2021/03/10 | 0 | 7903
الإحسان إلى النفس
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين خير الخلائق أجمعين ، من بُعث رحمة للعالمين ، محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة الدائمة والعذاب الأليم على أعدائهم ، ومنكري فضائلهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين .
قال تعالى : { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا }
حديثنا في هذا اليوم بعنوان الإحسان إلى النفس ، وانطلاقاً من هذه الآية الكريمة نستظهر بأنَّ أي عمل يقوم به الإنسان ، من الخيرات ، ومن الإحسان إلى الآخرين ، ومن عبادة ، ومن صدقة ،ومن حفظ الجوار ، وغير ذلك من الأعمال الصالحة ، يجد أثارها ونتائجها تعود على نفس الإنسان ، وإن كان بحسب الظاهر أنه أحسن إلى ذلك الفقير ، وساعد ذلك المحتاج ، وأحسن إلى جاره ؛ ولكنه عندما نتعمق نجد أن كل ذلك راجع إلى نفس الإنسان ، { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ}
وكذلك أيضاً في الجانب الاخر بأن الإنسان إذا أساء إلى الآخرين بظلم وبعتداء من سلب حق ، في الواقع عندما نتأمل وندقق نجد بأنه أساء إلى نفسه ؛ لأنه سوف يرى أثار ذلك يوم القيامة - بما أننا نؤمن بالله سبحانه وتعالى ، ونؤمن باليوم الآخر - لا بد أن يكون في نفوسنا وضمائرنا بأننا إذا أحسنا سوف نرى ذلك ، وإن أسأنا أيضاً سوف نرى ذلك .
وروي عن أمير المؤمن ( عليه السلام ) يقول : « ما أحسنت لأحد قط، ولا أسأت إلى أحد ، فرفع النّاس رؤوسهم تعجّباً - كأنهم يتساءلون ويقلون أنت يا أمير المؤمنين كم لك من الإحسان ، حيث كان يصل الفقراء والمحتاجين ، وكان يحفر الابار ويقفها في سبيل الله ، فكيف لم تُحسن لأحد قط ؟! - فقرأ قوله تعالى: ﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾
وهذه هي النظرة العميقة والواسعة لأمير المؤمنين (عليه السلام ) ، يقول يا أيها الإنسان أيها المؤمن أنت في الواقع بحسب الظاهر أحسنت إلى الآخرين ، ولكن عندما تتأمل تجد بأنك أحسنت إلى نفسك ؛ لأنه سوف ترى أثار هذا الإحسان وهذا العمل الصالح في يوم القيامة يعود عليك بالنفع .
وكذلك الإساءة بحسب الظاهر ظلمت أحداً ، وأكلت مال شخص ، ولكن عندما ترى أثار ذلك في يوم القيامة يتبين لك بأنك أسأت لنفسك ، كما يقول تبارك وتعالى : { وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} ، فهذه النظرة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بيان هذه الآية يدلل على عظم علمه ، وعمق ذلك العلم الموجود عند أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
وأيضاً الذي يدلل على هذا - بأن الإنسان إذا أحسن أحسن إلى نفسه - ما ورد أيضاً عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، يقول : ( من فعل معروفاً فإنما صنع الخير لنفسه ) .
ونلاحظ بأن أهل البيت (عليهم السلام ) إذا جاء أحد يسأل منهم العطاء ، من فقير، ومحتاج ، يقلون مرحباً بمن جاءنا بزادنا إلى الآخرة ، يعني يرون بأن هذا المحتاج ، أو هذا السائل ، فتح لهم باباً من أبواب الخير والعطاء فيستأنسون ؛ لأنهم يرون بأن هذا له أثر حسن لهم في يوم القيامة .
و الإمام الصادق ( عليه السلام استشهد بهذه الآية الكريمة - { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } - فهم أعرف بالقرآن الكريم ؛ لأن القرآن نزل في بيوتهم فقد ورد عنه ( عليه السلام) ، في رسالته إلى أصحابه حيث يقول : ( أحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم ) ، ثم قرأ قوله تعالى : { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا }
إذن ما دام أن الإنسان يحسن إلى نفسه ؛ فعليه أن يبادر في عمل الصالحات ، ويبادر في عمل الخيرات ، من صدقة مثلاً، وعمل صالح ، و عبادة ، وصلة رحم ، وغير ذلك .
وأيضاً هناك آيات أُخرى تؤكد على مضمون هذه الآية المباركة
كما في قوله تعالى : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا }
يعني إذا عمل الإنسان خيراً وعملاً صالحاً يراه يوم القيامة ، وذكر المفسرون أقوالاً في معنى تراه ، فقال البعض ترى ثوابه و ترى أثاره ، والبعض قال ترى نفس العمل يتجسد أمام الإنسان يوم القيامة ، في صورة جميلة إن كان العمل حسناً ، وفي صورة قبيحة إن كان العمل سيئاً ، ويؤيد هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى : { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِ…
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط