2020/07/06 | 0 | 3138
المرأة في الأحساء بين المد والجزر ..
ما دعاني للبحث في هذا المقال، هي وثيقة وجدتها لأحد الأصدقاء، فصورها لي من كتاب مشهور.
هذا الكتاب فخم الطباعة، ويباع في الأسواق، بعنوان: " وثائق أحسائية " لجامعه أحمد بن عبداللطيف الجعفري الطيار.
يحوي الكتاب مجموعة وثائق، من عام 971 للهجرة إلى 1352.
من بين هذه الوثائق وثيقة من عام 971 للهجرة، وهي فترة الحكم العثماني التركي.
وهذه الوثيقة متضمنة التالي: بأن الشيخ محمد بن ناصر بن منصور الراشد اصالة عن نفسه وبوكالته اشترى من الحرة المصونة فاطمة بنت خلف الهلال، مزرعة الرملة والمعضادية، من طرف الخدود التابع لبني شافع.....
شهود الطريق: كاملة بنت إبراهيم بن محمد، مريم وكاملة بنتي سيف بن ناصر....
ومن خلال قراءة سريعة بين السطور، يلاحظ المتتبع وجوداً قوياٌ للمرأة في عقود البيع والشراء، ووكالة الرجل في الوثيقة إنما هي صورية ، وبالكاد المطلع ينظر إليه في أسفل الوثيقة ، لابل كان لها وجود في أدوار داخل عقود البيع، تتجاوز حذاقة بعض الرجال كمعرفة الطريق، وحدوده.
ولعل الحرة المصونة التي باعت لها علاقة مع الشيخ، بدليل شراء الشيخ التسع من إرث المزرعة ..
ومن نتائج البحث في هذه الوثيقة ، وجود دور أنثوي محوري وليس هامشي ...
بينما لا نجد دوراً حقيقاً للرجل إلا في المشتري : الشيخ محمد بن ناصر ..
كذلك نلاحظ ربط في الوثيقة بين عين الخدود ومزارعها بمدينة بني شافع " عاصمة الجبور"، فهذا الامتداد واسع ، وهي دلالة على أن الدول تتمدد وتتقلص سياسياً ،وإدارياًوعمرانياً، واقتصادياً، حسب القوة والضعف...
،بل يرى آخرون أن حكم العثمانيين في فترة الوثيقة ، لم يكن غزواً بل هو استلام وتسليم من أمراء آل مغامس ...
وعوداً على ذي بدء ،وهو موضوع المرأة في الأحساء ..
فهل الحرية الممنوحة للمرأة في الأحساء هو فقط للبيع والشراء ؟ ؟
لا بل خروجها من المنزل، والبيع والشراء، والعمل، وطلب الدراسة، كانت موجودة سابقاً.
فلو أطلعنا على كتب التاريخ المنصفة (رغم مالدى القرامطة من أخطاء)، لوجدنا أن المرأة لها دور حقيقي،
فهي مقاتلة منذ طفولتها، وسياسية تدير السياسة مع الولاة، ومعلمة وناشطة اجتماعية، طموحة تبحث عن العلم، وتتنقل لطلبه من الأحساء إلى الشام، وخاصة في مدينة سلمية، وتجول البلاد لتنشر دعوة القرامطة في العراق واليمن.
ولعل الأبرز من تلك الشخصيات هي: ليلى بنت أبي سعيد الجنابي، وهي غنية عن الوصف، " قطب الرحى" تدير البلاد والعباد مع والدها.
والشخصية الثانية البارزة هي "رقية بنت زكرويه "، وزكرويه: هو وزير في حكومة القرامطة.
ومن ضمن الأخريات البارزات الداعيات في القسم النسائي في اليمن " رباب بنت علي الهمداني.
وأيضاً الناشطات في سواد العراق "سعدى بنت دندان'"، و"علياء بنت رضوان".
و نساء القرامطة بالأحساء لم يكن يدرن الحروب والسياسة، بل يجلن البلدان ويقطعن الفيافي والقفار، لإيصال عقيدة القرامطة، وترسيخها في نفوس الناس.
