مسلم مرتبط برضا السيدة الزهراء من غضبها وعليه تترتب درجات الايمان والتقى بمستويات متفاوتة حتى نصل الى الخروج من الملة في درجة تحقق غضبها لأنه غضب لله والذي نستعيذه يوميا عشر مرات خلال الصلاة اليومية .
التاريخ يرسم لنا السرد الحقيقي لموقف الأمة من شخصية السيدة الزهراء (ع) ويبين حرص الرعيل الاول من صحابة النبي (ص) ومن تلاهم من عموم المسلمين على كسب ودها ومحبتها ادراكاً منهم بالقيمة الحقيقية لمرضاتها والجزع من غضبها ، وعلى ذلك سارت الأمة على هذه القاعدة الأصيلة وانما اختلفت في تأويلها وتزاحمها مما ولد مواقف مؤلمة لشخصيتها عليها السلام فقضت نحبها في عنفوان شبابها بمشهد مؤلم هز الوجدان وترك إرث مبهم حول ظلامتها حاول شيعتها عبر أربعة عشر قرن تفكيك شفراته وفرز مخرجاته.
كما أن هذه الظلامة بقدر كونها واقعية وحقيقية عبر عنها أمير المؤمنين (ع) في مشاهد متعددة ورسم خطوطها بالاستدلالات متنوعة الا أنها ما برحت محصورة في قالب واحد وزاوية مفردة ومحددة شكلت فجوة بين قناعة الموالين وسيرة الائمة عليهم السلام بل وأحيطت بسياج عدم تمدد وانفراج كنتيجة حتمية لاستغلال البعض لمثل هذا الظرف وتوظيفه لأجندته الموضوعية أو الشخصية كما حصل في العهد الصفوي .
فمجرد اقتراب أي محقق مهما بلغ من علم أو تقى من إعادة صياغة تاريخ الزهراء وفق الصحيح من الأثر ، كفيله بإسقاطه وتشريع نهش لحمة بل واخراجه من الدائرة الولائية إن لم يطرد من محيط الدين . قد يعقب البعض بمبالغتي المفرطة وأنا أؤكد أن هذا المشهد غير مرتبط بالعقود الثلاثة الماضية فحسب وانما له شواهد في كل عصر وكل قرن من الزمان وما التطورات في العقود الثلاثة الماضية الا اثبات أن قضية الزهراء رزحت تحت وطأة المستثمر وابتعدت عن جوهر البحث العلمي تجاه تعزيز الغرائزية الفردية ، قد تكون البواعث عفوية أو احتياطية أو عدم ثقة وانما نستطيع تأطيرها بالسذاجة الحقيقة في اهمال جوانب بحثية تتناسب وما توصلت اليه البشرية من عمق علمي نستطيع عبره من خلق بيئة بحث متوازن والخروج بمخزون حقيقي لإرث السيدة الزهراء عليها السلام قادر على خدمة الانسانية واحداث قفزة لاتباعها مستمدة من حضارة آل البيت (ع).
إن من المسلمات بل والبديهيات وجود رابط حقيقي بين السيدة الزهراء(ع) و تقدم الامة الحضاري وإلا لما ارتبطت استقامة الفرد برضاها من غضبها ، هذه الحقيقة لوحدها تحتاج بحث مستفيض تكرس على أساسه معرفة زاوية انحراف الأمة وسبل استعادة هذا الانحراف نحو المنهج السديد ، كما أن هذا الانحراف يحتاج للمعالجة من الداخل لا رمي العتب فقط على المحيط الخارجي ، فوجود بيئة مغلقة للداخل تحول دون التنمية المعرفية لانحسار هذا الانحراف وعلينا كسر هذا الطوق وفتح معابر مع المخالف وتنظيم المؤتمرات العلمية والبحثية الدورية لاستيعاب بعضنا البعض والكف عن نهج التأجيج والاقصاء بل والاستئثار والذي يصب في ضياع التراث بل ونهبه.
إن النبرة المتعالية لدى البعض في رمي أي مبادرة بالجهل والسذاجة والتي تستند في كثير من الاحيان على تصريحات رموز علمية ، أسهمت في ترقب الكثير من تقديم أي مبادرة أو تشجيعها وأريد التأكيد على نقطة بالغة في الاهمية وهي إن اكتمال المنظومة البحثية العلمية واستيعاب كامل الادوات عبر استغلال التطور التقني أسهمت بشكل ملحوظ في تنمية المبادرات وعدم الاكتراث بدعوات الصد والرمي بالجهل فالحكم في كل هذه المخرجات مرهون بالفرز العلمي والمنهج البحثي المعتد به فقط وهذا ما يشجع على تعزيز الثقة بالباحث واهمال دعوات الارهاب الفكري .
آن الأوان للوقوف أمام المنهج المستغل لظلامة السيدة الزهراء (ع) وبيان اسرافه في عزل الامة وافتقاره لمقومات التمثيل الحقيقي لمنهج السيدة الزهراء والذي هو مدعاة للوحدة لا للفرقة بين الامة ، فجرائم هذا المنهج اسهمت في تكفير الداخل فضلاً عن المخالفين فما لفظ عدو الزهراء والتي يتشدق البعض في وصف علماء مجتهدين كنتيجة لانفرادهم بنتاج علمي ، ما هذا اللفظ الا دعوة صريحة للتكفير من الداخل .
فمن هو عدو الزهراء : إنه مبغضها ومحاربها وهو بنص الرواية مخلد بالنار وما المخلد الا الكافر بل هي دعوة صريحة للتصفية والقتل ، من هنا نؤكد على المجاميع العلمية وقف هذا الابتذال وسوء الاستغلال بل والتطرف الذي يمحقه التشريع الاسلامي عموماً والمنهج الحقيقي لآل البيت عليهم السلام .
جديد الموقع
- 2024-04-20 إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالشعر
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"