2021/01/27 | 0 | 1697
"انكسار الجرة وتفرق مياه الكتابة" مقالات عن مستقبل السعودية - الناقد والشاعر السعودي محمد الحرز: الشباب اليوم هم جيل الفلسفة والرواية.
العرب - محمد الحمامصي
الكاتب أو الروائي أو الشاعر ليس ذاتا منعزلة عن محيطها، بل هو متجذر فيه، منه يستلهم أدبه، وله حول مجتمعه وقضاياه، الفكرية والسياسية والعلمية وحتى الاقتصادية، رؤى وتصورات. فالكاتب مبدع، وعلى المبدع ألّا ينحصر في مجال إبداعه، هكذا وجدنا الشاعر السعودي محمد الحرز مفكرا في واقع الحداثة ببلاده وطارحا الكثير من الرؤى من زاويا الثقافة والأدب والفكر، في كتابه "انكسار الجرة وتفرّق مياه الكتابة".
جمع كتاب “انكسار الجرة وتفرق مياه الكتابة” رؤى وأفكارا للشاعر والناقد السعودي محمد الحرز حول العديد من القضايا الثقافية والفكرية والسياسية والدينية، التي يعتمل بها المشهد العام في السعودية، فضلا عن قضايا الخارج التي تنعكس بشكل أو بآخر على المشهد ونخبه في مختلف المجالات، وقد عالج تلك القضايا عبر التطرق إلى الأدب تارة وتارة أخرى من خلال الفكر والفلسفة وتشعباتهما وصلاتهما بأزمات اللحظة الراهنة.
الكتاب الذي ضم مقالات ودراسات هي حصيلة كتابة أسبوعية لأكثر من عامين في جريدة اليوم السعودية، يشكل قراءة عميقة لما يدور في وعي المثقف داخل السعودية والتساؤلات التي تشغله إزاء ما جرى ويجري داخل المشهد، وقد جاء في فصلين، يقدم الأول مقاربات لظواهر ثقافية واجتماعية وأدبية مستجدة ومرصودة، مثل تجربة التحديث والإصلاح، وتحديات التحديث الثقافي السياسي، والأدب المحلي بوصفه هويات ثقافية مكبوتة، وغيرها، فيما يتناول الفصل الثاني جملة من القضايا الثقافية والفلسفية والفكرية، مثل سردية الإصلاح الديني، الحداثة الأوروبية وأزمة المرجعيات، العلمانية والدين: تاريخ من النزاع والتصالح، أزمة الإسلام اليوم.
تحديث المجتمع
فتتح الحرز كتابه، الصادر عن دار ظلال وخطوط الأردنية، موضحا ماهية عنوانه قائلا “لا يبقى بعد انكسار الجرة سوى المياه التي تنساب كيفما اتفق، في كل الاتجاهات والنواحي، ولا يبقى أيضا سوى صوت الانكسار ذاته يتردد صداه في المسامع، وما بين الصوت والانسياب تتشكل الكتابة وتتحدد ملامحها في هذا الكتاب. بهذه الصورة المجازية التي ظلت تحتل مساحة في تفكيري وشعوري ليست بالقليلة، أردت أن أضع تحت مناخها جملة المقالات والدراسات التي تضم هذا المؤلف، وتعطيه الإيحاء الذي أريد به أن يصل إلى ذهن القارئ”.
ويقول الشاعر “بدأنا كمجتمع سعودي نشكل رأيا عاما حقيقيا يتقاطع ومتطلبات الدولة المدنية الحديثة، حيث التنوع في الآراء مهما كانت قيمتها، وهي في النهاية تعكس التجاوب المطلوب بين ما تطرحه مؤسسات الدولة من حلول لجل القضايا وبين ما يراه المجتمع من حلول مناسبة لقضاياه أيضا، سواء جاءت هذه الحلول أو المقترحات مخالفة أو متوافقة، فالمهم أن يكون ثمة حراك، يدخل ضمن نطاق الحوار الاجتماعي ولا يخرج منه، وهذا ما نسميه الرأي العام السعودي بامتياز”.
ويؤكد الحرز أنه لا يمكن قياس تجربة الإصلاح الاجتماعي في السعودية الجارية الآن بتجارب إصلاحية أخرى حدثت في العصر الحديث على مستوى الوطن العربي، من حيث كونها تقدم نموذجا للسرعة التي يتم فيها مثل
هذا الإنجاز، وللرؤية الاستراتيجية التي تهدف من خلاله للوصول إلى آفاق مستقبلية خدمة للوطن والمواطن، وللأدوات والوسائل التي تعتمد على سواعد سعودية مدربة ذهنيا وعقليا ومهيّأة كلّ التهيئة للقيام بالمهمة على أكمل وجه. هذه المميزات في تجربة الإصلاح والتحديث “السرعة، الرؤية والأدوات” يندر أن تجتمع في تجارب أخرى بنفس الكيفية وبالروابط ذاتها.
ويشير إلى أن من أهم التحديات في التحديث الذي يطول أي مجتمع هي “الانعتاق من التفكير في الماضي، والتخلص من آثاره وتبعاته السلبية على ذهنية الفرد والمجتمع دون السعي إلى الانقطاع عنه تماما، والانفتاح على العالم وتعريف العالم بالهوية الوطنية بأسلوب حضاري وثقافي بامتياز، وتبادل الخبرات في كافة المجالات، واستثمار الإنسان باعتباره إنسانا بالدرجة الأولى”.