ومن كتاب د.مصطفى غالب
(القرامطة بين المد والجزر)
نجد أبرز وصية أطلقها الحاكم القرمطي " أبي سعيد الجنابي " لابنته ليلى في رحلتها لطلب العلم والتبليغ، حيث قال لها ناصحا: (انتبهي يا ليلى إلى دروسك، وأطيعي ما يلقى إليك من أوامر، وحافظي على سمعتك وشرفك وعاملي إخوانك بالعطف والشفقة والمحبة، واذكرينا دائما في رسائلك، وواصلي العبادة والدعاء والله يوفقك).
هذا الانفتاح الكبير على المرأة أعطى خصومهم من العباسيبن ومن لف لفهم لرميهم بالفجور، والفسق، والعهر، و" الماموش".
لكن لا يجدر بنا أن يأخذنا الخيال الخصب، في تبني فكرة أن بنات الأحساء في تلك الفترة، يشغلن أنفسهن في أمور السياسة، وضرب المسافات ،والقفار. كما كنت عليه دولة القرامطة.
فمن خلال تتبع الشخصيات النسائية التي وردت في التاريخ، والتي روتها كتب المدافعين عن القرامطة، لم نجد فتاة من قبائل عبدقيس أوبكر بن وائل أو غيرها من القبائل التي سكنت المنطقة.
بمعنى أن حرية الفكر والتعبير للمرأة في عهد القرامطة ماكانت إلا دخيلة، أو كانت منبوذة .
ومع انكشاف عام 466 للهجرة، وظهور العيونيين، لم أجد دوراً بارزاً للمرأة ،كما كانت عليه من قبل.
فلم أجدها إلا للتغني على الأطلال بأسلوب العرب الأوئل.
ويلاحظ المتتبع من خلال" ديوان ابن مقرب العيوني الأحسائي " المصدر التاريخي الوحيد والذي يميز دور الرجل الذكوري في ساحات الحروب والغربة والخصومة في السلب والنهب بين أبناء العم.
فهل يعقل أن يكون دور المرأة بهذا الأسلوب؟ .
إلا إذا كانت هذا الظرف هي عبارة عن ردة فعل عما لحق بها مذ زمن القرامطة.
اتتهت حقبة العيونيين، وأتى بعدهم آل جروان، وآل عصفور، ،والجبريين لكن كلهم حذوا حذو العيونيين.
ولعل التاريخ الغامض للأحساء غير المكتوب، أو بسبب البعد المكاني عن مركز الخلافة، لم يذكر أي نشاط سلبي أوإيجابي مؤثر للمرأة في الأحساء.
ومع ظهور الحكم التركي بفترتين اثنتين ، لم يكن حكماً يختلف الشيء الكثير عن مثيلاته من الحكام الآخرين، ذلك لأن الأتراك يراعون الجانب الاجتماعي والقبلي والنفوذ البريطاني المتربص بالمنطقة...
فلم يكن لها دور سياسي بارز، ولم يتعد حدودها إلا في البيع والشراء، والتعليم البدائي "الكتاتيب".
والأرجح أن المرأة في الأحساء لم تكن على قدر كبير من التعليم إلا في زمن القرامطة، فلم تدرس المرأة في الكتاتيب كتب المنطق والحساب.
ولم يكتب لتعليم المرأة في الأحساء، كتعليم نظامي إلا في عام 1319 للهجرة، وفي حي الكوت تحديداً، وسميت المدرسة باسم " الرشيدية"، انتهت بمقاطعة الأهالي لها، كونها تطبق اللغة التركية في مناهجها.
أما الآن في العهد السعودي فقد تغير الوضع ،فتجدها في مجالات مختلفة، ومتعددة: فهي في مجلس الشورى، وفي القطاعات الأمنية ،والتعليمية، والصحية....
فهل ياترى اكتفت المرأة، أم ما زالت
تطمح للمزيد؟
جديد الموقع
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .