تعمل أبحاث كلية الهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة هارفارد على تعميق فهمنا لأنواع معينة من الذاكرة طويلة الأمد
هل تتذكر اسم معلم الصف الثاني الابتدائي أو لا هل زلت تتذكر ما تناولته على الغداء اليوم؟ ربما مرت عشرات السنين بين تلك الذاكرتين، ولكن كلاهما يعتبران ذاكرة من نوع الذاكرة طويلة الأمد (1).
اكتشف باحثو علم الأعصاب قبل أكثر من نصف قرن أن الضرر الذي يلحق بمنطقة في الدماغ تسمى الفص الصدغي الإنسي (MTL) يسبب ضعفًا شديدًا في الذاكرة الصريحة طويلة الأمد (2) - وهي ذاكرة الوقائع الصريحة المقصودة والواعية، مثل تذكر الأسماء والتواريخ - ولكن هذا الضرر بالفص الصدغي الإنسي لا يمس الذاكرة قصيرة الأمد جدًا وتبقى سليمة كما هي. قد يستمر المرضى المصابون بتلف في الفص الصدغي الإنسي في متابعة ومواصلة الحوارالقصير، ولكن قد ينسوا تمامًا حدوث مثل هكذا حوار من الأصل بعد مضي فقط دقيقة أو دقيقتين على انتهائه.
لكن من المثير للدهشة أن بإمكان هؤلاء المرضى اكتساب مهارات حركية جديدة والاحتفاظ بها لأيام أو أشهر أو حتى لفترة أطول، مما يفيد بأن تلف الفص الصدغي الإنسي كان له تأثير بسيط جدًا على تذكر المهارات الحركية.
إذًا، ما هي المنطقة في الدماغ المسؤولة عن ذاكرة المهارات الحركية طويلة الأمد، مثل ركوب الدراجة الهوائية؟ هل هناك مناطق مميزة تتشكل فيها الذاكرة الحسية الحركية قصيرة وطويلة الأمد؟ لقد حاول الباحثون الإجابة على هذه الأسئلة لسنوات. [الذاكرة الحسية الحركية تُستخدم لضبط حركات الكينماتيك kinematic عندما تكون خصائص الجسم غير متيقنة ويصعب التنبؤ بمآلات الفعل الحسي (3).]
أثبت باحثون من كلية الهندسة والعلوم التطبيقية (SEAS) في جامعة هارفارد أنه، تمامًا مثل الذاكرة الصريحة، تتشكل الذاكرة قصيرة الأمد وطويلة الأمد للمهارات الحركية في مناطق مختلفة من الدماغ، لكن للمخيخ. دور حاسم في تكوين ذاكرة المهارات طويلة الأمد.
نشرت الدراسة في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS) (4).
"تعزز نتائج هذه الدراسة فهمنا لدور المخيخ في التعلم الحسي الحركي [أي التحكم في التنسيق الحركي والتوازن] وتشير إلى دور المخيخ كبوابة لتشكيل ذاكرة ثابتة للمهارات الحسية الحركية، مستقلة إلى حد كبير عن أنظمة الذاكرة قصيرة الأمد،" كما قال موريس سميث Maurice Smith، أستاذ الهندسة الحيوية في الكلية وكبير مؤلفي الدراسة.
لقد عرف الباحثون منذ فترة طويلة أن المخيخ مهم للتعلم الحركي، لكن الدور الذي يلعبه في تكوين ذاكرة المهارات قصيرة وطويلة الأمد لم يكن واضحًا. لفهم العلاقة بين المخيخ وهذين النوعين من الذاكرة، استلهم سميث والمؤلف الأول ألكيس هادجيوسيف، زميل ما بعد الدكتوراه في الكلية ومستشفى ماساتشوستس العام، الفكرة من مجموعة نتائج سابقة حول التعلم الحركي لدى مرضى مصابين بتلف في المخيخ.
بالرغم من أن جميع هذه الدراسات السابقة وجدت أدلة على ضعف التعلم الحسي الحركي لدى المصابين بتلف المخيخ، فإن حجم هذا الضعف يتفاوت بشكل كبير فيما بينهم.
"مع أن هذا التفاوت قد يكون بسبب الاختلافات في حجم الضرر أو موقعه الدقيق في الدماغ أو بسبب الاختلافات في أنواع مهام التعلم الحركية التي تُوظًف، إلا أنه كانت لدينا فكرة مختلفة،" حسبما قال سميث.
اعتقد سميث وهاجيوسيف أن الاختلافات الدقيقة في الوقت بين المهام التي كُلف بها المشاركون في التجربة - ما يسمونه بـ نافذة الذاكرة [الراحة بين مهمتين أو أكثر] - قد تفسر معظم التفاوتات الملحوظة.
وقال هادجيوسيف: "سيكون هذا هو الحال إذا كانت الذاكرة الحسية الحركية طويلة الأمد ضعيفة على وجه التحديد بسبب تلف المخيخ، لأن نوافذ الذاكرة الأطول ستزيد من الاعتماد على الذاكرة طويلة الأمد الضعيفة".
وكانت الصعوبة هو أن هذه الفواصل الزمنية بين سلسلة التجارب نادرا ما تُذكر في الأوراق العلمية المنشورة. قام سميث وهاجيوسيف بتتبع البيانات الأولية التفصيلية من دراستين من هذه الدراسات، والتي تمكنا من خلالها من تحديد الفواصل الزمنية بين سلسلة التجارب التي خضع لها المشاركون في الدراسة.
وجد الباحثون أن كلا الدراستين كانت لهما فترات زمنية قصيرة بين التجارب إلى حد ما بشكل عام ولم يفد كلا الباحثين إلا عن ضعف بسيط في التعلم للمرضى المصابين بمرض حاد في المخيخ مقارنة بالأصحاء. وهذا يعني أنه عندما طُلب من المشاركين تكرار أداء نفس المهمة، على سبيل المثال، خمس مرات [خمس تحارب]، مع فاصل زمني بمقدار بضع ثوانٍ فقط بين كل تكرار، كان أداء المرضى المصابون بتحلل وموت عصبونات المخيخ (5) أسوأ قليلاً فقط من أداء الأفراد الأصحاء.