ويؤكد الحرز على أن تحديث المجتمع والثقافة أكثر صعوبة من تحديث الدولة، لكن التوازن في التحديث بينهما هو الرهان على نجاح أي مشروع من هذا القبيل، ويقول “السعودية تسير بهدوء في هذا الاتجاه، رغم ما تمر به المنطقة العربية، وما تحيط بها من نزاعات وصراعات وعدم استقرار سياسي وأمني منذ الثورات العربية في
العام 2011”.
الانفتاح والتوازن
يلفت الحرز إلى أنه عند تأمل طبيعة التغيير الذي بدأ يتشكل في أفق الثقافة والمجتمع، فنحن أمام اتجاهين كل اتجاه يعزز الآخر ويدفعه إلى الأمام. الأول، التركيز على إظهار الموروث الشعبي، لمختلف فئات المجتمع في مناطقه المتعددة، على اعتبار أن هذا الموروث يمثل في مجموعه هوية المجتمع وقيمه، التي تربى عليها، فليس الغناء الشعبي وفنونه المختلفة وطقوسه وعاداته وأشعاره وقصصه وحكاياته، إلا الامتداد الطبيعي لإنسان هذه الأرض وتاريخه.
ويشدد على ضرورة السعي إلى إبراز هذا الموروث والاعتناء به، ووضعه موضع الافتخار والاعتزاز، وهذا لا ينم سوى عن التوجه الطبيعي للمجتمعات والدول في إظهار تمايزها بموروثها أمام غيرها، وهذا ما تعمل عليه جميع دول العالم تقريبا. والعمق التاريخي للمجتمع السعودي في الجزيرة العربية يوفر الفرص الكثيرة لاستثمار آثاره على جميع الأصعدة والمستويات، سواء على المستوى الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي كما رأينا في مهرجان شتاء طنطورة في العلا.
ويضيف أنه إذا كان الاتجاه الأول يركز على إظهار ما للموروث الشعبي من أهمية على صعيد الاستثمار وتعزيز ثقافة الإنسان والوطن فإن التركيز الآخر حدد توجهه من خلال ثقافة الترفيه، وهو في عمقه توجه يستدعي ثقافة الآخر، أي كل ثقافة تنتمي إلى أفق الحاضر وتكون جزءا لا يتجزأ من ثقافة العصر الذي نعيش فيه، وهذا هو الانفتاح على العالم كي تكون جزءا منه دون التخلي عن هويتك أو ثقافتك التاريخية.
والترفيه، في رأي الحرز، يحقق هذا المطلب فصالات السينما وحفلات الغناء والموسيقى وجلب المسارح العالمية وتنظيم مختلف الأنشطة والألعاب الرياضية والمسابقات الثقافية هي جميعها تذكرة عبور للمجتمع، كي نقول للعالم نحن مثلكم نحب ما تحبون ونكره ما تكرهون. هذا التوازن بين الاعتناء بالداخل والانفتاح على الخارج هو ما يمكن أن نصف به التجربة التي يمر بها المجتمع السعودي في لحظته الراهنة.
وفي مقاله “جيل الفلسفة والرواية” يقول الحرز “أظن ـ إذا لم أكن مخطئا ـ أن الجيل الراهن من الشباب والشابات في المملكة منفتح على نوعين من المعرفة، شغوف بهما اطلاعا وكتابة، الإقبال على الفلسفة من جهة، والآداب العالمية وبالخصوص الرواية من جهة أخرى. في ما يخص الفلسفة، فلو أخذت جولة على المنصات الثقافية أو الملاحق الثقافية، في بعض الصحف أو الحسابات العديدة في السوشل ميدي، لخرجت بانطباع عام مؤدّاه أن هذا الجيل يمتلك الرغبة في التمايز بالهوية والتفكير وإثبات الذات، عما سبقه من الأجيال، مستثمرا كل التقنيات التي توصله إلى المعلومة، وكل الطرق التي يسهل معها الاتصال الثقافي بين البشر”.
في ما يخص الرواية يرى الحرز أن الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الشرح والتحليل، فتأثير الرواية في آداب العالم منذ دخول الحداثة هو أمر واقع، فكل دارس لتطور في ثقافات العالم لا بدّ أن يأخذ في حسبانه وقع هذا التأثير على مجرى ذاته.
ويضيف “لقد توسعت خارطة المنجز الروائي في المملكة وتعاقبت أجيال وأجيال في كتابته، وظهر روائيون نجوم على مستوى الوطن العربي، لذلك من الصعب بمكان ألّا تجد الرواية حظوة ومنزلة في نفوس الجيل الحالي كتابة وقراءة. ولكن السبب الأقوى في ظني يتمثل في قدرة الرواية على تمثل الذات في جميع حياتها التفصيلية الصغيرة منها والكبيرة، فهذه المساحات التعبيرية لا تحظى بها بقية الأجناس الأخرى التعبيرية. ناهيك أن تاريخ المكبوتات في الثقافة التربوية المتشددة بالسعودية دفعت باتجاه الكتابة الروائية، لأنها الأقدر على تسريب مثل هذه المكبوتات في نص روائي وإن كان في أغلب الأحيان في حدود البوح”.
جديد الموقع
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط
- 2024-03-28 احتفاء جمعية كيان باليوم العربي لليتيم في عيونهم 2/2
- 2024-03-28 دراسة تربط بين السجائر الإلكترونية والسرطان .. واستشاري يعّلق
- 2024-03-28 مداد السلسبيل