2020/10/22 | 0 | 1903
هوس الافتتان وتجليات الموقف الحكيم
انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية بالتصريح الصادم للسيد الحيدري بالكشف عن حقيقة مدفونة في بطون الكتب حول موقف الشيعة من المخالفين ، هذه الصاعقة التي هزت المشهد العام وانذرت بفتنة اصطدام مع الآخر في أجواء التعايش السلمي الذي اعتاد عليه المسلمون عموماً طيلة القرون السابقة فكان أمان الخائف والمستجير .
عند التداول في جانب حساس من هذه النوعية من الموضوعات على أساس البحث والتنقيب في الموروث العلمي قد لا نستشعر الخطر طالما دار مدار الاستدلال العلمي وعلى أي مدرسة انتسب ، فمثل هذه المباحث شائعة بين المدارس والمذاهب ويكفي أن تجتمع كل فرقة على تزكية حديث الفرقة الناجية حتى تطرح بقية المذاهب من اعتبارات الدين .
لا شك ولا ريب أن فتح مواضيع حساسة ومكاشفة الحقائق وإن كانت مستندة لمنهج سليم في الخبر والاستدلال إلا أنها تخضع لسياسة العرض السليم في الوقت السليم دون إرباك لقيم المجتمع وللتربية الدارجة ، وهذا ما تعلمناه من سياسة النبي (ص) والائمة عليهم السلام في الغض عن حقائق ماثلة باليقين لمصلحة المسلمين ولبقاء روابط الدين قوية دون اهتزاز .
فهل كانت مكاشفة السيد الحيدري في برنامج المراجعة ضمن هذه الزاوية الاحترازية من الوقوع في الفتنة أم أن أيادي استأنست الحدث واستثمرت الكلمات العلمية للتأجيج والتحامل على شخصية السيد بهدف تسقيطه رغم أن السيد في نظرهم ساقط من مواقف مماثلة في السنوات الأخيرة .
من الواضح والجلي اننا تعرضنا لمؤامرة من الداخل حيكت خيوطها في غرف مظلمة صنعت من الحدث بالون تم النفث فيه حتى تضخم ولا نعرف متى الانفجار الكبير والذي سوف يبعثر المواقف بل سيعزز التجاذب نحو حالة صراع ينمو عبر الزمن ليخلق حالة فرز للشيعة من الداخل ولكن لا بعنوان مرجعية فقهية أو إقليمية وانما نحو فرز فكري حيث ستنهض جماعة لا تقبل الا ما يتفق والقواعد السليمة للتفكير قبالة جماعة تعتز بإرثها من نتاج متواتر للمعرفة والعلوم بغض النظر عن فهما من عدمه وانما ترتكز جانب التزكية من أهل الاختصاص وهم كبار العلماء .
آثار هذا الحدث ستستمر طالما بقيت الابواق تنفث ، بالمقابل سنشاهد ونعاين تكامل للمدرستين يعززها قوة الاقناع فهل سيستمر السيد الحيدري طويلا خلال مرحلة مقاومة التيار التقليدي أم أنه سينجح في تعزيز آراءه عبر مزيد من الاستدلال والذي يأنس كما أسلفنا له قطاع القناعة أولاً قبالة الإتباع وكفى .
مما يؤسف له دخول طبقة علمائية هذا المعترك وبعدة لا ترقى لمستوى البحث العلمي ، فنجد بيانات غريبة تصدر ممن يدعون القيادة لعضوية مدرسي الحوزة ، هذه البيانات بمادتها التحليلية الركيكة البعيدة عن القيم والأدب وأكاد اجزم أنها صدرت لدغدغة مشاعر أتباعهم دون الالتفات لحجم المسؤولية ،هذه البيانات تكشف أن لب الموقف ناتج عن تصفية حسابات قديمة ، وقد تندرج تحت عنوان خصومة العلماء أو عصبية وجهل العلماء كما أنها تهدد بفقدان الثقة للسيرة العقلانية التي يتمتع بها رواد الحوزات العلمية ، فبمثل هذا الخطاب المؤجج للمشهد ندرك أن جذور الفتنة من صنيعة منتسبي الحوزة وما العوام الا حطب وسجر هذه النار التي ستلتهم ما بقي من ثقة وتجرد أصحابها من مشروعيتهم في حفظ السلم الأهلي للمجتمعات المسالمة .
يبقى الرهان قائم هل سيسقط السيد الحيدري من آثار هذه الفتنة أم سيواصل مسيرته ومشروعه نحو تعزيز المدرسة العقلية الفلسفية قبالة المدرسة التفكيكية الدارجة حالياً.
يقول المثل الدارج " الضربة التي لا تقتلك .. تقويك "
ان الهجمات المتتالية على السيد الحيدري خلال السنوات الستة الماضية عززت مناعة السيد وأعطته زخماً وتوجهاً من قبل بعض النخب خاصة التي انتهجت البحث كنموذج معرفي في الوصول للحقيقة لا كما يروج له أنه استئناس لأدعياء الحداثة والتنوير لمقاربات اطروحات السيد الحيدري ، هذه القوة الناعمة التي نمت للسيد وثبتت قدمية بالساحة العلمية قادرة لتجديد الامتياز للسيد حال استمر الهجوم الغير موضوعي علي اطروحات السيد وتصوير التقدم العلمي الذي يتبناه السيد الحيدري بالهوس لزعامة الشيعة .
فالسيد يطرح الاشكال ويدعمة بالاستدلال بالمقابل يتفنن الطرف المناوئ بالتكذيب تارة و وصم السيد الحيدري بالجهل والتدليس تارة أخرى ويخفى على الجميع أن الحكم على فئتين أحدهما تبنت البحث والتدقيق والأخرى أكتفت بالتزكية والاتباع ولكن هل حال المجتمع ثابت دون تأرجح وغلبة بين فئتي التحكيم .
من الواضح أن سهولة الوصول للمعلومة لا تستهلك جهداً وخصوصية كما السابق فانفتاح المعارف من جهة وسهولة التواصل من جهة أخرى إضافة للمخزون الهائل من كتب التراث المتوفرة بأدوات البحث عبر الشبكة العنكبوتية فتح أفق جديد للباحث وأصبح يمتلك سلاح علمي يتناسب ومقدار التحدي الاستدلالي ولا يحتاج الا الاستثارة حتى يصل لمبتغاه ، كل هذه الأدوات هي في صف السيد الحيدري حتى الساعة ولا مجال للتضليل أو كبت الحقائق حال حمى الوطيس.
أما عن تشخيص الحالة والوضع الراهن فأرى أن تصعيد هذا الحدث والذي يسعى اليه بعض المستفيدين لا يصب في مصلحة الامة رغم اقراري أن تصريح السيد الحيدري مغاير للحكمة ولا أعلم إن كانت دوافع السيد الانتصار لمدرسته التي احتوت مثل هذا الاشكال في تكفير المخالف وأوردت هذه المسأله كشاهد فقط لا تقرير ، ولكن المسؤولية الجماعية تقضي بتحجيم آثار هذا التصريح عبر التداول العلمي وكذلك الردود الاستدلالية العلمية بحيث يتم حصرها بين أصحاب البحث فقط وبالتاي تفويت الفرصة لمرضى العضال الفكري والذين لا هم لهم سوى هوس اسقاط الشخصيات الفكرية والرقص على أنغام الفتنة دون اعتبار لمصالح المذهب في تعزيز قيم التسامح والأخوة.
جديد الموقع
- 2024-03-29 بالبطولات التاج يزرع الفرحة تهانينا
- 2024-03-29 الكتب والعزلة
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين