2020/09/07 | 0 | 984
متعة القراءة
ربما يتصور بعض البعيدين عن عالم القراءة أنه عالم كئيب رتيب يسوده جو من الهدوء وربما السوداوية ، كما قد يتخيل البعض أن وجوه المدمنين على القراءة والمنكبين على الكتب مكفهرة على الدوام ولا يمشون إلا مقطبي الجبين . لكن للعظماء من القراء رأي آخر .. فهم يرون أنهم أسعد أهل الأرض وفي حال من البهجة والأنس والنعيم لا يعلمها إلا من يعايشها ..
يقول الفيلسوف الياباني فوشيدو كيندو : إن الجلوس في ضوء الشموع وأمامك كتاب مفتوح في حوار مع أشخاص من أجيال لم تعاصرهم هي المتعة التي ليس لها مثيل . ويقول الكاتب توماس دي كيمبيس : بحثتُ عن الطمأنينة في كُل مكان فلم أجدها إلا بالجلوس في رُكن منزوٍ وفي يدي كِتاب . أما الفيلسوف مونتيسكيو فيقول : لم يصبني حزن الا وانتشلتني منه القراءة . ويرى أحد الفلاسفة أن الكتب : سعادة الحضارة بدونها يصمت التاريخ ويخرس الأدب ويتوقف العلم ويتجمد الفكر والتأمل . وقال الفيلسوف الألماني شوبنهاور : لا يعز علي سوى ترك مكتبتي الخاصة فلولا الكتب في هذه الدنيا لوقعت منذ زمن طويل فريسة لليأس . وأخيرا قيل : السعادة هي إهمال العالم بينما تقرأ كتابا .
هذه مجرد نماذج لما يمكن أن تمنحه القراءة من متعة منشؤها العوالم الجديدة التي تدخلها في نفوس القراء . فحقيقة القراءة أنها تساعد في توسيع المدارك وتفتح آفاقا رحبة من العلم والمعرفة ، وتمنح أشبه ما يكون بحياة أخرى حيث ( حياة واحدة لا تكفي كما يقول العقاد عن القراءة ) . ويكمن سر المتعة فيها أنها تجعل المرء يتنقل من بلد لآخر ومن شارع لآخر متعرفا على أدق التفاصيل وهو في مكانه ، كما تجعله ( عند قراءة الروايات مثلا ) يدخل في دهاليز نفوس الناس سابرا أغوارها ومتعرفا على أعمق مشاعرها في حالات الفرح والحزن والقوة والضعف مولدة حالة لدى القارئ تسمى النضج العاطفي . هي نوع من التطفل المحمود على عقول الآخرين ومشاركتهم تجاربهم ما يوفر على القراء عناء المرور بنفس المشكلات ثم التوصل إلى نفس النتائج والأفكار والمواقف .
( اعتقد أن الكتاب هو أحد أسباب سعادة الإنسان ) جملة قالها لويس بورخيس الكاتب الأرجنتيني المغرم بالقراءة إلى حد مفرط للغاية حتى إن رغبته فيها استمرت عندما فقد بصره في منتصف عمره ، حيث طلب من أمه أن تقرأ له فقرأت له حتى توفيت ، بعدها استأجر شخصا آخر لكي يقرأ له واستمر في القراءة حتى قيل إنه قرأ كل ما وقعت يداه عليه ، وحتى اشتهر عنه قوله إنه لا يتخيل الفردوس إلا مكتبة كبيرة .
وتصل النشوة ببعض القراء حين المرور بفكرة جديدة إلى الصراخ أو الرقص ، لا يرغبون في تفويت ساعة واحدة من حياتهم دون قراءة .. فالحياة عندهم هي قراءة وقراءة فقط تتخللها بعض الأمور الأخرى كساعات العمل والعلاقات الأسرية ، مستغربين من ابتعاد الناس عن هذا العالم الجميل الرائع الذي يسمى قراءة . هل هو جهل منهم بذلك العالم المليء بالمتعة أم تجاهل ولماذا ؟
جديد الموقع
- 2024-04-20 إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالشعر
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"